البداية الأزلية للإنسان كان أساسها العمل ، وبه وحده اقتحم الإنسان هذا الفضاء الدنيوي ، وكانت الدعوة الى العمل دعوة أيضاً الى حب الحياة والعيش فيها بكرامة لأن العمل يصون للإنسان إنسانيته التي تميزه عن باقي المخلوقات ويصون النفس من الانحراف والفقر والجريمة والسطو ، بينما تدمر البطالة الإنسان وتدفعه الى اليأس .
الذاكرة الشعبية تحدثت عن العمل وحضت عليه عبر أمثال معروفة (كل شيء بالأمل إلا الرزق بالعمل ) .
أكثر الشعوب حباً للعمل هم اليابانيون ، فالعمل بالنسبة لهم يشكل إدماناً حقيقياً وهذا ما يفسر نهوض اليابان بعد الحرب وتطورها لتضاهي أكثر الدول المتقدمة صناعياً ، والياباني يحب العمل ويكره الراحة ولا يستخدم سوى نصف رصيده من الإجازات السنوية والطريف في الأمر أن الحكومة اليابانية حاولت حث الناس على تقليل ساعات العمل من خلال الدعايات التي تزين الاسترخاء عبر رفع شعار ( إن أخذك لإجازة دليل على كفاءتك) ، دون فائدة ترجى.
أحد العمال اليابانيين يزور الطبيب يوم العطلة فقط بسبب ألم حاد في رقبته فإذا جاء يوم العمل نهض نشيطاً معافى ونسي آلامه كلها !! أهم مافي العمل أن يشعر الفرد بأنه ليس آلة ولا مؤدياً لوظيفة مثل إنسان آلي ، وأن يضيف الى عمله من شخصيته ومن مظاهر غربة الإنسان في البلدان الصناعية شعوره بأنه عبد وخادم للآلة وليس العكس.
كل الأعمال مهمة مهما كانت بسيطة ، والأهم أن يحب الإنسان ما يقوم به من عمل لأن حب العمل أساس النجاح به لذلك نجد مدرساً ناجحاً وإعلامياً متفوقاً وطبيباً ماهراً ، وآخر فاشلاً.
المجتمعات القادرة على خلق فرص عمل لأبنائها هي مجتمعات متطورة بينما تكثر الأمراض الاجتماعية حين تكثر البطالة وتقل فرص العمل .
سمر المحمد
المزيد...