لم تمر عبارة ذاك المتحدث عن واقع كثير من المناطق اللبنانية التي تحاذي مجرى نهر الليطاني عفو الخاطر , وهو يتحدث عن فظاعة تلوث لمجرى النهر و أسباب ذلك و أثرها في الصحة من جانب ومنسوب الأمراض المستعصية التي تنال من أعمار الناس وصحتهم نتيجة ذاك التلوث من جانب آخر . مثلما لم يمر ذاك العنوان الثابت لإحدى المجلات العربية , التي تهتم بالثقافة بشكل عام في محورها الدائم تحت عنوان : سلامة الإنسان من سلامة البيئة . مثلما لا ينسى القارئ جمال الوعي الإنساني في رحابة التزام في منطوق قيم , وسمو مبادرة , في رقي جمالها وقد أشرقت مبادرات تتأصل في ذات صاحبها نبوغاً في حذاقة كل أمر , وشهامة في رقي كل فعل .. إنها القراءة التي امتد لها سطر , له عميق الدلالة في كتاب « البدائية» ليقول على شفاه الحروف ألمعية خُلق , وفرح سلوك : إن الإنسان المصري القديم كان يشكر ربه وقد حضرته سكرات الموت في أصدق لحظات الصدق على سطور امتداد أنفاس أو قصرها ما بين شهيق وزفير على أنه ما رمى شيئاً يعكر صفاء أمواه النيل , فيا لطهر الماء , ويا لطهر السلوك ! وما أروع حروف مغزى في توجّه صوب دلالة فعل . إنها أصدق لحظات في تلك السكرات اختمار تجربة إنسان في وعي أنماط ذلك الأداء هي اختصار رحلة عمر ما بين لحظة وضع و أنة نزع .
ففي مقاربات ما تقدم من سطور تكون مواقف هي صور ومفارقات أيضاً .
وهي أيضاً في حكاية لقاء على شاشة وقد اختزن الضيف تاريخاً من نجاحات , لكن المرض أوقعه في حبائل الوهن والشكوى وحجب عنه أضواء الحياة من غير أن يقدر على حجب صفحات من إشراقات عمل وجمال إبداع . وما بين الجفن و الاغتماض كانت دمعة معتقة غصت بها الأحداق والضيف فيه يروي صورة تحكي ثنائية مفارقة ما بين ذاك الحكيم الذي أسعدت أنامله حذاقة المهنة في معالجة نجيع من هنا أو ألم من هناك وبين آخر جاء ليسلم عليه وقد استغرب طول غيابه فأخبره بمرضه فسارع يدس يده في جيبه خوفاً من أن ينتقل إليها وجع ألم فما كان من الضيف إلا أشار أن ذاك المرض لا ينتقل بالعدوى .
يا لفظاعة أنانية الإنسان وقد ضاق وعيه ذرعاً به على اتساع ما في الدنا من جمال استرحام !
وهي أيضاً صور ومفارقات بين زجاج شفاف رقيق هو لا ينكسر فحسب , بل يتهمش إذا ما عُزفت إلى جواره موسيقا . فيا لرهافة طبع في مكين كل أصل فيا لقساوة طبع سلوك متوعر قوته في جموده حيال إدراك فقير من غير فيض الضوء على مشاجب الآفاق , وكنوز التجارب في رحاب الحياة الحياة َ!
وهي أيضاً صور ومفارقات بين نباهة الإعمار وعمرانية الحضارة عناق ذهنية منفتحة ويد تمد للعطاء عطاء فيكون كل صرح وتشييد كل بناء وجمال كل معلم .
ألا ما أروع « سيمفونية نهر الدانوب» يضوع النغم على أطباق النسيم من عبقريات لكأنها نفحات العبق من ثغور الورود ! لكن ما أفظع إجراماً عندما قام الغرب المتأمرك بقصف جسر الدانوب وتهديمه كما فعلت دول الاستعمار والمجرمون بجسر دير الزور في ممارسات الخراب والإعتداء على الحضارة .
أجل هي صور ومفارقات ترسم التضاريس فلرفعة العقل المتحضر تصير الصور مشاهد خلابة لبصيرة عقل يقرأ مرامي ما وراء السطور جمال حكمة ودراية فيرى إشراقاتها أنواراً على قمم شاهقات جبال , أما في مفارقات لصور هدامة سلوكاً دونياً أو موقفاً عبثياً أو فقراً إدراكياً أو إجراماً بحق الإنسان والحضارة والحياة فنحن قارؤن نباهة المفارقات في معنى كل ولادة تنشد الحياة أصالة وغيرها اندثاراً مر في الحياة لكنه أعمل الهدم فتجاوزته الحياة .
نزار بدّور