النقل .. الأزمة القديمة الجديدة … انتظار طويل على المواقف للظفر بمقعد في السرفيس أو الباص

يبدو أن كل الحلول الإسعافية التي تبتدعها الجهات المعنية لمعالجة أزمة النقل القديمة الجديدة ، والمستمرة مبدئيا حتى إشعار آخر لم تكن مجدية طالما أن المشكلة واضحة ، وهي في حالة تزايد وتفاقم خصوصا مع الازدحام الحاصل نتيجة انتظار طلاب المدارس والجامعات والموظفين على المواقف لفترات طويلة , مما يحتم عليهم الخروج من بيوتهم في وقت مبكر جدا ليتمكنوا من حجز مقعد لهم في باص أو سرفيس يقلهم إلى جامعاتهم وأماكن عملهم ويجنبهم كلمات مدير أزعجه تكرار تأخرهم دون مراعاة لوضع النقل غير المناسب في المدينة والمريع بالنسبة للريف وللاطلاع على هموم ومشاكل النقل التقت صحيفة العروبة عددا من المواطنين في الريف والمدينة في محاولة لرصد الواقع المزري لقطاع النقل وايصال صوتهم لمن يجب أن يصله من الجهات المعنية …

عقوبات متكررة
المواطن أحمد المصطفى من حي وادي الذهب قال : أعمل موظفا في إحدى دوائر الدولة التي لا تملك سيارات لنقل العاملين فيها ومن المفروض أن أكون في عملي بتمام الساعة 8 صباحا مما يدفعني للخروج من بيتي الساعة 7 في محاولة مني للوصول إلى عملي في الوقت المحدد وتجنب عقوبات التأخير وكلمات التنبيه ،ولكن للأسف غالبا ما أتعرض للعقوبة بسبب التأخر ،مع العلم أن الذنب ليس ذنبي وإنما مشكلة النقل والازدحام هي السبب، فالسرافيس تأتي ممتلئة من نهاية الخط ، وباصات النقل الداخلي يبدأ عملها الساعة 7,5 وفي حال الفوز بأحد مقاعدها فلن أصل لعملي قبل الساعة 9 نظرا لطول خط سيرها وبطء مسيرها ، وهذا حكما سيعرضني للعقوبة بشكل متكرر وفي حال الرأفة لابد من كلمات تنبيه وتحذير وتقريع والتي تبدأ من مراقب الدوام وتنتهي عند مدير المؤسسة ..
وطالب أحمد بإيجاد حل لهذه المشكلة المستعصية بأسرع وقت ممكن وبأي طريقة .
زيادة عدد السيارات
المواطن خضر العلي من حي السبيل قال : نعاني في حينا بشكل كبير من مشكلة المواصلات حيث لا يوجد باصات نقل داخلي تعمل على خط الحي وإنما يوجد بعض السرافيس العاملة على الخط وهي غير كافية لنقل أبناء الحي إلى مدارسهم وجامعاتهم وأماكن عملهم وغالبا ما نضطر لاستئجار تكسي لنتمكن من الوصول لعملنا في الوقت المحدد تفاديا للعقوبات، وهذا الأمر يحملنا أعباء مادية كبيرة نظرا لارتفاع أجور النقل بواسطة «التكسي «إضافة إلى أن معظم الأهالي غير قادرين على تحمل هذه الأعباء ، وطالب خضر بزيادة عدد السرافيس العاملة على خط حي السبيل ورفدها بعدد من باصات النقل الداخلي تناسب الكثافة السكانية في الحي .
السرافيس متعاقدة
زهير اليونس «موظف» من حي النزهة قال : أعاني كباقي أهالي الحي من الانتظار طويلا ً على المواقف المخصصة لباصات النقل الداخلي والسرافيس لأستقل أحدهما وأتمكن من الوصول إلى عملي في الوقت المحدد، وحتى لا أتعرض لموقف محرج واسمع كلمة توبيخ أو أتعرض لحسم من الراتب أضطر للخروج من منزلي قبل ساعة تقريبا ً من موعد العمل ،ومع ذلك تكون فرصة وجود واسطة نقل عامة قليلة جدا ً ولا تخلو من بعض المصاعب فنتيجة للازدحام ورغبة الجميع باستقلال الباص أو السرفيس يبدأ التدافع وقد تصل الأمور في بعض الأحيان لحد الملاسنة ..
وعن سبب قلة عدد السرافيس قال زهير : سألنا أحد السائقين فتبين أن غالبية أصحاب السرافيس متعاقدون مع عمال الدوائر والمؤسسات الرسمية لنقلهم من وإلى أماكن عملهم صباحا وظهرا ، وهذا التعاقد أفضل ماديا ً من العمل على خط أحد الأحياء ، كونه دخل شهري ثابت، أما باصات النقل الداخلي فهي تمر في الحي كل ساعة أو أكثر مرة واحدة وذلك نظرا ً لطول الخط حسب قول السائقين ، إضافة لعدد الباصات القليل المخصص للحي وتواترها غير النظامي .
مرور الكرام
أما هزار معلمة من حي وادي الذهب فقالت : تأتينا السرافيس من الجهة المؤدية إلى السوق ممتلئة بالركاب ولا مكان لراكب إضافي إلا فيما ندر ، وبالنسبة للسرافيس القادمة من جهة الكراج الجنوبي فالسائق لا يتحرك من المواقف المخصصة له قبل اكتمال عدد الركاب لديه ، مع العلم أن معظم السرافيس فيها مقاعد إضافية ..
أما باصات النقل الداخلي فتمر بالحي مرور الكرام حيث لا يتقيد سائقوها بالمواقف المخصصة لها وهي أيضا ً مكتظة بالركاب ، إضافة للوقت الطويل الذي تقضيه على الطريق نظرا ً لطول مسافة الخط المقرر لها ، وهو ما يتسبب بتأخر الموظفين والعمال والطلاب عن دوامهم ويدفع الجميع لاستخدام السرفيس كواسطة نقل سريعة .
الانتظار سيد الموقف
غدير مدرس من حي الزهراء قال : من المفترض أن كل السرافيس العاملة على خطوط العباسية والأرمن والمهاجرين والسبيل يجب أن تمر من حينا «بحكم موقع الحي «وبالتالي فإن النقل متوفر باستمرار وهذا حقيقي ،ولكن تمر السرافيس وهي ممتلئة بالركاب من بداية الخط الذي انطلقت منه ونادرا ً ما يوجد فيها مكان لراكب نظرا ً لتوقفه بأي مكان لأخذ الركاب ،حيث لا مواقف محددة في الحي وإنما هناك عرف سائد عن بعض المواقف مثل الساحة وإشارة الزهراء، وبالتالي فإن الانتظار طويلا ً هو سيد الموقف..
أما بخصوص باصات النقل الداخلي فقال : يوجد باص نقل داخلي يعمل على الخط يمر بالحي حوالي الساعة / 7,5 / صباحا ً دون أن يتوقف إلا فيما ندر وبعد السؤال والاستفسار تبين بالفعل وجود باصي نقل داخلي يمران بالزهراء ويصلان إلى السوق وثلاثة آخرين يعملون على خط الستين دون التوقف بحي الزهراء ومن النادر مشاهدة هذه الباصات بعد الساعة التاسعة صباحا ً ،علما أن عملها ينتهي بتمام الساعة / 2,5 / ظهرا ً لتعود إلى الشركة وللتأكد أكثر انتظرت باص النقل الداخلي على إشارة الزهراء حوالي الساعة والنصف حيث وصل أحد الباصات العاملة على الخط ولكن المفاجأة كانت بعدد الركاب الذين استقلوا الباص حيث لم يتجاوز عددهم العشرة أشخاص وبقي عدد لا باس به ينتظرون مرور السرفيس وعند سؤال سائق الباص عن سبب تأخره لوقت طويل أجاب : أولا ً أنا أعمل على خط طويل جدا ً يمتد من الكراج الشمالي وحتى الكراج الجنوبي مرورا ً بأحياء المدينة وهذا يحتاج لوقت طويل إضافة للتوقف على مداخل الأحياء .
عدا عن وجود ازدحام السيارات في أوقات الذروة ،وهذه العوامل كلها هي السبب الرئيسي في التأخر عن المواعيد المحددة للمرور في الأحياء التي أعمل على خطوطها .
مواصلات قليلة
صبحي من حي كرم الشامي وعماد من حي الادخار أشارا إلى أن هذين الحيين غير مخدمين بالسرافيس ، إنما بباصات نقل داخلي فقط تمر من أطراف هذين الحيين ولا تدخل ضمنهما ، وبالتالي فمن يود من أهالي الحي أن يتسوق أو ينقل أغراضا ً خاصة لمنزله عليه الاختيار بين أمرين أحلاهما مر الأول هو تحمل عناء حمل أغراضه لمسافة قد تطول أو تقصر حسب موقع منزله من الحي والطريق الرئيسي الذي يمر به الباص ،أو مشقة استقلال سيارة تكسي أجرة وبالتالي تكبد تكاليف إضافية قد لا يكون له طاقة بها …
وطالب عدد من أهالي هذين الحيين ممن التقيناهم بتخصيص عدد من السرافيس للعمل على الخطوط الداخلية لهذه الأحياء ،علما أنه كان وطوال سنوات الحرب تمر سرافيس في شوارع حي كرم الشامي ، وتخدم المواطنين من دوار تدمر وحتى حي الغوطة ومدخل حي الوعر ، أو السماح لباصات النقل الداخلي بدخول هذه الأحياء لتخديم سكانها خصوصا ً وأن أحياء مساكن الإدخار والسكن الشبابي تتميز بوجود شوارع عريضة داخلها مما لا يشكل أي عائق أمام دخول باصات النقل إليها وأن الأمور لا تحتاج سوى التفاتة من الجهات المعنية لتخفيف معاناة سكان هذه الأحياء فيما يخص النقل.
مزاجية وتحكم
وخلال تجاذب أطراف الحديث مع عدد من المواطنين المنتظرين لسيارة نقل جماعي / باص – سرفيس / سألناهم عن سبب ابتعادهم عن استقلال إحدى سيارات التكسي المنتشرة بكثرة بين الأحياء والتي يستجدي سائقوها الركاب للصعود معهم أجمعوا كلهم عن عدم رغبتهم بذلك إلا في حالات الضرورة القصوى وذلك نظرا ً لارتفاع أجورها حيث تعود تسعيرة الركوب فيها لمزاجية السائقين الذين لا ينفكون عن شرح معاناتهم أمام الركاب ومدى صعوبة تأمين البنزين وارتفاع أسعار قطع الغيار وأجور الصيانة ولا ينتهي النق والنواح حتى يصدمك بطلب مبلغ مرتفع لقاء توصيله لك للمكان الذي تقصده ولا يترك أي مجال للمناقشة ويعلمك بأنه غير آبه بأي شكوى ترغب بتقديمها للجهات المعنية بحقه معتمدا ً على الدعاء والتضرع إلى الله بالانتقام له من كل من يحاول أذيته والمس بلقمة عيشه وعيش أولاده …
تواتر منظم
نغم طالبة جامعية قالت : نخرج من بيوتنا باكرا ً بحدود الساعة السابعة صباحا ً وذلك لحجز مقعد في السرفيس نظرا ً للازدحام الموجود وخصوصا ً أوقات دوام الطلبة مما يضطرنا للتأخر عن محاضراتنا ولاسيما المحاضرات العملية والدكتور من الممكن أن يتغاضى عن التأخر بعض الوقت بما لا يزيد ع 5 – 10 دقائق ولكن في حال زاد التأخير عن ذلك فإنه لا يسمح لنا بالدخول وبالتالي ضياع الدرس العملي وهذا يؤثر علينا في الامتحان النهائي ، وطالبت نغم بوجود باص نقل داخلي يعمل بتواتر منظم ، إضافة لمنع تعاقد السرافيس العاملة على خط الجامعة مع المؤسسات والدوائر الحكومية والرياض الخاصة لتخفيف هذا الازدحام الهائل .
أزمة الريف أقسى
وحال أهالي الريف ليس أفضل من أهالي المدينة من حيث معاناتهم مع أزمة النقل بل تعتبر الأزمة في الريف أكبر وأقسى..
نور طالبة جامعية قالت : هناك مشكلة كبيرة في تأمين واسطة نقل من وإلى الجامعة بشكل يومي، فعلى الرغم من أن الفرع الذي أدرسه نظري ولكن يوجد لدينا دوام يومي وعندنا دروس عملية ، واضطر للدوام بشكل يومي والسيارات العاملة على خطوط قريتي قليلة نسبيا ً إضافة إلى أنه يتوجب علي يوميا قطع مسافة ما يقارب ( 2كم ) سيرا على الأقدام لأصل الى الطريق العام الذي تمر منه السيارات..
وطالبت بتسيير باص نقل داخلي للعمل على خطوط الريف بحيث يكون وقت انطلاقه من القرية الساعة 7 صباحا ً مما يؤمن وسيلة نقل لعدد كبير من طلاب الجامعة والموظفين ، ويخفف من معاناتهم ..
تعاقد اضطراري
رولا حمدان «مدرّسة» قالت : أنا أدرّس في إحدى القرى القريبة من قريتي ولكن لم أتمكن يوما من الوصول إلى مدرستي في الوقت المحدد والسبب عدم توفر وسيلة نقل بين بينهما ، وإنما في حال وفقت بالحصول على مقعد في أحد السرافيس العاملة على خط القرية يتوجب علي النزول على مفرق القرية والذهاب إلى المدرسة سيرا على الأقدام وهذا الأمر ينطبق حكما على زملائي وزميلاتي مما دفعنا للتعاقد مع إحدى السيارات العاملة على الخط لتوصيلنا يوميا إلى المدرسة في بداية الدوام والعودة بنا في نهايته لمنازلنا، ورغم المبلغ المادي الكبير الذي ندفعه شهريا إلا أننا مضطرون لذلك.. وطالبت بتأمين باصات نقل داخلي على الأقل للعمل على خط القرية مما يخفف الضغط على السرافيس، ومن معاناة أهالي القرية والقرى المجاورة ويوفر على العمال والطلاب أعباء مادية إضافية ترهق كاهلهم وهم بغنى عنها ..
تكديس الركاب
مرام « موظفة»قالت : معاناتنا اليومية من مشكلة النقل لم تنته منذ بداية الحرب على بلدنا حيث من الواجب علينا كموظفين أن نستقل أول سيارة تنطلق من القرية باتجاه المدينة تجنبا للتأخير عن الموعد المحدد لبداية الدوام في عملنا والتعرض للعقوبات أو التنبيه ، علما أن الأمور قبل بداية الحرب كانت أفضل نوعا ما حيث كان يعمل على خط القرية باص نقل داخلي وله أوقات محددة تناسب الجميع لكن شركة النقل الداخلي أوقفت عمل هذا الباص لأسباب خاصة بها ..
وطالبت بإعادة باص النقل الداخلي للعمل على خط القرية خصوصا بعد عودة الأمن والأمان لربوع محافظة حمص بالكامل ، ومنعا لتحكم أصحاب السرافيس بالركاب والقيام بتكديسهم وحشرهم ووضع 4 ركاب في مقعد سعته 3 ركاب من الحجم المتوسط ، والذريعة هي أنه يوجد ضغط كبير ولا يجوز ترك أي مواطن ليتأخر عن عمله وهي حجة يراد بها كسب المال على حساب المواطن ..
3700 عدد سيارة مسجلة
قمنا بنقل هموم ومعاناة أهالي محافظة حمص إلى عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل المهندس حسام منصور الذي بين أن أزمة النقل في حمص كبيرة والجهات المعنية تعمل بكامل طاقتها لمعالجتها عبر إجراءات مشددة تطبق على السرافيس العاملة على الخطوط ومنع تعاقدها مع الجهات العامة والخاصة دون موافقة لجنة الركاب ورفد أسطول النقل بسيارات جديدة ،مبينا أن عدد السيارات المسجلة لدى مديرية النقل البري بحمص وتعمل على خطوط المدينة هو ( 3700 ) سيارة في حين الموجود فعليا في الخدمة يبلغ ( 2700 ) سيارة حيث بلغت نسبة السيارات التي خرجت من الخدمة حوالي ( 40 % ) وهذا يتسبب بشكل أو بآخر في حدوث أزمة نقل وبعض الاختناقات على بعض الخطوط ،وفي حال وجود سيارات متعاقدة مع إحدى الجهات تزداد المشكلة أكثر …
495 باصا جديدا
وعن الحلول المقترحة لمعالجة أزمة النقل في محافظة حمص بين منصور أنه تم رفع كتاب إلى رئاسة مجلس الوزراء للموافقة على استيراد 495 باصا جديدا سعة 25 راكبا ليتم توزيعها على الشكل التالي 250 باصا للمدينة و للريف 245 باصا منوها إلى أنه تمت الموافقة على الطلب وحاليا بانتظار إجراءات الاستيراد لوضع الباصات في الخدمة .
زيادة المحروقات
وأضاف منصور أنه من ضمن الحلول المقترحة لتخفيف أزمة النقل في المحافظة ولاسيما في الريف زيادة مخصصات المحروقات للسيارات العاملة على خطوط الريف مما يؤدي إلى زيادة عدد الرحلات يوميا وبالتالي التخفيف من معاناة المواطنين حيث تم رفع كتاب إلى لجنة المحروقات في المحافظة ونحن بانتظار الموافقة ، إضافة إلى العمل على إعادة تأهيل الطرق في الأحياء بعد فتحها بشكل كامل ،وإعادة خط السيارات العاملة على خطوط هذه الأحياء وفق مساراتها السابقة التي كانت تعمل عليها قبل بدء الحرب الظالمة على سورية ..
يوسف بدور – بشرى عنقة

المزيد...
آخر الأخبار