تحية الصباح…مرجعية الأصل أصالة

تشرق الشمس من خدرها مطالع أصباح متتالية ، وتذر أشعتها ممراحة على هامات الزروع وجنبات المدى تضاريس بين سهول وحقول وهضاب وشامخات ذرا وشاسعات صحارى ، وما بين هذا وذاك اتساع الآفاق مابين بحار ويابسات يرسمها الواقع لوحات في أفانين الإبداع نشأة ومعطى الخيال سعادة صدى فيغدو التأمل أبعد من مشهدية بصر يعيا فيه خاطر في قدرة رؤية ، لكن يجود به إدراك لا تعيا منه بصيرة في محاكاة حداقة على أعتاب الفهم ، ومفاتن في حيثيات كل تفكير حي . تشرق الشمس وضاءة ، ويفيض الانتباه تساؤلات هي شفاء الروح في إعمال التفكير ، وسعادة التأويل ، و أناقة التفسير ، وثمة طلاقة في مساحة بداهة أن رائعات الزهور مطارح جمال شأن باسقات شجر ومصاطب زروع وحيثيات سفوح ترتعش بها ضفاف جداول على وقع سلافات أمواه , كتائب كتائب تجتهد في ربوع وهاد وبطون وديان وشاسعات سهول لتغدو في مكين الأصل سهولا وضفافا وراسيات جبال حقائق وجودية في جغرافية تضاريس ثباتا راسخا تدرج عليه الكائنات أنفاسا واخضرارا و تدفاق جريان الماء ولكن تبقى تلك التضاريس في معالم الأرض ثبات مرتسماً ، قد يقاربها دور للإنسان في بعض تغيير هنا او هناك لحاجات عمرانية وغير ذلك لكن تبقى هي الصوى في مدارج الكينونة في مدارات المدى ولا صرف نظر عن حقيقة العود إلى هذه الارض مدرجا وسعي حياة في دلالة معمورة هي بسيطة تنبسط عليها الآمال ويزكو بها كل رغد . إنها اصالة الارض تجذر انتماء ، وعشق وجود في شهامة كل تضحية و نباهة كل رحمة في سواء سلوك وسداد كل موقف ورجاحة كل عقل . فالأصالة نسب وشرف وقوة واستحكام بالجودة رأيا ، وبالأسلوب إبداعا وابتكارا ، وفي نبوغ الأداء عملا . أصل ( الفتى ما قد حصل) إن فطرية الأصالة صدق سجيّتها في براءة عفويتها ، ونبل غايتها فيصير الامر جوهرة بريق في مقآقي عيون دهشها انبهار من دون أن تعاني بُهرا في إعياء ، وداخلها تقدير في مكامن عقلانية تشع بهاء في بارقات كل جمال . يا لها من أصالة فطرية عندما كان درس الحساب سابقا يرتكز في أصالته على جدول الضرب محاكيا المرحلة العمرية ، وكان من مفرداته بعد ضرب الأخماس بالأسداس إن بقي باليد رقما سرعان ما كان يعود إلى صالح المجموع من غير أن يتفرد طامع جشع، بل يزداد به طموح خير مآله ناتج دسم في فرح متوالية حسابية لا هندسية تتفهمها مرحلة النمو فتغدو نجاحا تتورد أصصه بعلامات او درجات أ و تقديرات . ويا لها من قصة ذات معنى وكبير دلالة في منظومة الصدق مع الذات والشبع في القناعة والرصانة في امتلاء الحاجة ، والرصانة في حدود منطق الشخصية وقد ركلت بعزة نفسها جشع ينال من صاحبه ، ومن جانب اخر ثمة سعادة في كسب طموح في ألق حضور ، فحدود الأصالة مرجعية الصدق في جمال كسب بعرق ، لا بجدار مطاطي من على هزيز يتمطى عبر الف سؤال يزدحم شفة سؤال . إنها حكاية الشاعر ( ماني الموسوس) الذي اراد احد الولاة مكافأته على شعره فرمى إليه بصرة دراهم فأعادها ما عدا نصف درهم ، ولما سألوه مستغربين ، قال : حاجتي النصف درهم ثمن هريسة أحبها فأعاد الباقي لصالح سداد الأصالة صدق قناعة ، وإلى مكارم القيمة والقامة صدق حكاية يتغنى بها التراث ، وجميل أن نرد الباقي مغنم حق للصالح العام . إنه الشاعر صاحب هذه الأبيات :
/يا حادي العيس عرج كي أودعها يا حادي العيس في ترحالك الأجل إني على العهد لم أنقض مودتهم يا ليت شعري بطول العهد ما فعلوا/ ويا لها من مرجعية اصالة في جزئية ضمن قواعد اللغة صرفاً ان كل الف اصلية في فعل او اسم مرجعيتها ياء او واو ولتفاصيل اللغة حدودها في روعة مرجعية اصالة بريق كل أصل في حذاقة كل فهم . والأصالة إنسان انطوى فيه العالم الأكبر ، وصوت مداه أنفاس الأزمان تردده الافاق الرحيبة في دنيا الحياة ،وحضور إنجازات وصروح عراقة أمجاد وحضارات ، ومكانة إرادة في سمو شموخ : أنا صوتي منك يا بردى مثلما نبعك من سحبي إنها مرجعية الأصالة في عراقة كل أصالة ، هي أن يكتب المرء حكاية وجوده بقلمه ، لا ان يتركها سردية أمزجة تكتبها أقلام قد تعثرت بها وهاد ضعف من هنا أو هناك ضمن صروف الأيام وتداعيات مدارج الطباع وقد آل أمره مابين موات في ضعف أو فناء في موت.

نزار بدّور

المزيد...
آخر الأخبار