ارتفاع الأسعار المزمن بات أكبر من كونه مشكلة أو هماً يومياً يسرق النوم من عيون الذين يجدون صعوبة بالغة في تأمين متطلبات الحياة اليومية, وصار هاجساً كبيراً يجثم على الصدور ويكاد يخنق المواطنين الذين يرزحون تحت متطلبات عيش كثيرة, وبات تأمين الضروري منها فقط يكلف مبالغ طائلة.
ونحن هنا لا نطلق مجرد كلام ليس له أساس من الصحة على أرض الواقع بل هو حقيقة مرّة, فبين ليلة وضحاها نجد أن أسعار الخضار والفواكه تجاوزت الحدود وفاقت الوصف حيث أصبح كيلو البندورة الواحد يباع بحدود 225 ليرة ومن المعروف أن البندورة من العناصر الهامة في غذائنا كما أنها من المكونات الرئيسة في أغلب أنواع الأطباق ,ولا نقصد هنا أطباقاً غالية الثمن أو مكلفة بل نؤكد أنها أطباق وأكلات شعبية كالبرغل ببندورة و البطاطا مع البندورة وكذلك الكوسا ومطبق الباذنجان ناهيك عن السلطات و…..الخ من القائمة التي تطول وتطول.
أما البطاطا والتي لا يستغني عنها أصحاب الدخل المحدود في غذائهم لأنها وكما يصفها الكثيرون بلحم الفقراء فقد لامست الـ 250 ليرة علماً أنها ليست (قلع جديد كما يقال) بل مخزنة بالبرادات وغير مرغوبة من قبل الكثيرين, أما الخيار فوصل لحدود 300 ليرة,والفاصولياء (عيشة ) يباع الكليو منها بحدود 650 والفرنسية بـ 450 ليرة واللوبياء بـ 500 ليرة,أما السلق فالكيلو الواحد منه بـ 200 ليرة,والليمون الأخضر بـ 350 ليرة والبصل اليابس بـ 200 ليرة, والباذنجان البلدي بـ 110- 120 ليرة , والأسود ( للمحاشي) بـ 200 ليرة أما الكوسا فتباع بـ 300 ليرة للكيلو الواحد, فيما يباع كيلو الخس بـ 150 ليرة وباقة البقدونس الواحدة بـ50 ل.س, وكذلك باقة النعنع …وهنا لابد من التذكير أن جميع ما ذُكِرَ أعلاه يشكل مواداً وعناصر أساسية تعتمد عليها الأغلبية الساحقة في غذائها وتبتعد بشكل تدريجي (إن صح القول) عن اللحوم بنوعيها البيضاء والحمراء لأنها لا تناسبها (ليس صحياً إنما مادياً !).
وإذا ما تطرقنا إلى أسعار الفواكه فنجدها تغرد خارج سرب الحسابات والقدرة الشرائية حيث يباع كيلو الدراق بـ 550 ليرة,والعنب بـ350-400 ل.س ويتراوح كيلو التفاح مابين 150 و350 ليرة حسب الحجم والنوعية, ويبلغ سعر كيلو الإجاص الواحد مابين 350 و400 ليرة, أما الموز (الصومالي )فيباع ب750 ليرة والجزر بـ 300 ليرة.
يتساءل كثيرون ….ما سبب هذا الارتفاع اللامعقول علماً أنها من خيرات بلادنا وأن الأراضي الزراعية تغدق علينا بمواسم وفيرة؟ والأهم من هذا وذاك أن الفلاح الذي يتعب ويكد عاماً كاملاً لا يجني من حصيلة تعبه إلا ما يسد به الرمق, ولا يغطي نفقات العملية الزراعية من بذار وشتلات وأسمدة وحراثة ومبيدات حشرية وأدوية زراعية ووقود …الخ ويبيع بأرخص الأثمان للسماسرة والتجار الذين يلعبون دوراً بارزاً في رفع الأسعار والتلاعب و التحكم بها بحيث تصل للمواطن وكأنها بالخيال…فرغم تفاوت الأسعار من سوق إلى آخر ومن حي إلى آخر وكذلك من بائع لآخر إلا أن الصفة العامة هي التحليق المستمر وما من رقيب يضبطها….وإذا كنا قد عرجنا على أسعار بعض الخضار فلأنها أكثر ما يهم المواطن المغلوب على أمره ليسد به رمق أسرته ,(مع التأكيد أن الفواكه باتت من المنسيات عند الكثيرين) , ولن نتطرق إلى بقية المواد والاحتياجات والتي تكون أية أسرة بحاجة ماسة إليها ومع ذلك تغض الطرف عنها لأنه ليس بالإمكان تأمينها إلا في حالات الضرورة القصوى.
العروبة – مها رجب
تصوير: إبراهيم الحوراني