تحية الصباح .. في الطريق إلى تدمر

منذ أيام بدأت رحلة العودة إلى تدمر بعد غياب أربع سنوات ذاق أهلها خلالها النزوح والتهجير والتشريد نتيجة إرهاب ظلامي أسود قتل البشر ودمر الحجر وأحرق الشجر .
تدمر ..المدينة الأعجوبة الساحرة التي تتكئ على شرفات المجد والتي ملأت شهرتها أصقاع البلاد سيدة مدن التاريخ وأحلاهن .تدمر ليست موقعاً أثرياً فحسب بل هي مدينة أثرية كاملة لا مثيل لها في الكون عمرها آلاف السنين وما ظهر منها من مكتشفات بعد تنقيب ما يعادل الثلث مما بقي مطموراً تحت التراب ..إنها كنز الوطن ..ولؤلؤة البادية وعروسة الصحراء .
وهي ليست رمالاً تذروها الرياح بل بادية معطاء ..وأرض خصبة ومزارع كثيرة وواحة زيتون ونخيل تضفي على آثارها روعة وجمالاً وبهاء ..وقربها مناجم الفوسفات ..وسبخة كبيرة لاستخراج الملح وتسويقه ..وآبار النفط والغاز وكل ما ذكر يشكل لأبنائها وللوطن دخلاً اقتصادياً مهماً يساهم في بناء الوطن ..ومتانة اقتصاده …تدمر سياحة ..وفنادق رائعة ومنتجعات خضراء ونقاء جو وصفاء …وهواء عليل ليلاً وهدوء ساحر في ليلها الأسمر الجميل .هي أماكن جذب للسائحين الذين يزورون القطر ..وفي مقدمة زيارتهم أهمية …زيارة تدمر التي تعتبر محجاً لهم .
وكم تدر على أبنائها من دخل سياحي يساهم في تطوير حياتهم ..ومدينتهم .إنها تدمر بأهلها الطيبين بصفاء قلوبهم ..ورحابة صدورهم ..وكرمهم ..والتي بكى أمجادها وما حل بها وبأهلها الجميع .
كم يسعدني أن أتحدث عنها والفرحة تملأ قلبي وقلوب الجميع بالعودة إليها ..وأنا ابن هذه المدينة العتيدة التي عرفت وشهدت طفولتي وشبابي وكهولتي قرب حجارتها غنينا ..وخلفنا أجمل ذكريات العمر فيها وهي قصة عشق لا تنتهي أبداً وها نحن نطير إليها بجناحين كبيرين وبقلب خفاق ونصرخ ..نحبك تدمر يا من تحملين إلينا باستمرار أفراح الحياة ولوحة المجد الغافية على صدر الوطن ..وطن عشقناه ..رسمناه ..لوحات فرح وغنيناه قصائد بوح وعشق ونصر ومواويل بطولة .
الطريق إلى تدمر ..ليست طويلة هذه المرة ..كما عهدناها في ظل إرهاب آلمنا هي الآن طريق سالكة بسهولة ..آمنة وليست محفوفة بالمخاطر ..والألغام والمتفجرات طريق مطرزة بورود نيسان ..وعبق الوديان ..والحب والأمان …وهاهم أبناؤها البررة يعودون إليها بعد غياب ونزوح مرير وقاس يعودون وفي أعماقهم صهيل أحصنة لا تتعب فرحاً وشوقاً لها …وفي عيونهم دموع فرحة غزيرة للقائها ..ورؤيتها ومعانقتها إنّهم يعودون إلى حضن الوطن الدافئ العطر الحنون بفضل تضحيات جنودنا ..ودماء شهدائنا الذين أعادوا الفرح لأبنائنا والبسمة لأطفالنا .
أيها العائدون إلى تدمر موطن الآباء والأجداد ..أطفالاً وشباباً ورجالاً ونساء وشيوخاً أهلاً بكم ووجهها الجميل بعد غياب يفتر عن ابتسامة مثل الربيع لاستقبالكم وأنتم الأوفياء لها والعاشقون، بعودتكم تزهر ..وتورق وبوقع خطواتكم تفخر وتعمّر ..وإن كانت العودة صعبة في بدايتها لكن الطريق الطويلة تبدأ بخطوة ..تتبعها خطوات تسهل شيئاً فشيئاً وتريح الجميع ..بالصبر وتحمل المشاق والتضحية والتعاون والعمل تعمر تدمر ..ويعاد مجدها وألقها وإن كانت مرحلة الإعمار قد تطول أو تقصر حسب الإمكانيات المتاحة ..لكن عودة واستقرار بعض عائلاتها حالياً فيها هو بشائر أمل وبداية إعمار ..وحياة جديدة سعيدة بعد معاناة وألم .. تحية لكم أهلنا في تدمر وأنتم عائدون بشوق وفرح ..تحية لأرواح شهدائنا الذين رووا تراب تدمر ..وصبغوا بدمائهم حجارتها وأوابدها ..تحية لكل شهداء الوطن وتحية لكل من يساهم في عودة أهلها وإعمارها وأقول :
مهما تمادى الغرب في إرهابه
ستظل تدمر في صمود تقهر
ستظل تهزأ بالظلام وتزدهي
وتعود للمجد العظيم وتعمر

برهان الشليل

المزيد...
آخر الأخبار
في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج... فرز الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية إلى عدد من الجهات العامة أفكار وطروحات متعددة حول تعديل قانون الشركات في جلسة حوارية بغرفة تجارة حمص بسبب الأحوال الجوية… إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه الملاحة البحرية مديرية الآثار والمتاحف تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول اكتشاف أبجدية جديدة في تل أم المرا ب... رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من القطاعات القبض على مروج مخـدرات بحمص ومصادرة أكثر من 11 كغ من الحشيش و 10740 حبة مخـدرة "محامو الدولة "حماة المال العام يطالبون بالمساواة شراء  الألبسة والأحذية الشتوية عبء إضافي على المواطنين... 400ألف ليرة وأكثر  سعر الجاكيت وأسواق الب...