هموم الشبـاب الجامعي وسبل حلها

الشباب هم عماد الوطن والعامل الأهم في تحقيق رفعته وعزته ومنعته وعلو شأنه ويعول عليهم الكثير في القادم من الأيام للمساهمة في إعادة إعماره لذلك من المهم تناول بعض مشكلات الشباب كنوع من تشخيص الداء قبل الحديث عن ما هو المطلوب لتمكين دور الشباب والأخذ بيدهم إلى تحمل المسؤولية وهذه المشكلات يمكن تلخيصها بالتالي: 

البطالة والفقر  
لا يمكن غض الطرف عن الوضع الاقتصادي الذي يعيشه الشباب ، فمن لا يستطيع توفير لقمة عيشه لن يستطيع بأي حال من الأحوال تقديم دور مهم في تحمل مسؤوليات المجتمع، ومن لا يستطيع أن يكون آمنا على مصدر رزقه لن يستطيع أن يتقدم ليصبح أمينًا على مستقبل أقرانه، ذلك أن توفير وتأمين الحاجات الأساسية والرئيسية للشاب يمكّنه من تجاوز التفكير في هذه الأمور والانطلاق إلى التفكير في دوره اتجاه المجتمع والأفراد الآخرين. 
الاستقطاب
يُعد الاستقطاب غير الصحيح من معاول هدم طاقات الشباب ، ذلك أن هذا الاستقطاب يقف حاجزا أمام انطلاق تفكير الشباب إلى الفضاء الرحب وصياغة الأفكار والرؤى والمشاريع التي تساهم في نهضة المجتمعات على اختلاف مكوناتها، فيتحجم تفكير الشباب ليصبح في قالب واحد دون النظر إلى الصالح العام للمجتمع. كما ويَحرم الشباب من فرصة الاطلاع على تجارب الآخرين والدول المختلفة. 
إن هذا الحديث لا يعني بالضرورة الاستغناء عن الايدولوجيا، ولكن الحديث هنا عن الاستقطاب الذي يجعل من الشباب أداة فقط لتحقيق أدوار معيّنة دون النظر إلى حاجة المجتمع ككل. 
حالة العجز والاحباط والتراخي  
إن أكثر ما يدمر قدرات وطاقات الشباب هو وصولهم إلى حالة اليأس و الإحباط التي ينتج عنها حالة العجز والتراخي عن عمل أي شيء جديد أو ذو قيمة مجتمعية أو إنسانية أو حتى تطوعية، فتصل الحالة إلى تبني الشباب خطاب العجز وعدم أهمية كل ما يقوم به الآخرون معللين ذلك بأنه لن يتغير في حالهم أي شيء، وأن الأمور أعقد من مجرد تفاؤل، أو إنجاز هنا أو هناك، وكأن طريق الشباب يجب أن يكون ممهدا وسهلا كي يصلوا إلى ما يريدون.
غياب العدالة وضياع الهوية الهدف  
عدم تكافؤ الفرص في المجتمع الواحد من شأنه أن يعمل على تضييع الهوية المجتمعية في أوساط الشباب، فلا يعد الشباب يهتم بواقعه ولا بالمخاطر التي تحيط به وبمجتمعه وأهدافه، فينتج عن ذلك ضياع الهدف العام الذي يجب على الشباب أن يتبنوه. إن العدالة في توزيع الأدوار، والعدالة المجتمعية في الوظائف والمناصب، من شأنه أن يجعل الشباب على معرفة قوية بهويتهم ومجتمعهم، ويجعل في نفوسهم الرغبة في خدمة المجتمع الذي ينتمون إليه، في إشارة قوية إلى وضوح الهدف العام الذي يتخذونه مسارا في خدمة بلادهم. 
أزمة الفكر والاهتمامات
إن معركة الفكر التي لا تجد من يقومها لم تجد حاضنة لها تصيبها في حيويتها إلا الشباب، فنتج عن ذلك اهتمامات سطحية أو غريبة عن المجتمعات العربية لفئة الشباب تلك الفئة الأكثر قدرة على تغير واقع تلك المجتمعات. 
لقد انتاب الشباب الشك في قدرتهم على العطاء، والإهمال في  اهتمامهم بأنفسهم ومجتمعاتهم، فباتوا يهربون من واقعهم إلى أي واقع “سطحي أو سخيف” دون النظر إلى القدرة على تغيير هذه القناعات عن طريق الاهتمام من جديد بالفكر ويقظته، حتى وصلوا مع هذه الحالة إلى ما يشبه الآلات التي تعمل بناء على رغبات واهتمامات الآخرين. 
إن الناظر الى ما تقدم من مشكلات يعاني منها الشباب ، يرى بوضوح أن المتسبب في المشكلة لا يمكن حصره في المسؤولين والمجتمع بشكل عام دون النظر إلى دور الشباب أنفسهم، لذلك فإن الحلول يمكن تقسيمها إلى قسمين رئيسيين أولهما ما هو مطلوب ممن هم في مواقع المسؤولية، والثاني ما هو مطلوب من الشباب أنفسهم. 
ماهو مطلوب من المجتمع والمسؤولين
ما هو مطلوب من المجتمع بكل مكوناته ومن المسؤولين أمر كثير، فلا يعتقد أحدا أن المسؤولية تقع على الشباب أنفسهم فقط، فمن يريد تمكين الشباب وأن يكون لهم دور ومسؤولية، عليه أن يوفر الأجواء لذلك، وأن يؤمن بأن للشباب طاقة يجب أن تكون في مكانها الصحيح. 
الاحتضان  
على المسؤولين احتضان طاقات الشباب وابداعاتهم وتوجيهها في الاتجاه الصحيح خدمة للشباب أولا ولمجتمعاتهم ثانيا. هذا الاحتضان من شأنه أن يوفر البيئة المناسبة ليقوم الشباب بدورهم في المجتمع على أكمل وجه، بتوجيه وإرشاد ممن سبقوهم في الخبرة والجهد والعمل، ليكون هذا الاحتضان لتأمين الحياة الكريمة والمناسبة للشباب، وتوفير ما يلزم لتعزيز المهارات وأداء الأدوار والتدرج في مستويات المسؤولية. 
إعطاء الفرصة للشباب لاثبات جدارتهم  
لن تظهر مواهب الشباب وقدرتهم على تحمل المسؤولية إلا إذا تعرضوا لها، فكثرة الكلام عن كم القدرات التي توجد عند الشباب لا يفيدهم بشيء إلا إذا وُضِعوا فعلا في دائرة المسؤولية ، حيث أنه في تحمل المسؤولية فعلا على أرض الواقع اختبار مباشر لطاقات وقدرات واهتمامات الشباب، فإن اخطأوا قُوّموا وتعلموا من أخطائهم وإن أصابوا تعززت ثقتهم بأنفسهم. وهذا لا يتحقق إلا إذا أصبح في البرلمانات عدد لا بأس به من الشباب، وفي المجالس المحلية بل في إدارتها، وفي الحكومات وعلى رأس الشركات ودوائر الوزارات، دون الخوف من تهور الشباب وعنفوانهم، فالمسؤولية تُعلّمهم الانضباط. 
تطوير التعليم والتدريب  
إن كان الشباب يمتلكون الطاقات الكبيرة، فهذه الطاقات تحتاج إلى صقلها عن طريق التدريب والتعليم، وهنا يأتي دور النظام التعليمي، وما يكمله من مؤسسات ومعاهد، بحيث لا يقتصر الأمر على مجرد التعليم والتدريب بشكله المعتاد، بل يتعداه ليصبح أشبه بتحمل المسؤولية الفعلية عن طريق التدريب على إدارة المؤسسات والمعاهد والشركات وحتى الوزارات والمجالس المحلية. يجب أن تكون عملية التعليم والتدريب عبارة عن محاكاة صغيرة لواقع كبير وأشمل. 
توفير المشروع  
وهذا يعني أن يكون هناك خطة واضحة لدمج الشباب في مجتمعاتهم وتمكينهم من تحمل المسؤوليات، وهذا لا يكون إلا عن طريق وجود هدف معلن وواضح للجميع بأنه لا مكان للشباب على قارعة الطرقات وفي المقاهي لتضييع الأوقات، بل هناك هدف واضح يعمل الجميع على تحقيقه، فكلنا يعلم بأنه إن لم يكن هناك هدف يستفز صاحبه سيكون هناك هدف آخر يجر صاحبه ومجتمعه إلى ما لا يحمد عقباه. 
ما هو مطلوب من الشباب أنفسهم  
لعل الشباب العربي الآن ينظرون إلى حالهم بشيء من الإحباط واليأس، وقد ملّوا كثيرا من كثرة الكلام والوعود بإعطائهم الفرصة لقيادة مجتمعاتهم، ولكن هذا لا يعني أبدا أنه لا يوجد دور مُلقى عليهم يجب أن يحرصوا على أدائه بالشكل الصحيح. 
المبادرة  
على الشباب أن لا يملوا المبادرة، وأن لا يملّوا العمل في مبادراتهم التطوعية والمجتمعية، حتى وإن لم يحصلوا على التقدير السريع من المسؤولين والمحيطين، فلا تعني مرحلة الشباب شيئا إن لم تكن مليئة بالنشاط، وهذا ما لا يتحقق إلا بكثرة السعي والاجتهاد. 
تشجيع الشباب لبعضهم البعض
إن اللافت لحال الشباب الآن هو تذمر بعضهم من بعض، ومحاولة البعض تحطيم طموح وأعمال شبابا آخرين في نفس أعمارهم. إن هذه التصرفات تجعل أصحاب القرار يغضون الطرف عن إعطاء أي مسؤولية للشباب، ذلك أنه من لا يثق بقدرات غيره من نفس الجيل، لن يجد من يثق بقدراته من الأجيال الأخرى. الشباب الذين يبحثون عن مصالحهم فقط ويسيرون على مبدأ “أنا أو لا أحد” لا يمكن أن يجدوا من يهتم بهم فضلا على أنهم يعيقون تقدم غيرهم. ليكن الشباب مشجعين لبعضهم البعض فنجاح أحدهم نجاح للجميع. 
التطوير المستمر
يقصد هنا بالتطوير المستمر عدم التقوقع على حال واحد، أو الانتظار إلى حين أن يأتي أحدهم ليقدم للشباب فرصة تحمل المسؤولية، أو أن يبقى الشاب على حاله فترات طويلة دون تطوير وتدريب، ومن الطبيعي أنه من لا يطور نفسه يسبقه غيره.
إن التطوير المستمر يعني أن يشارك الشباب في الدورات التدريبية، وأن يزيدوا من حصيلتهم العلمية باستمرار الدراسة والحصول على الشهادات المختلفة، وأن يزيدوا من رصيد ثقافتهم بالقراءة الواعية التي تنشّط العقل وتوقظ الفكر، وأن يقوموا بالاطلاع على تجارب الآخرين والدول المختلفة في مجال تخصص كل واحد منهم أو اهتمامه، مع مراعاة أن يتم هذا التطوير كله وفق أهداف واضحة وعين ترقب طريق التطوير والنتائج المترتبة عليه بالاعتماد على التركيز وعدم التشتت. 
الوعي واليقظة
لا يعني الوعي واليقظة بأي حال من الأحوال والشك في كل ما يحيط بأمور الشباب، فلا هو يعني أن لا يثق الشباب بمن هم أكبر منهم وأقدم منهم خبرة وعملا، ولا هي تعني أن لا يتقبل الشباب ما يُعرض عليهم من مسؤوليات حتى لو كانت بسيطة. بل المقصود هو أن يكون الشباب قادرين على تحليل الأمور والأحداث المحيطة بهم وبمجتمعاتهم وقادرين على حماية أنفسهم ومن حولهم من المخاطر التي قد يتعرضون لها. 
إن انفصال الشباب عن مجريات الأمور والأحداث يجعلهم غير قادرين على تحمل أي من المسؤوليات، فيكونون بذلك فريسة لاستغلال الآخرين وفرصة لإيجاد الذرائع لعدم وضع الشباب في أدوار المسؤولية. 
إن معركة الوعي واليقظة في ظل التقلبات الحاصلة في العالم واجتهاد البعض بطمس وعي الفئة الأكثر قدرة وعطاء “الشباب” يجب أن تكون من أهم أولويات الشباب حتى يحصلوا على ما يريدون.
يوسف بدور

المزيد...
آخر الأخبار
جراء العدوان الإسرائيلي على المعابر الحدودية… أضرار كبيرة تلحق بمعبر الدبوسية الحدودي وجسر قمار بريف... الصرف الصحي في الفحيلة وتل زبيدة ينذر بتلوث بيئي... عبد النور :نطالب بتوسيع المخطط التنظيمي ... كلية العلوم الصحية بجامعة البعث تكرم 260 طالباً وطالبة من خريجيها الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... البدء بأعمال إعادة تأهيل الطريق الدولي بين معبر جديدة يابوس والحدود اللبنانية قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة عدد العروبة 15638 'pdf"ليوم الأربعاء 27-11-2024 مرسوم بتحديد الـ 21 من كانون الأول القادم موعداً لإجراء انتخابات تشريعية لمقعد شاغر في دائرة دمشق بعلامة ٩٣ وبتقدير امتياز...منح الطالب يوسف غازي كاجان درجة الدكتوراه في الرياضيات