تحية الصباح .. الفساد ؟؟؟

إنَّ الحديثَ عن الفساد يُعدُّ حديثاً من نوافل القول ، ومن المُضحك المُبكي في زمنٍ لم يعدْ فيه جدوى للبكاء الذي فقد فيه الدّمع دلالتَهُ ، وصار مجانياً بفعل ما اعتادت عليه العين من مشاهد ، وما ترسَّخ في القلب من غصّات بفعل الحرب التي عشنا سعيرها ، واكتوينا وما زلنا بنارها ، جماعات وأفراداً ومؤسسات ، تلك الحرب التي أُريدَ لها أن تأكل الأخضر واليابس لولا حكمة قائد آمن بعدالة القضية ، وجيش ناضل ، وشعب صبر فظفر ، وقد كشفت الأحداث التي مرَّتْ ببلدنا العزيزة أنها كانت أزمة أخلاق على المستويات كافة … فمن أزمة أخلاق على المستويين : الغربي والعربي إلى أزمة أخلاقية على مستوى ضعاف النفوس من مستخدمي الداخل لمصالح الخارج المرتهن بدوره إلى مصالح أكبر من دائرة عقله وفهمه وتفكيره ، وفي غياب هذا الرادع الأخلاقي نجد الفساد في أبشع صوره يتجلّى في استغلال المنصب لجني مكاسب ذاتية ، وتكديس مزيد من الأرباح ، كأن هؤلاء لم يعتبروا ممّا يحدث ، ولن يعتبروا بأن القبر هو المآل ، وأن التراب هو المصير ، ، ومن هنا تتبدَّى خطورة استمرار هذه الآفة التي تستشري في الجسد الوطني ، فالسرطان الذي لا يستأصل العضو المصاب به سيكون خطراً على الجسد كله ، وربَّما هلك وأهلك الجسم معه .
وأنت تتأمل كل يوم ما يُكتب فيه وعنه تكاد تصاب بالدهشة من كثرة الأحداث والوقائع التي تجرُّ بعضها بعضاً ، وأمام هذا السيل الجارف من أشكاله وتصنيفاته تجد نفسك مُجبراً على بلع الموس على الحدّين كما يقول المثل ، والسبب أنَّ ثمة سؤالاً ربما لن تجد الإجابة عنه مهما فتّشت أو قلَّبت كلَّ المعاجم اللغوية ، وإذا كان ليس من المستغرب أن يكون هناك فساد ، فإن الذي يدعوك للحيرة هو أن كثيرين يتحدّثون عن الفساد وضرورة محاربته هم من يمارسون الفساد ، فترى في كلامهم ما يدعوك للتفاؤل !!! ، ومن هنا تتبدى الأزمة الكبرى في الأخلاق التي وصل إليها ــ مع الأسف ــ كثير ممن يُنظّرون عن الفساد ، وهم أكثر الناس ممارسةً له في أفعالهم وتصرفاتهم ، وبعضهم استغلوا المواقع والمناصب التي احتلوها على غير وجه حق ، ولا عن كفاءة ، أو اقتدار وتمييز في ممارسة المزيد من سلوكيات الفساد والإفساد على مختلف الأصعدة ، وفي مجالات تمكّنهم وتمكينهم المختلفة حتى بدت الظاهرة عادية والممارسة حق مشروع لهم ، بل بدأنا نسمع بمصطلحات تحاول أن تبرر الفساد بفساد التسمية على المسمى ، وتسويغ تلك المصطلحات في ظل غياب المحاسبة ، وتسليط الضوء على نقاط الخلل التي بدت كالسوس الذي ينخر جسد كثير من مؤسساتنا ، وفي هذا السياق قد لا تستغرب تنظير الفاسد عن الفساد ، لأنَّ الأمور تُعرَف بنقائضها ، فالكاذب يتحدَّث عن الصدق ، واللص يحدّثك عن الأمانة ، وهكذا تكثر المتناقضات في زمن وواقع يبدو فيه المتناقض هو السائد ، والمنسجم المتناسق هو الشاذّ ، هذا الزمن الذي أستميح الشاعر العراقي قوله لأصفه به :
قتلتْنا يا مولايَ الرّدةْ
قتلتْنا أنَّ الواحدَ منَّا
يحملُ في الدَّاخلِ ضدَّهْ
ومن هنا فلا بدَّ أن يكون إعادة البناء في هيكلة الإدارات ، وتوصيف المرض لمعرفة علاجه ، ويكون ذلك بتطبيق مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب بعيداً عن المساومة والمحاصصة ، والرغبات الشخصية ، ومحدودية النظرة التي لا ترى في غير ذاتها مصلحة وطنية مهمة ، ولا تبتعد عن ذاتها لتحقيق مآربها الشخصية .

د. وليد العرفي

المزيد...
آخر الأخبار
في ختام ورشة “واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة”.. الجلالي: الحكومة تسعى لتنظيم هذه... سورية: النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الج... فرز الخريجين الأوائل من المعاهد التقانية إلى عدد من الجهات العامة أفكار وطروحات متعددة حول تعديل قانون الشركات في جلسة حوارية بغرفة تجارة حمص بسبب الأحوال الجوية… إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه الملاحة البحرية مديرية الآثار والمتاحف تنفي ما يتم تداوله عبر وسائل الإعلام حول اكتشاف أبجدية جديدة في تل أم المرا ب... رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من القطاعات القبض على مروج مخـدرات بحمص ومصادرة أكثر من 11 كغ من الحشيش و 10740 حبة مخـدرة "محامو الدولة "حماة المال العام يطالبون بالمساواة شراء  الألبسة والأحذية الشتوية عبء إضافي على المواطنين... 400ألف ليرة وأكثر  سعر الجاكيت وأسواق الب...