ما زال شبح الامتحان يسيطر على حياة أبنائنا الطلاب وأسرهم الذين يشاركونهم حالة القلق قبل وأثناء فترة الامتحانات النهائية في مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي وحتى المرحلة الجامعية التي تبدو أنها ذات خصوصية معينة تنبع من مزاجية بعض الدكاترة وأساليبهم التي لا علاقة لها بكل الأساليب التربوية والتعليمية في تلك المرحلة المهمة من حياة أبنائنا الطلاب وهذا يفرض حديثاً آخر يسلط فيه الضوء على تلك الأساليب التي يفترض من رئاسة الجامعة أن تحد منها وتكافحها لأنها تمثل حالة شاذة وغير صحية ينبغي التخلص منها .
المهم أن الضغوط على أبنائنا الطلبة في هذه الفترة المهمة من حياتهم بسبب تأثير الامتحانات النهائية في شهادة التعليم الأساسي والثانوي ما زالت تسيطر بشكل كبير على الطلاب وعلى كل الأسر وهذا بالطبع يجب أن تنتبه له الجهات المعنية وتبحث بشكل جدّي في الأساليب والطرق التي تبعد هذا الشبح الذي له منعكسات نفسية وجسدية وتأثيرات كثيرة ترتد بشكل سلبي على أداء الطلاب مما يؤدي إلى نتائج غير مرضية على كافة المستويات .
اعتقد أننا جميعاً- كعائلات تحتضن الطلاب ، وكمجتمع يتألف من المعلمين والمدرسين- معنيون بهذه المسألة وعلينا أن نبحث بشكل فعلي عن الأساليب والطرق التي تزيل هذا الشبح وتطرده خارج حياتنا …
فالأسر الحاضنة للأبناء الطلاب يفترض أن تساهم في إزالة كافة المخاوف وأن تفهم وتستوعب أن المهم في نهاية الأمر ليس المجموع العالي لأن كل طالب يكون قد قام بواجبه في التحضير والدراسة وعلى الأهالي أن يتقبلوا النتائج مهما كانت وأعتقد أن هذا الأمر يعطي الطالب الراحة النفسية على أقل تقدير فمعظم الطلاب يكونون في الأيام الأخيرة من خوض الامتحانات متخوفين من الامتحان ولديهم شكوك كثيرة من عدم القدرة على الإجابة على كافة الأسئلة وتبدو ثقتهم مهزوزة بقدراتهم وبما يمكن أن يحققوه في قاعة الامتحان ، فالتهديد والوعيد من قبل الأهالي لن يعطي إلا نتائج عكسية ، ستزيد الطين بلة ولن يستطيع الطالب أن يحقق النتائج المرجوة فهناك من دفع مئات الآلاف على الدورات التعليمية والدروس الخصوصية ومن غيرالمفيد والمجدي أن يقوم الأهالي بتذكير أبنائهم الطلاب بأنهم دفعوا تلك المبالغ وأن النتيجة يجب أن تكون معادلة لتلك المبالغ التي وضعت فمن دفع تلك الأموال للدورات التعليمية والدروس الخصوصية يجب ألا يجعل مادفعه مثار مزايدة وتهديد وابتزاز لأن تأثير ذلك لن يكون محفزاً للطلاب ولن يأتي بأية نتيجة ايجابية بل ستكون عاقبته معاكسة تماما وربما وخيمة … وأعتقد أن هذه الناحية هامة جداً فالجو الدراسي والراحة النفسية من العوامل المهمة التي يجب أن تتوفر للطلاب وإلا فالنتائج لن تكون في صالح أحد وقد سمعنا عن حالات كثيرة وحوادث مؤسفة نتيجة تلك الضغوط التي مورست وتمارس على الطلاب خلال فترة الامتحانات وأعتقد أن أهم مسألة يجب توفيرها من قبل الأهالي في هذه المرحلة هي توفير الراحة النفسية والأجواء الملائمة وتخفيف الضغوط والاستماع للأبناء ومعرفة مخاوفهم وإعطائهم بعض الفسحة خلال هذه الفترة العصيبة التي تعتبر منعطفاً هاماً في حياتهم حيث أن النتائج ستكون محددة ومفصلية لخياراتهم القادمة التي يفترض أن نساعدهم على أن تكون الأفضل من خلال العمل على تحقيق التوازن النفسي الذي يلعب دوراً كبيراً في تحقيق نتائج أفضل .
الامتحانات تحمل الخوف والرهبة ليس عند الطلاب بل عند كبار الشخصيات والتاريخ يذكر لنا أن نابليون بونابرت مثلاً كان يشعر بالخوف والرهبة من الامتحان وليس هو بل معظم الشخصيات المهمة والمؤثرة في العالم والتي لديها تجارب وحضور وثقل في المجتمعات التي تعيش فيها , وإذا كانت تلك الشخصيات الكبيرة تعيش تلك الحالة من الخوف والقلق والرهبة , فكيف بأبنائنا الطلاب الذين لا يمتلكون أي تجربة وخبرة حياتية تدعمهم في الوقوف بشكل قوي أمام الامتحانات .. لاشك أن الآباء والأمهات هم القادرون على إزالة وتخفيف آثار تلك المخاوف واقتلاعها من نفوس الطلاب .. ومن ينجح بذلك يكون قد أنجز شيئاً عظيماً وقدم خدمة كبيرة لأسرته وللمجتمع …
عبد الحكيم مرزوق