ما فائدة أن نبحث بأسباب الداء وسبل العلاج لظاهرة ما إذا كان هناك إجراءات وقوانين تنظم وتبت فيها ولا سبيل لتطبيقها و«محلك سر» منذ سنوات ….
حالة الهلع والخوف التي يخلفها سائقو الدراجات النارية أو «المتورات » لم يفلح مسؤولونا في الحد منها وتنظيم عمل سائقيها ،رغم أن قانون السير حدد وجهة سيرها وسرعتها وأعمار ممتطيها …لكن التنظير والتأطير لا يأتي بنتيجة تذكر إن لم يرافقه تنفيذ وملاحقة وعقوبات رادعة تطال هؤلاء المستهترين العابثين بأمن وأمان وسلامة المجتمع …
فالاستعراض الحامي الوطيس الذي يقوم به بعض المراهقين المتهورين بسباق خطير في شوارع فرعية ضمن الحارات الشعبية لا يمكن أن يمر مرور الكرام دون أذيات نفسية ومادية بالغة ،وحوادث سلب ونهب و«تشفيط» وأصوات مزعجة مترافقة بأغانٍ شعبية صارخة لا حرمة فيها لنائم أو مريض أو طفل رضيع أو مسن لا حول ولا قوة له…
و«جرثومة »الاستهتار المعشعشة بعقول هؤلاء ليس بالضرورة أن يكون مردها الأخلاق وافتقاد الرادع و النرجسية والأنا المتورمة ،فهذه سلوكيات لا يمكن لجهة رقابية تقويم اعوجاجها كونها تعود إلى أساسات وجذور تربوية بيتية ،لكن ما يعزز انتشار هذه الجرثومة الخبيثة هو انعدام الملاحقة وافتقاد الرقيب والحسيب الذي يضع المخالفين وجهاً لوجه أمام المسؤولية القانونية والتدابير الجنائية التي تردعهم وتروض المستهترين بالامتثال أمام واجباتهم الأخلاقية تجاه مجتمعهم فهؤلاء المتهورون معظمهم مراهقين تحت السن القانونية لا يحملون شهادة سواقة تخولهم القيادة التي هي «فن وذوق وأخلاق » وتحد من إزعاجهم وحوادثهم التي غالباً ما تقيد ضد مجهول كون «الفاعل» الخارق الذي استعرض عضلاته ذهاباً وإياباً وأزهق روحاً بشرية لا يجد سوى الفرار رجولة ،ولن يفيد الضحية عندها كل السباب والشتائم التي توجه للجاني ولا تعويض يسترد فيه جزءاً من صحته وعافيته التي ذهبت تحت أدراج دراجة درج سائقها على اختراق القانون وتجاوز الأنظمة المرعية عندما لم يجد من يضع لتهوره حداً ؟….قرأت قصة قصيرة مؤثرة لرجل من أصول أفريقية ويدعى «كوامي اجامو» اتهم بقضية قتل وحكم عليه بأربعين عاماً تمت تبرئته من التهمة بعد هذه المدة الطويلة ،وطلب القاضي من المتهم المظلوم أن يطلب تعويضاً ينصفه ويليق بعمره الذي ضاع خلف القضبان ظلماً حتى يحكم له به تعويضاً عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق به فجاء رد المظلوم مدهشاً وهو: «إعادة النظر في القوانين التي سببت ظلمه ولم يطلب تعويضاً مادياً على عمر ضاع في السجن «وفهمكم كفاية ..درهم وقاية خير من قنطار علاج .
الدراجات النارية تتسبب بعشرات الأذيات والوفيات سنوياً ونحن لا نزال نتأسى ونسب ونشتم دون أن نتخذ إجراء وقائياً يضع نقطة آخر السطر ويحد من تفاقم هذه الظاهرة الخطيرة ..
العروبة – حلم شدود