لم يكن لكلمة الثقافة مكان في الكتب القديمة وعندما نذهب إلى لسان العرب وما قاله ابن منظور نجد أنه يربط بين الحذق وسرعة التعلم مع أنه يبين معاني كلمة ( ثقف ) أنها جدَد وسوَى . ويعرفها المعجم الوسيط بأنها : ( العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق فيها ) ويصفها بأنها كلمة محدثة في اللغة العربية ) . ويمكننا القول أن الثقافة المعاصرة هي نتاج مجموعة من العوامل منها : المدرسة والبيت والمعهد والجامعة والصحيفة والمجلة والكتاب والإذاعة والتلفاز وبشكل أعم هي : نتاج التطور الفكري والاقتصادي والعلمي للأمم والشعوب على اختلاف أماكن تواجدها وكل أمة من الأمم لها ثقافتها التي تميزها وخاصة في العادات والتقاليد والمبادئ والقيم وتلك المفاهيم هي حصيلة عمر تلك الأمم وتاريخها ويمكننا القول أن الثقافة هي كل شيء وعنوان لكل شيء وهذا ما يمكن استنتاجه عند دراسة تاريخ تلك الأمم والإطلاع على تراثها . وما ينطبق على أي أمة ينطبق على أمتنا وفي العودة لدراسة تاريخ حضارات الأمم نجد أن الثقافة هي عملية اجتماعية تراكمية ومكتسبة تتطور مع تطور الأمم والشعوب ولا بد من الإشارة إلى أن الحضارة كما عرفها تايلر : هي ذلك الكل المركب الذي يشتمل على المعارف والمعتقدات والفن والقانون والأخلاق والتقاليد وكل التطبيقات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع . أما الثقافة : فهي المنجزات المعنوية الفكرية التي يوجدها الإنسان من خلال تفاعله مع الآخرين وتنظيم حياته معهم . أما مالك بن نبي فيعرفها هي مجموعة الصفات الخلقية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته حيث تتأصل تلك العادات والمفاهيم وتظهر في سلوكه كأسلوب حياة في الوسط الذي يعيش ويتعامل معه . إذا الثقافة هي هوية بعلامات فارقة لكل أمة من الأمم وقد تميزت أمتنا عبر التاريخ بصلابة جذورها التي تمتد عميقا في التاريخ وكان ذلك بما أنتج العقل والفكر العربيين منذ أقدم العصور هذ ا ما جعلها عصية على كل المحاولات الاستعمارية في التتريك أو الفرنسة إلى غير ذلك وبالتالي قاومت كل الثقافات الدخيلة وبقيت مقومات ثقافتنا لنكون حملة رسالة المحبة والسلام وبالتالي شاركت أمتنا بفعالية في بناء الحضارة الإنسانية . ويجب ألاَ يغيب عن أذهاننا أن هناك مؤسسات ثقافية كبرى في دول عديدة ولاسيما الدوائر الغربية والدوائر الصهيونية مخصصة لرسم أدوار تخريبية من خلال ما تنشر وتبث عبر وسائل إعلامها المتعددة ولا بد من الإشارة أن تلك الدوائر تحاول ركب موجة تطورات التكنولوجيا الحديثة وخاصة في مجال الاتصالات ووسائل التواصل الحديثة وخاصة تطبيقات الفيس بوك والانستغرام والتويتر حيث يستطيع كل إنسان الوصول إلى كل المواقع الالكترونية والاطلاع على محتوياتها وفي كافة المجالات في العلم والمعرفة والطب والهندسة ويمكن اعتبار ذلك أمرا إيجابيا لكن هناك الكثير من المواقع التي تحاول استلاب عقول الشباب والسيطرة عليها من خلال الأفلام الخلاعية والإباحية وبالتالي لا بد من وضع سياسة تربوية توجيهية تمكن الشباب من التعرف إلى مخاطر تلك المواقع وما تنشره لأنها تجعل من الشباب عبيدا لها وبالتالي تؤثر على سوياتهم السلوكية و الأخلاقية وتغرس في أذهانهم ثقافات لا تناسب مجتمعنا وتصبح أوطاننا عرضة للتخريب من خلال إبعاد أجيال الشباب عن الحفاظ على ثقافتنا الأصيلة وتخريب عقولهم وإبعادهم عن التحصيل العلمي مما يجعل مجتمعنا ووطننا عرضة لرياح عاتية تعمل على تصديع الجدار المعرفي الواقي وتفتح فيه ثقوبا تتسع شيئا فشيئا إن لم نكن متيقظين دائما . إن المخاطر التي نتعرض لها تشمل الأبعاد الاقتصادية والثقافية والحضارية . وعلينا أن نجعل من ثقافتنا قلعة صامدة تتحطم عليها كل المحاولات الرامية إلى إخضاعنا والسيطرة على مقدراتنا وأن نعمل على تحقيق نهضة شاملة تأخذ بعين الاعتبار كل المستجدات عبر الزمن .
شلاش الضاهر