في زمن لايشبه هذا الزمن ،اعتاد فيه الأولاد على الاستماع إلى حكايا قبل النوم يرويها أحد الوالدين ، بطقس حميمي يشعر فيه الصغار بالطمأنينة والأمان ، في ذلك الزمن كنا ننعم بدفء الروابط الأسرية ، ونتبادل الأحاديث مع أهلنا وأفراد أسرتنا ، بعيداً عن الشاشات الزرقاء التي جعلت كل فرد منا يعيش منعزلاً في جزيرة خاصة بحجم راحة اليد اسمها ( الهاتف المحمول ) الذي اقتحم حياتنا بقوة ، ووضعنا أمام تسونامي الكتروني أوقعنا في محنة الإدمان على الإنترنت بكل ما يحمله هذا الإدمان من سلبيات أدت إلى ظهور بنى اجتماعية هشة ، وروابط أسرية مفككة ، حيث يكبر الأولاد في جو ينعدم فيه التواصل مع الآباء ويقضي فيه أفراد الأسرة جل أوقاتهم وهم يحدقون في شاشاتهم ، فتمر الأيام والأهل بالكاد يعرفون خصال أبنائهم ولا يكتشفون ميزاتهم ، بسبب انعدام الحوار اليومي الذي يبني شخصية الطفل ويجنبه الوقوع في الأخطاء والمهالك لأن المعلومات التي يحصل عليها من الانترنت مواقع التواصل الاجتماعي هي في الغالب غير دقيقة وقد تكون مضللة وهنا تكمن الكارثة ، وما نسمعه عن انتشار ألعاب الموت على الشابكة وانقياد الأطفال لها ، وحالات الانتحار المؤسفة التي تحدث في غفلة من الأهل تضعنا أمام واقع مخيف ومستقبل مجهول ينتظر أبناءنا فلذات أكبادنا .
مخطىء من يظن أن امتلاك أطفاله للأجهزة الذكية في سن مبكرة يعني انفتاحاً ومواكبة للعصر لأن رئيس شركة مايكروسوفت شخصياً لا يسمح لأبنائه بامتلاك هواتف محمولة قبل بلوغهم سن الرابعة عشرة ويمنع وجود الأجهزة الذكية في أماكن من بيته مثل مائدة الطعام وغرفة النوم لكي يحافظ على علاقاته مع أفراد عائلته .
أبناؤنا أمانة في أعناقنا ومرحلة الطفولة هي مرحلة قصيرة يجب أن نقضيها معهم في جو صحي مليء بالدفء والرعاية والاهتمام
سمر المحمد
المزيد...