حماية المستهلك تفرض وضع التسعيرة بوضوح … و السوق يفرض شروطه… رغم ارتفاع الأسعار … «الموبايل و الكمبيوتر المحمول» تحولا لأساسيات

فرضت أجهزة الهاتف المحمولة (الموبايلات) وأجهزة الكمبيوتر الشخصية (اللابتوبات) حضورها و اقتحمت – عن طيب خاطر- حياتنا اليومية و أصبحت الوسيلة الأولى و الأهم للتواصل حتى أنها طغت على التواصل الفعلي ورغم أسعارها المرتفعة والتي – تهد الميزانية – لعشرات الأشهر المقبلة يستمر المواطنون وبخاصة جيل الشباب بالتزود بأحدث الأنواع والموديلات والمواصفات..
( العروبة ) استطلعت وبحثت عن واقع سوق (الموبايلات و اللابتوبات) وواجهتنا في عملية البحث مشكلة كبرى لابد من الحديث عنها باستفاضة.

يبن الضرورة و المظهر
توجهنا أولاً لعدد من الطلاب الجامعيين و منهم الطالب يزن و هو في السنة الثالثة من كلية الهندسة المدنية قال: إن الهاتف الجوال الأول في حياته كان هدية تفوقه في شهادة التعليم الأساسي و استمر التعلق بهذه الأجهزة و هو يتابع بشكل مستمر تحديث جهازه عن طريق شراء المستعمل و أكد أنه و بحكم الدراسة و الخبرة أصبح لديه باع طويل في هذا المجال و هو قادر على استعمال الجهاز الذي يحمله بكل تقنياته و بدون أن يكون حمله مجرد مظهر اجتماعي.
نسرين طالبة حقوق أشارت إلى أنها حصلت على الجهاز كهدية نجاحها في الشهادة الثانوية و أكدت بأنها كانت متحمسة جداً لحمله و تشعر بالسعادة عندما تراه من النوع «الفخم» و قالت صحيح أن أهلي دفعوا ثمناً باهظاً يتجاوز المئة وخمسين ألف ليرة ثمناً له لكني سعيدة به و هو عندي أهم هدية تلقيتها .
سارة طالبة رياضيات أشارت إلى أنها لا تستطيع التخلي عن جوالها وهو أساسي في حياتها بالرغم من عدم إجراء الكثير من الاتصالات إلا أنه الوسيلة الممتازة للتواصل مع الأصدقاء الحقيقيين و الافتراضيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي جولتنا في أحياء المدينة التقينا بالعديد من المواطنين و لاحظنا أنه من النادر تواجد مواطن بعمر يزيد عن 15 عاماً بدون جهاز جوال خاص به أما الأطفال فلهم نوع آخر يسمى (التاب أو التابلت) و هو بأقل الأحوال بسعر يتجاوز سبعين ألف ليرة ومخصص للتسلية غالباً ؟؟
انضمام لركب التحضر!
وحدثنا الشاب عامر بأنه يعمل في محل للحلويات و يستفيد من الجوال في عمله كما أنه يجده وسيلة للتسلية من خلال مختلف التطبيقات , بينما أكدت السيدة أم مازن أنها عانت من تعليقات أبنائها و جاراتها و تمكنت أخيراً من التأقلم مع هذه التقنية الحديثة و انضمت إلى ركب الحضارة – على حد قولها –
في حين أومأ الشاب محمد إلى أن من يحمل جهازا متواضعاً اليوم لن يتمكن من منافسة أقرانه و أكد أن أغلب أصدقائه يستخدمون (الموبايل) للتسلية و الترفيه وليس لأغراض مفيدة , و هو مقتنع بأن اقتناء جهاز باهظ الثمن بدون الاستفادة منه بالشكل الأمثل ليس مناسباً لشاب في وضعه و أمامه الكثير من الأساسيات التي يتوجب توفرها قبل المحمول .. و لن يكون هذا الجهاز المعيار الذي يقيم انضمامه لركب الحضارة أم لا…
الثابت … موضة طي النسيان
ثم وفي أحياء مختلفة و في سوق المدينة رصدت ( العروبة ) حركة بيع و شراء قوية لأجهزة الموبايلات و أجهزة الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) و أكد الشاب علي أن استعمال الكمبيوتر المحمول أصبح أسهل و أفضل خاصة و أن موضة الكمبيوتر الثابت أصبحت طي النسيان بحسب تعبيره و أشار أن المحمول يتمتع بخصوصية لصاحبه كما يمكن استخدامه خارج المنزل أو في عدة أماكن.
بريستيج..
بينما أكدت رشا أن حمل حقيبة اللابتوب له ميزة و إطلالة خاصة و لمحت أنها لاتحتاج الجهاز المحمول بشكل ضروري و لكنها تشعر أن اقتناءه ميزة .. وأشارت أميرة و هي مدربة رياضة بأن الجوال أو الكمبيوتر المحمول له علاقة بالبريستيج في وقتنا الحالي , في حين أكدت لارا أن الكمبيوتر المحمول أصبح ضرورياً لمن يتطلب عمله ذلك أما غير ذلك فوجوده ليس ضرورة …
استخدام خاطئ
السيد عماد محمود خريج مدرسة اتصالات اختصاص اتصالات لاسلكية أشار إلى أن غالبية الناس لاتستعمل التقنيات و التطبيقات الموجودة في الجهاز الذي يقتنونه بشكل كامل بل إن استخدامهم لايتعدى الفيسبوك و الواتس آب غاضين الطرف عن الكثير من التطبيقات التي يمكن أن تفيدهم في حياتهم اليومية
و على سبيل المثال يوجد أجهزة راوتر تدعم خدمة معينة و البعض لايدعم هذه الخدمة و لكن الزبون يميل للجهاز الشامل حتى عندما يكون السعر مرتفعاً مقارنة مع الفائدة المحققة منه.. وأوضح أن الأجهزة الذكية سلاح ذو حدين يجب علينا معرفة التعامل معها بالشكل الأنسب و حسب الحاجة علماً أننا في الوقت الحالي نعرف حق المعرفة أن نسبة كبيرة من الناس تتزود بأحدث الأجهزة بغرض المفاخرة و التسلية ..
وأكد أن أسعار هذه الأجهزة مرتفعة جداً إذا ما قورنت بالأسعار على الصعيد العالمي و لكن هذا الأمر مرهون بطرق الاستيراد وغيرها من الإجراءات وخاصة و نحن بلد يعاني من حصار اقتصادي جائر و هذا الأمر يرتب المزيد من التكاليف على المستوردين ..
لانقاش على الأسعار ولامساومة
إياد صاحب محل موبايلات يقول بأنه وبشكل دائم تأتينا عشرات الأنواع من أجهزة الموبايلات و اللابتوب و بمواصفات مختلفة و الأسعار خيالية و مرتفعة جداً علينا ( أصحاب محال البيع بالمفرق ) وعلى المواطنين و تسود ثقافة عامة بأنه لايمكن المناقشة بالسعر لأننا محكومون بالبيع بحسب الفاتورة التي نتزود بها من بائع الجملة أو المستورد الأساسي مؤكداً أنه و برغم ارتفاع الأسعار إلا أن حركة الشراء تنشط في الأعياد وفي موسم النتائج كهدية للنجاح .. و أشار إلى أنها تحولت و- بحسب خبرته بالمهنة – إلى مظهر اجتماعي أكثر من كونها مفيدة للتواصل .. و أغلب الزبائن الذين نتعامل معهم من شريحة الشباب.
ومن جهته أوضح حاتم صاحب محل موبايلات أنه يبيع بصيغة التقسيط لكثير من الزبائن الموثوقين بعد أن يحصل على 30% من السعر الأساسي للجهاز و بقسط شهري يتراوح بين 10-20 ألف ليرة حسب سعر الجهاز و إمكانية الزبون , وأضاف : بأنه يشتري المستعمل من أصحابه شريطة وجود العلبة ( الكرتونة ) الأصلية للجهاز و بذلك يضمن أن الجهاز مصدره مشروع وخال من أي مشاكل.
البالة حتى في الأجهزة
وبما أن الحاجة أصبحت ماسة للكمبيوترات المحمولة يلجأ عدد من المستوردين لإحضار أجهزة بكميات كبيرة لكنها مستعملة و هنا تتم تسميتها أجهزة بالة تأتي بالات بكميات ضخمة ومن الممكن أن تتزود بجهاز بمواصفات جيدة جداً بسعر ثلث السعر في الأسواق إلا أن المشكلة عدم وجود قطع للإصلاح , كما أنه لاتوجد أي إثباتات أو علب ( كراتين) لهذه الأجهزة و بالتالي لايمكن استعادتها في حال السرقة أو ضياعها …
و عند استفسارنا من المهندس رامي عن هذه الأجهزة أوضح أن عدداً كبيراً من المحال يعمل في هذا المجال و نظراً لغلاء أسعار الأجهزة الجديدة و خاصة اللابتوبات و التي تتجاوز 500 ألف في أغلب الأحيان و بمواصفات متوسطة يمكن هنا أن يشتري الزبون كمبيوتراً محمولاً بمواصفات ممتازة و بثلث السعر تقريباً لكن المشكلة التي نواجهها هنا أن الاعتماد على الحظ بشكل كبير وعلى مبدأ (أنت و حظك) يتم شراء هذه الأجهزة و أكد أنها أجهزة لايمكن إصلاحها عند حدوث أي عطل فيها لعدم وجود قطع تبديل و لعدم وجود متخصصين في هذا المجال و أكد أنه لعدم وجود (كرتونة) عليها بيانات الجهاز لايمكن البحث عنه في حالة السرقة أو ضياعه من صاحبه وأشار أن التوفير ليس من صالح الزبون في هذه الحالة لأنه عندما يشتري جهازا محمولا بسعر يقارب 200 ألف و يصاب بعطل ما بعد فترة قصيرة من الزمن سيخسر الجهاز بالكامل ..
وهنا حدثنا يزن وهو طالب جامعي بأنه تزود بأحد هذه الأجهزة و اشترى اللابتوب ذا السعر 500 ألف ب 170 ألف تقريباً لكنه يقول بأنه لاضمانة و لا إمكانية لإصلاحه, و منذ فترة قصيرة تعطل كرت الشاشة و بالتالي تحول الجهاز إلى خردة؟!
تقسيط مرهق
أكدت السيدة رانيا بأنها تدفع شهرياً أقساطاً لجهازي موبايل لأولادها و هما في المرحلة الجامعية و تحدثت عن حاجة ابنتها و هي طالبة هندسة سنة ثانية اختصاص معلوماتية لجهاز كمبيوتر محمول ذي مواصفات جيدة و تقنية عالية و أكدت أن أسعار الأجهزة تتجاوز 500 ألف و هي قيمة تساوي قيمة قرض لموظف يسدده على مدار خمس سنوات فكيف الحال عندما سيكون التقسيط من بائع في القطاع الخاص .. و بأحسن الأحوال فالقسط الشهري لن يكون أقل من 15 ألف ليرة و هو مبلغ مرهق على أي موظف .. و إذا لجأنا لشراء المستعمل فهو غير مضمون والبائع غير مسؤول عن أي عطل حال خروجك من المحل ؟؟
لا إحصائيات واضحة و لا أرقام دقيقة
و في بحث العروبة عن أي رقم أو إحصائية تعطي مؤشراً على حركة البيع و الشراء في الأسواق واجهتنا مشكلة كبيرة وهي عدم وجود أي إحصائية حقيقية ترصد حركة السوق رغم أنها حركة لايستهان بها وواضحة للعيان ولا يمكن نكران قوتها في مواسم محددة …
وفي تصريح للعروبة أشار الدكتور محمد الجاسم و هو متخصص بالشأن الاقتصادي أن ضريبة هذه الأجهزة يتم استيفاؤها و تحصيلها كضريبة دخل على أرباح البائع … و بالتالي فإن بيع و شراء المستَعمَل لا يخضع لأي ضريبة أو حتى رقابة من أي جهة تضمن حقوق الطرفين (البائع و المشتري) و بالتالي فإن مراقبة هذه الحركة شبه معدومة في الوقت الحالي كونها لاتدخل ضمن السجلات المحاسبية الواضحة لأي بائع و لاتوجد فيها فواتير , و هنا لايمكن القول إن فيها شيئاً من التهرب الضريبي و لكن لابد من القول إن البيع يتم باتفاق الطرفين دون أي جهة وصائية ثالثة تضمن الحقوق , و بالتالي لايمكن إجراء أي ضبط لهذه العملية على الأقل في الوقت الحالي و الحل الوحيد هو التدخل بشكل أكبر لمديرية حماية المستهلك ..
22 ضبطاً و 22 إغلاقاً خلال شهرين ونصف
و في تصريحه للعروبة أشار المهندس رامي اليوسف مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أنه كحال مختلف الفعاليات الاقتصادية نقوم بجولات وبشكل مستمر على مختلف المحال في المدينة و الريف و مؤخراً بدأنا بالتشديد على ضرورة وضع السعر على أي جهاز وأي قطعة و هذا يشمل الإكسسوارات أيضاً …
وخلال العام الحالي و لغاية تاريخه تم تنظيم 22 ضبطاً لمخالفات إضافة لتنفيذ 22 إغلاقاً لمحال بيع الأجهزة الموبايل واللابتوب و تتعلق الضبوط بعدم وجود فواتير نظامية أو البيع بسعر مخالف و أكد أنه يتوجب على كل صاحب محل الإعلان بشكل واضح و صريح عن أي قطعة..
وعند تساؤلنا عن التغير المفاجئ و حجة أصحاب المحال باختلاف الأسعار بشكل سريع و مفاجئ أكد اليوسف أن الفواتير النظامية تصدر من مستورد أو تاجر جملة و هي مناسبة و فيها هامش ربح للبائع و بالتالي يتوجب على كل محل أن يتقيد بها .. مؤكداً أن دوريات حماية المستهلك مستمرة بجولاتها المتكررة وغير الدورية على مختلف المحال في المدينة و الريف لضبط أي مخالفة أو تلاعب, و أي مخالفة يتم تنظيم الضبط اللازم بحق مرتكبها و بغرامات تصل لـ25 ألف ليرة يتوجب دفعها خلال خمسة أيام من تنظيم الضبط أما تجار الجملة فتحال ضبوطهم للقضاء المختص ليتم النظر بها و تحديد العقوبة…
أخيراً
يبدو اليوم أننا ضمن واقع تفرضه حرب شركات ضحيتها المواطن الذي يدفع – عن طيب خاطر – مدخوله لأشهر عديدة لقاء جهاز لايستخدم من تقنياته الربع .. ولكن ورغم ما ذكر لابد من إيجاد صيغة يتم فيها ضبط عمليات البيع والشراء وعدم ترك الحبل على الغارب و خاصة فيما يتعلق بالمستَعمَل..

هنادي سلامة – محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار