الأديب د . (هيثم يحيى الخواجة ) علم في الثقافة ، علم في فن المسرح ، علم في أدب الأطفال، علم في النقد، علم في الطيبة والأخلاق والوفاء، يغرف من بحر المعرفة الراقية، وينحت في صخر الكلام الهادف، وينسج حياة ثقافية جديدة .
لقد كانت حياته قصيدة ، تحاك بخيوط حكاية شعبية، تحكي سيرة هذا المبدع ، لأنها حافلة بالتجارب المعبرة، والعاطفة المشبوبة،والتحفز للانطلاق من الواقع إلى الخيال ومن الخيال إلى الواقع بأسلوب غنائي ولغة مرنة ، وموسيقا ثرية، فهذا حبره دم أساله، وقلمه غصن حطت عليه بلابل الإبداع، وشعره بيت سكنه ، فالكلمات شربت من معينه ، هو قائد نظرية حديثة في الفن، كان ذاتيا ً، فأصبح ذا أثر جماعي.
إنه حلم اليقظة الجميل، ونواة الشفافية الخلاقة، والرؤية المستقبلية الواعية ، لقد تخيل من خلال معايشته الواقع الآتي على جناح الغد كينونة ، تشع فرحا ً وتجديدا ً فريدا ً ، وتحليلاً عميقا ً ، وتعليلاً مقنعا ً ، من خلال أواصر لغوية، وأدوات ربط، ومصاحبات وفية تعتمد الحجة والمنطق والبرهان في النقاش والتحكيم والمساءلة .
لقد قدم للثقافة العربية تصنيفات رائعة، وإبداعات مشرقة على جميع المستويات ، سواء أكان في فن الشعر أم القصة أم المسرحية أم في التحكيم والنقد، إنه بحر علم وثقافة ، يحتاج إلى بحار ماهر يجوب آفاقه، ويكتشف جغرافيته ، وقارة أحاسيس ومشاعر ، يحتاج إلى رحالة عريق في البحث والتجوال، يضيء ملامحه ويغطي أدبه الرفيع وفي هذا بعض من رد الجميل له .
رحلة الأديب الدكتور ( هيثم ) حافلة بالمسرات الأدبية والمنجزات الثقافية ، ليس في موطنه سورية فحسب، وإنما في معظم الأقطار العربية ، إنه العملاق الذي نجح في المطابقة بين شخص الأديب وشخص الإنسان ، ولم تقف في طريق تأصيل شخصيته جدران العادات البالية ، والتقاليد المهترئة ، لأن لديه القدرة على تصوير الشخصية بطريقة تفاعلية بينه وبين القارىء، بين المبدع والمتلقي من خلال نشر خيوط الضوء على الكلمات .
لقد بسط الأفكار دون ابتذال أو افتعال، فابتعد عن الخيال الخرافي الذي لم يعد يقنع حتى الأطفال، مفضلا ً الحكاية الواقعية في روعتها التي تقبلها براءة الأطفال، وتستوعبها ثقافة الشباب وينهل منها أهل الحكمة، وفي مقابلة طريفة بين الشاعر ( ديك الجن الحمصي ) الذي فقد إشراق الحياة ولآلئها ، وعصفت به ريح الشك بمحبوبته (ورد) كان الأديب (هيثم) على النقيض، وذلك من حيث لم تكن في حياته هذه الأشياء رغم كل الظروف القاسية التي عاندته من اليتم في الصغر إلى غياب الأم ، فالمشهد هنا ، يمثل جرأة تحدت الجندلة في الأرض العراء وانكسار القصبة في وجه العاتية التي ضربت جوانبه، ولكنها فشلت في اقتلاعه من جذوره الأصيلة التي تضرب عميقا ً في أرض الأصالة .
لقد خرجت من فمه مصابيح المعرفة ، فكان في كتاباته سيف الضعفاء ورمح المساكين، وشجرة للعطاء أوراقها لاتذبل، وثمارها لاتيبس بل تملأ سلال المحتاجين، هشم أسنان الشر وزرع ليأكل غيره يجلد بسوط لسانه العيوب والمفاسد ، يعزف بنايه أغاني الشوق والحنين للحزانى والثكالى .
الأديب الدكتور (هيثم يحيى الخواجة) في سطور
من مواليد مدينة (حمص) (ظهر المغارة عام 1949 ) .
يحمل إجازة باللغة العربية، وشهادة دكتواره في فلسفة المسرح .
من إصداراته التي قاربت مئة كتاب:
حركة المسرح في حمص 1985
معجم المسرحيات السورية .
ملامح الدراما 1997
إشكالية التأصيل في المسرح العربي
محاور في المسرح العربي
إيقاعات مسرحية .
أوراق في النقد
الأعمال المسرحية الكاملة 2006 وغيرها .
ملاحظة: اعتمدت هذه الدراسة في بعض جوانبها على كتاب ( عاشق الياسمين) لمؤلفه ( محمد نجيب قدورة ) .
نزيه شاهين ضاحي
المزيد...