العمليات التجميلية … وضعت الطب جانباً وتفرغت للتجارة وحصد الأرباح ..النتائج الايجابية لا تلغي الخوف من الاختلاطات التي تحدث أثناء أو بعد العمل الجراحي

يخطئ الكثيرون عندما يعتقدون أن الجراحة التجميلية هي فقط اختصاص وجد لفئة معينة من الأشخاص الذين يسعون إلى شكل أفضل وأجمل ، من خلال الرغبة بالتشبه بهذا أو ذاك من المشاهير ، أو ليعيدوا الشباب والصبا الذي سرقته الأيام …. طبعا هم مخطئون ، لأن الجراحة التجميلية لها هدف إنساني كبير أيضا , فهي تزرع الأمل في نفوس حزينة نتيجة تشوه في الشكل قد يكون خلقيا أو مكتسباً ….

تلقى عمليات التجميل رواجا وإقبالا كبيرا أكثر مما كانت تلقاه من زمن مضى وقد زاد الإقبال عليها منذ سنوات ولاسيما بعد تعرض الكثير من الأشخاص خلال سنوات الحرب التي مرت على بلدنا لمختلف أنواع الإصابات التي خلفت وراءها نوعا من التشوه الجسدي والنفسي ، ولكن ومع اقتناع الكثيرين لضرورة اجراء عملية تجميل .. يبقى الخوف قائما من الاختلاطات التي تحدث أثناء أو بعد العمل الجراحي ,فلا فرق بين العمليات المعقدة أو البسيطة ,فقد تتسبب عمليات الحقن بالبوتوكس ، أو المواد المالئة مشاكل صحية ، كالخراجات والتشوهات الكتلية ، والتقرحات وغيرها .. الجراحة التجميلية مالها وما عليها ؟ هذا ما سنحاول ربط خيوطه في موضوعنا الآتي…
إعلانات ملفتة
لوحات إعلانية في شوارع المدينة تضج بأحدث تقنيات عمليات التجميل ، وأهم زوار مراكز التجميل شخصيات مشهورة في عالم الفن أو الإعلام، وحتى السياسة .. ولا أحد ينكر أن الاتجاه إلى هذا النوع من العمليات يلقى إقبالا واسعا من شريحة من المجتمع لم تعد تقتصر على الطبقة الثرية ، فالكثير من أطباء التجميل يؤكدون أن الإقبال على هذه العمليات ازداد ومن كافة الشرائح ، كما ارتفعت نسبة عمليات الترميم وتشوهات الحروق الناجمة عن الحرب…
ومع أن كل أنواع العمليات مطلوبة لكن في رأس القائمة « تحسين الشكل» ، وضمن هذا البند يندرج ( شفط شحوم، شد بطن) بالدرجة الأولى …
بداية كان لنا بعض اللقاءات مع أشخاص قاموا بإجراء عمليات تجميلية:
تصحيح شكل غير مرغوب
ف – ب إعلامية قالت : منذ أكثر من 17 عاما أجريت عملية تجميل لأنفي , وحينها كنت طالبة جامعية ، وقد أجريتها في بلد مجاور ، ولكن لم يكن هدفي هو التشبه بإحدى الفنانات كما تفعل الكثيرات اليوم ، ولكن لتصحيح تشوه خلقي كان يؤثر على شكلي
إلهام – مديرة مدرسة قالت : منذ عشر سنوات أجريت عملية جراحية لاستئصال ورم خبيث في الثدي مما استدعى استئصال الثدي بالكامل وأثر على المظهر العام ، وعلى حالتي النفسية ، ولذلك وبعد أن أنهيت العلاج توجهت إلى طبيب اختصاصي في الجراحة التجميلية لإعادة تشكيل الثدي ، وأصبحت بعد هذه العملية في أحسن حال .
عمليات اليوم .. تجارة
رانية – موظفة قالت : عروض هائلة ومنافسات لم تشهد لها المدينة مثيلاً من قبل بين مراكز التجميل التي ازداد عددها بشكل غير مسبوق , وأنا ضد الكوافير « الحلاق النسائي» الذي يستعمل بلازما وبوتوكس, لأن المتخصص يقع أحيانا بمشاكل فكيف الحال لغير المتخصصين ؟ وسمعنا عن حالات نادرة تحدث فيها مضاعفات ,ولكن من تجربتي الشخصية لم استفد شيئا وكأنما رميت نقودي في البحر ، لقد أصبح الأطباء بشكل عام بارعين بالتجارة أكثر من الطب وأكثرهم تجارة طبيب التجميل « جني أموال رهيب »..
يتعدون على الاختصاص
مع التطور والانفتاح الإعلامي الكبير على العالم أصبح هناك وعي أكبر في المجتمع لدور الجراحة التجميلية وازداد الطلب لإجراء هذه العمليات, ما أدى لقيام بعض الأطباء بممارسة هذا الاختصاص دون خبرة ,مما يلحق الأذى بالمريض ويسيء إلى المهنة ،والأمر لا يقتصر على إجراء عمليات تجميل من قبل أطباء اختصاص أطفال أو أسنان مثلا ، إنما الطامة الكبرى عندما يقوم بعض الأشخاص وهم ليسوا أطباء ، ولم يدرسوا أصلا في الجامعة بالقيام ببعض أنواع التجميل الخفيفة ، مثل « الكوافير النسائي « كحقن البلازما و « البوتوكس » وهذا غير مقبول لأنه قد تحدث نتيجة ذلك الكثير من الاختلاطات ، التي لا يمكن لغير الاختصاصي الحد منها أو تلافيها مما ينعكس سلبا على المريض , وبالتالي يكون هذا العمل لا أخلاقيا , و دون رادع ،أو رقابة من قبل الجهات المعنية .
وفي هذه الحالة يلجأ المريض للجراح التجميلي « المتخصص » لتصليح هذه التشوهات الحاصلة وتكون في غاية الصعوبة بسبب الالتصاقات الجراحية والتشوهات التي حدثت والتي لا يمكن تلافيها
مواد غير مسجلة لدى وزارة الصحة
أكد د. وائل البرازي رئيس الرابطة السورية لجراحة التجميل في لقاء أجري معه سابقاً أن أسعار المواد الأولية المستخدمة في التجميل ارتفعت أكثر من 10 -15 ضعفا ، ولكنها متوفرة ومضمونة إذا كانت مسجلة في وزارة الصحة « كالبوتوكس» والمواد المالئة ، أما ما يحصل من مشاكل في بعض أعمال التجميل ممن يستخدمون مواد غير مسجلة لدى وزارة الصحة ، أو ممن يقومون بأعمال التجميل وهم غير اختصاصيين ، وفي سورية نحو 88 طبيب تجميل منهم 75 طبيبا مسجلا في رابطة أطباء التجميل ، وهناك إجراءات ستعتمدها الرابطة لحصر ممارسة عمليات التجميل بأطباء التجميل حصرا ، كمنح بطاقة لطبيب التجميل , وعلى الراغب بعملية التجميل التأكد من وجودها مع الطبيب قبل خضوعه لأي نوع من العمليات التجميلية .
الحرب .. زادت من طالبيها
سامر – جندي أصيب في الحرب بيده مما أدى إلى تشوهها ولكنه لم يرض ببقاء يده على حالها قال : طالما بالإمكان تحسين الوضع وجعله أفضل فلم لا ؟ لقد اتجهت منذ عدة أشهر لأحد أطباء التجميل وأجريت عملية ترميم ليدي وقد أصبحت أفضل
ونظرة أخرى للحياة توضحها سناء… قائلة بأنها تتابع كل ما هو جديد في عالم التجميل، وخاصة بعد أن بلغت سن الأربعين، وتنوه بأن عليها أن تبدو دائماً صغيرة وجميلة أمام زوج يصغرها بسنوات.
وأضافت : بعض الزوجات الباحثات عن الشباب والجمال يقمن ببيع مصاغهن الذهبي للقيام بإحدى عمليات التجميل الرائجة وأحيانا أكثر من عملية ليصلن إلى المستوى الذي يرضيهن .
ولم تعد الأسعار مهمة طالما الرغبة موجودة فقد كانت كلفة عملية تجميل الأنف نحو 25 ألف ليرة، أما الآن فتبدأ من 150 ألف ليرة وتقترب من المليون في مشافي الخمس نجوم.
مراكز تجميل دون متخصصين
الإقبال الكبير للنساء على جميع أنواع تلك العمليات يدفع بالكثيرين للعمل في هذا المجال حتى دون خبرة , رغم أنها ضرورية وأساسية ولا يمكن التغافل عن تأثير الحروب ووطأتها النفسية والاجتماعية , والتي تزيد دون شك من الرغبة في تغيير الشكل الخارجي إلى آخر أكثر مواكبة لصيحات الموضة، و الأمر لم يعد مجرد رغبة في التخلص من الاكتئاب المرافق للحرب ، بل بات بمثابة ظاهرة في المجتمع…
لجين – خبيرة تجميل في مركز متخصص بالعناية بالبشرة والجمال قالت : عشرات السيدات يقصدن المركز بحثاً عن شكل جديد أكثر حيوية وجمالاً ونضارة، باستخدام تقنيات كالبوتوكس والفيلر والبلازما وغيرها… كل ذلك نتيجة صيحات التجميل التي يشهدها العالم ومنه سورية اليوم ، وتضيف: بدايات هذه الصيحة كانت قبل اندلاع الحرب ببضعة أعوام، لكنها بلغت أوجها اليوم إذ تحول الأمر لما يشبه التنافس خاصة بين الفتيات والنساء, إنه عالم لا حدود له..
تفاوت بالأسعار
الدكتور سعد الدنيا – اختصاصي جراحة تجميل وجه ورقبة قال : هناك تفاوت بموضوع الأسعار في مدينة حمص ولكن ليس التفاوت الكبير , لكن التفاوت الأكبر بالأسعار هو بين المحافظات ، فهذه المهنة تعتمد على الخبرة وتمكن الجراح من عمله وزيادة دقته ، فالتجميل هو إعادة الأمور لشكلها الأقرب لما كان عليه و بما يتناسب مع الحالة وخصوصا في الوجه.
أما الأخطاء الطبية فهي متوقعة كأي أخطاء تحدث في عمليات جراحية أخرى ، ويمكن أن تخضع لاختلاطات ، ولكن من الضروري أن يقوم الطبيب بتوعية المريض وإفهامه قبل العملية أن هناك دائماً في الطب اختلاطات طبية تقدر نسبتها بحوالي 20% ، منها التصاقات وتليفات ، ومنها أخطاء من المريض نفسه الذي يهمل توصيات الطبيب بعد العمل الجراحي ولا يهتم بنفسه أو بجرحه الذي تم ترميمه أو تجميله .
وأضاف : وعلى مدار سنوات الحرب واجهتنا حالات عديدة سيئة كضياع أنف كامل ، وحروق بالوجه ، وبتر أذنين ، وغيرها من الآفات المرضية الأخرى كانثقاب غشاء الطبل بسبب تعرض لصوت انفجار ، وهذه تخضع للجراحة الترميمية ،ومثل هذه الحالات قمنا بتوجيه أصحابها إلى المشافي الجامعية المركزية في دمشق والتي تحتاج إلى ترميم بمراحل متعددة . وأكد : أن عمليات التجميل بدأت تلقى إقبالا كبيرا عليها رغم الظروف التي يمر بها البلد ، ويمكن تحديد شريحتين من الراغبين بإجراء هذه العمليات وهما : شريحة الراغبين بشباب دائم أو بجمال مميز أو الذين يتشبهون ببعض المشاهير ، أما الشريحة الثانية فهم ضحايا الحرب والذين أصيبوا بجروح أو حروق أثرت على شكلهم الخارجي وأثرت على نفسيتهم ، ولكن الأهم هو دور الطبيب في التعامل مع المريض قبل العملية وإرشاده إلى ما هو أفضل له فهناك بعض المرضى يطلبون الشيء المستحيل ,ودور الطبيب إما أن يرفض العملية أو يقدم شرحاً يقنع فيه المريض بالحد المطلوب ، وما يمكن القيام به.
الدكتور مالك المحمد – طبيب تجميل، أشار إلى أن أكثر العمليات التجميلية المطلوبة منذ زمن ومازالت إلى وقتنا الحالي هي تجميل الأنف ،أما التكلفة المادية فهي تختلف من طبيب إلى آخر بحسب شهرته ومهارته ..
منوها إلى أن الأخطاء الطبية ممكنة , ولكن نسبة نجاح العملية تحددها خبرة الطبيب ومهارته التي اكتسبها خلال سنوات العمل الطويلة ..
ابتكارات جديدة
في بداية فترة الحرب تراجعت عمليات التجميل بنسبة 90% بسبب الأوضاع الاقتصادية ولكن من الملاحظ أنها عادت للانتعاش فيما بعد
الطبيب شعبان – اختصاصي تجميل – يشير إلى تمرس الأطباء السوريين، خاصة بعد سنوات الحرب، بإجراء مختلف أنواع عمليات التجميل وبدقة متناهية. ويقول : علمتنا الحرب كيف نبتكر بأبسط المعدات وأقل الكوادر البشرية المتوفرة، أساليب جديدة لإزالة آثار الندبات الناجمة عن الجروح والحروق وكأنها لم تكن، وأكسبنا ذلك خبرة جعلت لأطباء التجميل السوريين اليوم شهرة داخل وخارج بلادهم، لم يعرفوها يوماً من قبل .
بعض الأرقام
تتفاوت تكاليف عمليات التجميل في سورية اليوم ، وذلك وفقاً لنوع العملية، والعيادة التي تُجرى ضمنها. على سبيل المثال، تبلغ تسعيرة عملية تجميل الأنف بين 250 و500 ألف ليرة سورية. وتجرى هذه العمليات حسب درجة تعقيدها وحاجتها لتخدير موضعي أو عام، في مشاف عامة أو خاصة، أو ضمن مراكز تُمنح رخصة من وزارة الصحة السورية شرط وجود ترخيص لطبيب اختصاصي بالجراحة التجميلية أو الجلدية…
ويبلغ عدد المراكز المرخصة حالياً من قبل الوزارة ثمانية، تم افتتاح ستة منها بعد عام 2011، في حين تعمل الوزارة عن طريق مديريات الصحة في مختلف المحافظات السورية على التعامل مع المراكز غير المرخصة واتخاذ العقوبات والإجراءات اللازمة حال اكتشاف عملها دون إذن. …في حين لا تمتلك الوزارة إحصاءات دقيقة حول ازدياد عدد عمليات التجميل في سورية خلال سنوات الحرب أو حول أنواع العمليات التي تشهد إقبالاً بشكل خاص .
المخالفة تغلق
في مديرية صحة حمص كان لنا لقاء مع الدكتور محمد الرئيس رئيس دائرة المشافي في المديرية فقال : يبلغ عدد المراكز التجميلية المرخصة اثنين فقط أما أقسام الجراحة التجميلية في المشافي فقد بلغ عددها/5/ مراكز ، وهناك (5) مراكز قيد الترخيص , موضحا أنه خلال الجولات التفتيشية والمراقبة تم إغلاق الكثير من المراكز غير المرخصة.
وبالنسبة لأسعار العمليات التجميلية قال : تتبع للقرار 79/ت الصادر عن وزارة الصحة ، وكل عملية لها وحدات خاصة بها وأكثر العمليات الشائعة هي فيلر وبوتوكس وتجميل أنف وشد أجفان – تكبير وتصغير الثدي .
كلمة
نشهد اليوم توجهاً عاماً في بلدنا لعمليات التجميل بسبب تطور صناعة مواد التجميل مما يشجع الكثيرين على خوض هذه التجربة,وأسباب أخرى لها علاقة بوسائل التواصل الاجتماعي و إسهامها بالإعلان عن هذه العمليات والترويج لها والتشجيع على تجربتها, إضافة للرغبة والحاجة للعناية بالشكل الخارجي ولفت الأنظار رغم أن هنالك عمليات لا تكون ضرورية في معظم الأحيان، خاصة لمن تتراوح أعمارهن بين 20 و50 سنة. ومن جهة أخرى، ومع سنوات الحرب الطويلة وتعرض المواطنين لتساقط القذائف والتفجيرات ، برزت الحاجة والضرورة لعمليات الترميم وإزالة ندوب الجروح والحروق والضياع المادي بمختلف أعضاء الجسم، وهي تشكل ما يقارب نصف العمليات التي تجرى بشكل شبه يومي منذ ما يقارب خمسة أعوام.
تحقيق : منار الناعمة – هيا العلي

المزيد...
آخر الأخبار
جراء العدوان الإسرائيلي على المعابر الحدودية… أضرار كبيرة تلحق بمعبر الدبوسية الحدودي وجسر قمار بريف... الصرف الصحي في الفحيلة وتل زبيدة ينذر بتلوث بيئي... عبد النور :نطالب بتوسيع المخطط التنظيمي ... كلية العلوم الصحية بجامعة البعث تكرم 260 طالباً وطالبة من خريجيها الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... البدء بأعمال إعادة تأهيل الطريق الدولي بين معبر جديدة يابوس والحدود اللبنانية قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة عدد العروبة 15638 'pdf"ليوم الأربعاء 27-11-2024 مرسوم بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعد شاغر في دائرة دمشق بعلامة ٩٣ وبتقدير امتياز...منح الطالب يوسف غازي كاجان درجة الدكتوراه في الرياضيات