إن البحث في ماهية الإنسان بوصفه الكائن الوحيد من بين كل الكائنات على الأرض لديه القدرة على الكلام الذي هو أداة التواصل المباشرة بين الناس وهو الكائن الوحيد الذي لديه القدرة على التفكير و هو محصلة امتلاكه عقلا يميزه أيضا عن باقي الكائنات ويستطيع من خلاله تفسير الظواهر الطبيعية وتحليلها ومعرفة أسبابها وهذا يمكننا من القول: إن جوهر الطبيعة البشرية يكمن في خاصيتي الاجتماعية والثقافية اللتين تتكاملان فيما بينهما من جهة كما أنهما تعتمدان على بعضهما اعتمادا كليا فالمجتمع هو جماعة يتقاسم أفرادها ثقافة مشتركة كما أن الثقافة تنشأ من تفاعل أفراد المجتمع ، وهاتان الخاصيتان هما سر تفوق الإنسان في معرض التنافس الكوني وقد تطور هذا المفهوم بصورة خاصة في نطاق كل من علم الاجتماع وعلم أصول الإنسان , وحركة حياته منذ وجوده على الأرض حتى يومنا هذا نحو الأمام فقد صارع من أجل البقاء فعاش في جماعات تساعدت مع بعضها في تأمين استمرارية الجنس البشري سيدا لهذا الكون بلا منازع , لم يكن الإنسان ايجابيا في كل شيء فكما سعى لتسخير الأشياء من حوله لتكون في خدمته من خلال جملة التطورات المذهلة التي نشهدها منذ نهاية العقدين الأخيرين في القرن العشرين خاصة في مجال ثورة المعلوماتية وذلك في مجال التواصل بين الأفراد والمجتمعات إلا أن تلك المسيرة لم تبق من دون منغصات فقد كان اكتشاف البارود نقطة تحول كبيرة خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نتائج الحروب بين الشعوب وعدد القتلى الذين راحوا ضحيتها وهذا الأمر كان بفعل أطماع الدول الاستعمارية وسعيها الدؤوب للسيطرة على الموارد الاقتصادية الموجودة على كوكب الأرض أينما وجدت وبشكل خاص في منطقتنا العربية حيث اختلفت أشكال ذلك الاستعمار لكن الغاية واحدة ولا ننسى هنا أن نشير أن تلك الدول عملت على استغلال التطور الهائل للعلوم وتسخيرها في مجال الصناعات العسكرية والتفنن في صناعة أحدث الأسلحة الفتاكة لقتل الجنس البشري.
لم تكتف تلك الدول بغزونا عسكريا بل عملت في الآونة الأخيرة إلى غزونا من خلال فرض ثقافاتهم علينا عبر الغزو الفكري المبرمج والمخطط له عبر أمرين اثنين : الأمر الأول فرض عاداتهم وتقاليدهم علينا عبروسيلة واحدة هي وسائل التواصل الاجتماعي ومن واقعنا القريب نأخذ مثالا حيا فمنذ أيام قليلة مر عيد الفطر ونحن نعرف جميعا أن مجتمعنا السوري له عاداته وتقاليده خاصة في المباركات وتبادل التهاني التي كانت تتم من خلال الزيارات المتبادلة بين الأهل والأقرباء والجيران والسهرات العامرة بالأفراح والضيافات والتي تمتن الروابط الاجتماعية وتزيد من تلاحم أبناء المجتمع في كل المناسبات لكنها اليوم أي المباركات تتم عن طريق الرسائل في الفيسبوك والواتس وحتى بين الجيران والأمر الآخر هو الألعاب التي تصدر إلينا عبر تطبيقات الفيسبوك والتي تأخذ جل وقت الشباب وتعمل على إضاعة الوقت على حساب تحصيلهم العلمي وتجعلهم عدوانيين بفعل مضمون تلك الألعاب وهذا الأمر يعمل على تغيير بنية مجتمعاتنا بما يخدم أعداءنا .
فهل سألنا أنفسنا نحن إلى أين ؟
شلاش الضاهر