أدين لوالدي – طيب الله ثراه – بمعرفة الشاعر( أبو القاسم الشابي) فقد كان يصغي باهتمام إلى أغنية للمطربة – سعاد محمد – وكان جد معجب بها ، وهذا ماحرضني على مشاركته الاستماع – وكنت في المرحلة الابتدائية فقال لي إن هذه الأغنية قصيدة لشاعر تونسي اسمه : أبو القاسم الشابي وحفظت هذه الأغنية ، القصيدة التي انتشرت بعد ذلك انتشار النار في الهشيم بل انتشار عبق الدراق في بساتينه :
إذا الشعب يوما ً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر
وبعدها احتضن منهاج الصف الثالث الإعدادي- الكفاءة – هذه القصيدة لسنوات ، ووصلنا ديوانه – أغاني الحياة – عن طريق دار نشر لبنانية ، وعرفت أن الشابي ولد في الرابع والعشرين من شباط عام تسعة وتسعمئة وألف في قرية الشابية بولاية توزر التونسية وتلقى تعليمه الأول في الكتاتيب القرآنية كما تلقى عن أبيه أصول اللغة العربية ومبادىء العلوم ثم توجه وهو في الثانية عشرة من عمره إلى تونس العاصمة حيث التحق بجامع الزيتونة، وواظب على زيارة المكتبات كمكتبتي: الخلدونية والصادقية بهدف دراسة الأدب العربي قديمه وحديثه، كما اهتم بالأدب العالمي الأوروبي وحصل على شهادة المرحلة الثانوية الصادرة عن جامع الزيتونة وتعد من أهم الشهادات ، ثم تابع دراسته في مدرسة الحقوق وتخرج منها عام ثلاثين ، وقد تأثر أبو القاسم الشابي بعد وفاة والده بمرض تضخم القلب وكان في سن الثانية والعشرين ليمنعه الطبيب عن أي مجهود جسدي أو فكري يؤثر في صحته إلا أنه لم يعر اهتماما ً لذلك وظل على حماسته وجهده، إلى أن أصيب بوعكة صحية شديدة ونقل إلى المستشفى ،وبعد نقله بستة أيام رحل عن عالمنا في التاسع من تشرين الأول عام أربعة وثلاثين وقد ترك لنا الشابي أشعارا ً رائعة على الرغم من قصر حياته، كما ترك لنا كتابا ً هاما ً بعنوان – الخيال الشعري عند العرب –
وقد كتب عنه الشاعر العراقي – فالح الحجية – في كتابه – شعراء النهضة العربية يقول:» شاعر وجداني،وهو برغم صغر سنه شاعر مجيد مكثر يمتاز بالرومانسية فهو صاحب لفظة سهلة قريبة من القلوب وعبارة بلاغية رائعة يصوغها بأسلوب أو قالب شعري جميل ، فهو بطبيعته يرنو إلى النفس الإنسانية وخوالجها الفياضة من خلال توسيعه لدائرة الشعر، وتوليد ومسايرة نفسيته الشبابية في شعر جميل، وابتكار أفضل للمواضيع المختلفة ، بحيث جاءت قصيدته ناضجة مؤثرة في النفس، خارجة من قلب معنى بها ، ملهما إياها كل معاني التأثر النفسي بما حوله من حالة طبيعية مستنتجا ً النزعة الإنسانية العالية ، لذا جاء شعره متأثرا ً بالعالمين النفسي والخارجي .
د. غسان لافي طعمة
المزيد...