كثرت في الآونة الأخيرة حالات التهرب من دفع الالتزامات المختلفة من فواتير وضرائب وما إلى هنالك ورغم أن الحالة ليست متفشية في المجتمع السوري لكنها موجودة … وبحجة ظروف الحرب ضاع الحابل بالنابل وتهرب العديد من الصناعيين و التجار ومكلفي الأرباح الحقيقية من تسديد التزاماتهم لمالية حمص و الماليات التابعة لها في المحافظة ..
وفي المشهد الآخر نلاحظ التزاماً من قبل آخرين – رغم تعثر عملهم – في الوقت الحالي ..
( العروبة ) التقت عدداً من المكلفين من مختلف الشرائح ورصدت العديد من الحالات .
التزام أخلاقي
أحد تجار المحافظة الكبار أوضح للعروبة أن من يعي أهمية الضريبة سوف يلتزم طواعية بما عليه إلا أننا و للأسف نفتقد لثقافة الالتزام الضريبي و يعتبر بعضهم أن القدرة على التهرب ( شطارة ) في حين أنها سوس ينخر في الاقتصاد المحلي ويؤثر بشكل مباشر على مختلف الخدمات العامة .. وأشار إلى أنه يقوم بشكل سنوي بتقديم بيان سنوي عن أعماله لتسديد مايترتب عليه ..
بحاجة للدعم
صاحب محل في سوق المدينة قال : ليس هدفنا التهرب من تسديد ماعلينا و لكن نأمل أن يتم لحظ تعثر أعمالنا وعدم مقدرتنا حالياً للعمل بالمستوى الذي كنا عليه قبل سنوات الحرب , وخاصة بعد الخسائر التي منينا بها وغلاء الأسعار حتى على التجار وارتفاع التكاليف من مختلف النواحي …
وأشار إلى أن محال المدينة اليوم بحاجة إلى الدعم أكثر من التكليف و في الواقع فإن الضرائب و الإيجارات و الفواتير أصبحت تسبب عبئاً ثقيلاً على شريحة التجار الصغار والذين يحاولون الاستمرار بأعمالهم رغم الصعوبات ..
نفتقد أحياناً لروح القانون
ولصناعيي المحافظة رأي مشابه إذ أن أحدهم أوضح في حديثه ..صحيح أن نسبة التكليف الضريبي هي الأخفض إذا ما قورنت بالدول المجاورة لكن المشكلة التي نعاني منها في بعض الأحيان عدم تعامل مراقب الدخل بروح القانون ووضع تصنيفات ربما لاتنسجم مع الواقع بشكل منطقي وهنا يشعر الصناعي بالظلم بالضريبة المكلف علماً أننا لاننكر التعامل الجيد من قبل أغلبية المراقبين ومراعاتهم لظروف العمل والعثرات التي تعترضنا إلا أن مراقبين آخرين يتزمتون بآرائهم و يصرون على تصنيف الصناعي للشريحة الأعلى و هنا تترتب مبالغ كبيرة على الصناعي وبشكل خاص عندما يقر المراقب التكليف منذ بدء العمل و ربما يشمل في هذه الحالة عدة سنوات و بذلك تكون الأرقام مضاعفة و المطلوب تسديدها دفعة واحدة , و بصراحة هذا الواقع يخلق شرخاً بين المالية و المكلف الذي يصبح في حالة البحث عن وسيلة للتهرب من التسديد لعدم قدرته المالية و لأنه لاينسجم بشكل حقيقي مع الأرباح المقدرة .
التحقق ضرورة
و تحدث صناعي آخر أن شريحة من الصناعيين ذهبت إلى أبعد من ذلك بكثير… فهم بعيدون كل البعد عن حالة عدم الدفع بسبب ضائقة مادية أو لتخرب منشآتهم وبعض منهم باتوا يصطادون في الماء العكر و يظهرون وثائق تثبت تخرب منشآتهم إلا أنهم في الحقيقة يعملون وبأفضل الظروف والأرباح وهو أمر أثبتته بيانات جمركية بمحض المتابعة والتقصي .. وكثرت حالات إخفاء البيانات الصحيحة في القطاع الخاص باعتباره غيرمكشوف وغير مراقب بشكل كامل ..
تقتل روح المنافسة
وتحدث عن آثار التهرب الضريبي على التجار والصناعيين إذ أنها تقتل روح المنافسة عند الشركات و المؤسسات الاقتصادية و له آثار اجتماعية ونفسية منها الشعور بعدم المساواة وعدم العدالة بتوزيع الضرائب إذ يتحمل التاجر ( الصريح ) في بياناته العبء الأكبر وبالتالي لايشعر بعدالة بين المكلفين أو الحريصين على أداء الواجب الوطني , وهو يعمق الفوارق الاجتماعية..
ونحن الآن بحاجة إلى التناغم والتكامل بين كل الجهات المعنية المسؤولة عن الترخيص والتجارة الداخلية ومنح السجل التجاري من أجل تشديد الرقابة للتخلص من التهرب الضريبي أو على الأقل التخفيف منه ووجود عقوبات رادعة ويجب تطبيقها بشدة ..
المالية تمد جسور الثقة
وفي إجابته عن موضوع تدقيق قيود المكلفين وحجم نشاطهم واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها بما يتوافق مع حجم فعالياتهم و نشاطهم أو حجم إنتاجهم في المنشآت الصناعية أشار معاذ عبارة مدير مالية حمص أن المقصودين بهذا السؤال هم في زمرة الأرباح الحقيقية وأوجب القانون على مكلفي هذه الفئة تقديم حساباتهم وميزانياتهم للدوائر المالية في بداية العام التالي لسنة التكليف , ولدى المباشرة في إنجاز هذه التكاليف تتم دراستها من قبل مراقبي دخل متخصصين وعلى إثره تتم زيارة المكلف في موقع عمله و تدقيق سجلاته وقيوده ومطالبته بإبراز الوثائق المثبتة لإدخالاته وإخراجاته والأعباء والمصاريف المترتبة , وذلك للتوصل إلى حجم الفعالية و الأرباح الصافية التي ستخضع للضريبة ثم تعرض على لجان متخصصة لاتخاذ القرار المناسب , وفي حال عدم القناعة تعاد هذه التكاليف لإعادة دراستها من جديد و البحث عن معطيات جديدة تساعد في التكليف لتصويب القرار وجعله منطقياً وعادلاً , وفي هذه الحالة خصوصاً لمكلفي هذه الزمرة تتم الدراسة بشكل دقيق , وتحدث عبارة عن اتخاذ قرارات واقعية جداً و حققت إيراداً جيداً لمديرية المالية ..
عفو من الغرامات وطي ضرائب
و أضاف : صدر مرسوم نص على حسم الغرامات المترتبة نتيجة التأخير لمكلفي الأرباح الحقيقية لتشجيعهم على التسديد إذا تحققت الضريبة بالعام نفسه و دفع المكلف ما يترتب عليه من التزامات بالعام ذاته أما في حالة التأخير لن يتم حسم أي غرامة…
كما تم لحظ المناطق المتضررة بالقانون رقم 19 تم فيه تحديد المناطق المتضررة بفعل الحرب و تطوى بموجبه الضريبة على المكلفين خلال فترة ( الخروج عن العمل ) وأشار إلى أن الكوادر في المالية تقوم حالياً بشكل تلقائي بطي الضرائب عن المناطق المتضررة حتى إذا لم تتم مراجعتنا من قبل المكلف شريطة الالتزام بتسديد الالتزامات المالية لعام 2011 و ماقبل …
وأشار إلى الجهود الكبيرة المبذولة من قبل الكوادر العاملة في مالية حمص ومديريات المال في الريف وهي حسياء و تدمر و المخرم و القصير و الرستن وتلدو وتلكلخ و الدوائر و الشعب في شين و تلبيسة و القريتين و صدد و القبو , و توجد حاليا دراسة لإحداث دوائر و شعب أخرى مثل الحواش مما يسهل العمل و يخفف العبء عن المكلفين..
تنسيق بات ضرورة
من خلال ما تقدم يبدو أن التنسيق والتكامل و التناغم بين الجهات المسؤولة عن الترخيص والتجارة الداخلية و منح السجل التجاري بات ضرورة ملحة , والمهم أكثر دور غرفتي الصناعة و التجارة في تعزيز الوعي لدى المكلفين بالالتزام الضريبي و إظهار البيانات الصحيحة ليكون التكليف الضريبي منصفاً للطرفين ..
إذاً فالتكليف الضريبي ليس كسر عظم , ولامحاولة لإضعاف الصناعي أو التاجر أو غيره وإنما هو وسيلة فعالة لتأمين رقم جيد لموارد مالية لازمة لخزينة الدولة لها أهداف اقتصادية أهمها توجيه عملية الإنتاج المحلي وحمايته وتنمية عملية الاستيراد والتصدير وتوجيه الاستهلاك للسلع والخدمات وأهداف اجتماعية متمثلة بتوزيع الدخول بين الأفراد عن طريق فرض ضريبة مالية وبنسب تصاعدية على أصحاب الدخول المرتفعة تكون بنسب منخفضة , ومعفاة للدخول المتدنية ..
ولايخفى على أحد ضرورة اتخاذ تدابير مجدية على أرض الواقع منها تطبيق نظام الفوترة ، والتقيد بالعدالة الضريبية ، وتعديل التشريعات الضريبية ، وتخفيض معدلات الضريبة وإنشاء محاكم ضريبية وتطبيق نظام الاستعلام الضريبي وغيرها.
أخيراً
يعتبر التهرب الضريبي من الآفات التي تنخر في موارد البلد وتؤثر بشكل مباشر على نوعية الخدمات المتنوعة التي تقدمها الجهات الخدمية ويقول اختصاصيون أنه لاتوجد إحصائيات دقيقة لحجم الأموال التي تخسرها خزينة الدولة من التهرب الضريبي إلا أنها بمئات الملايين على أقل تقدير , ومن هنا تتبين أهمية الالتزام بتسديد الواجبات الضريبية على المكلفين , لكن وفي الاتجاه الآخر تتبين لنا المسؤولية الكبيرة الواقعة على مراقبي الدخل لتوخي الدقة أثناء وضع أرقام التكليف مع مراعاة الظروف والتحديات التي يمر بها صاحب أي عمل.
هنادي سلامة
المزيد...