تحية الصباح ..في ذكرى سليمان العيسى !!

لم يكن بوسعه أن يرد على مكالمتي …بينما كنت أترقب أن أسمع صوته جاءني صوت نسائي ،وكان علي أن أعرف بنفسي ،كما تقتضي الأصول المتعارف عليها كان طريح الفراش ،وكانت زوجته تتولى الرّد على مكالمات الأصدقاء من داخل سورية وخارجها ،وكان المرحوم الشاعر الكبير سليمان العيسى يعالج في مشفى الأسد الجامعي بدمشق .

الدكتورة ملكة أبيض ،التي رحلت بعد سنوات قليلة من رحيله،أخبرتني بأن “سليمان “كما كانت تردد اسمه” لا يستطيع التحدث ،وسوف تبلغه تحياتي وتمنياتي له بالشفاء العاجل .

أكثر من عشرين زيارة لمنزله /تشرفت بها ….و لقاءان في حمص ولقاءان في  عمار الحصن …جمعاني به وفي وقت امتنع فيه عن إعطاء أي حديث للإعلام ،خصني بحديث نشر في هذه الصحيفة في أثناء مهرجان حمص الثقافي الفني عام 1998 ،وأعادت نشره صحيفة الثورة بعد أسبوع من نشره في “العروبة ”

في التاسع من شهر آب عام 2013 رحل سليمان العيسى ،تاركاً عشرات الدواوين والكتب .

المدهش في هذه الشخصية ،التواضع والذاكرة الفولاذية  إذا شاهدك مرة واحدة وللحظات ،فسوف يفاجئك أنه يعرفك ويناديك باسمك !!والتواضع صفة قلما يتصف بها المشاهير فالرجل /بلباسه /وحديثه وأسلوب حياته ،يحب الصغار والكبار ،ويدهشك بالسؤال عن أسرتك وأولادك !!

أحاديث الشاعر قد تكون وردت في كتاب الدكتورة ملكة أبيض بعد رحيله  لكنها تشكل كتاباً مستقلاً في كل مرحلة من مراحل حياته  وإذا كان بعضها قد ورد في كتابَي “ثلاثة شعراء / “أحاديث وذكريات “فإن حديثه الباذخ في الوفاء للمرحوم زكي الأرسوزي ،رفيقه والمؤسس الفكري لحزب البعث ،هو الأهم بنظري لأنه يلقي الضوء على مرحلة من أهم المراحل التاريخية التي مرّ بها قطرنا .

أخبرني رحمه الله أنه عاش مع الأرسوزي في منزل متواضع في حي السبكي بدمشق ومعهم مجموعة من الطلاب اللوائيين الدارسين في مدرسة “جودت الهاشمي .

شاعر العروبة شاعر الطفولة شاعر البعث ..ألقاب نالها سليمان العيسى بجدارة ورددها العرب في كل أقطارهم فقد أخبرني أنه في زياراته العديدة للدول العربية كان يضطر للاعتذار عن البرنامج الرسمي للزيارة ،لأن مواطنين من تلك الدول كان يدعونه إلى بيوتهم… إن سليمان العيسى من الذين يستطيعون الاستغناء عن الضيافة الرسمية لأي بلد عربي ،لأنهم يجدون الكثير من المعجبين الذين يدعونهم إلى منازلهم …!!

قبل أيام تعمدت المرور في المنطقة التي تقع فيها “مدرسة الشاعر سليمان العيسى فإذا هي خراب بسبب العصابات الإرهابية وسوف تمتد لها يد الوطن لتعود من جديد ،ويعود أطفالها ينشدون :

/فلسطين داري ودرب انتصاري /و/عمي منصور نجار /…

وله بيت من قصيدة طويلة يهز الوجدان

/أمة العرب لن تموتي                     وإنّي أتحداك باسمها يا فناءُ/….

عيسى إسماعيل

المزيد...
آخر الأخبار