تحية الصباح .. بنائية الذات

إذا ما تلفت القلب صوب الماضيات سنيناً ضمن فضاء من تجليات تفيض بها الذاكرة نضارة أحاسيس ومشاعر وبهاء تأمل وفق رزانة تفكير سرعان ما تخطر بالبال ما كان يقوله معلمونا الأفاضل الكثير من العبارات في التوجيه والإرشاد  والتوكيد على مركزية التدبر حيال أي أمر , غايته في ذلك مزيد من صقل عبر بنائية الذات . ولعل من تلك العبارات قولهم : ركّز بورقتك . والحال هو كذلك في رسالة التربية  ضمن تكاملية التعليم والتعلم وفق مصطلح « التربية في العمق » وهكذا الأمر في اللاحقات من السنين تتالي أجيال .
إن القاسم المشترك للمؤسسة , أسرة ً ومدرسة ومؤسسات أخرى تُعنى بتمكين الفرد من تعزيز قدراته والكشف عن ميوله واتجاهاته وما يسهم في تعميق حضوره عبر قوى معرفية تنبسط  بقدر كاف  من إعمال التفكير وسعة الثقافة وغنى التجارب ما بين ذاتية وموضوعية يضاف إلى محفزات قوامها وعي الإدراك الجمالي لخصوصية الفرد بما لديه من إمكانات وذكاءات وما يجمع من بنية فطرية ومتسع من معطيات في الاكتساب عبر أنماط التعلم ومشارب المدارس الخلفية من صحف و إذاعة وتلفاز …  والإفادة من التقانة ومركزية التعلم الذاتي توكيداً لتفرد المرء في تحقيق مبدأ الاعتمادية عبر مؤشرات من ثقافة حياتية مجتمعية و أخرى عالمة تشع ألقاً عبر حروف ناهضة من مصادر ومراجع و أصحاب قامات في كل علم وفن .
إن بنائية الذات هي استنهاض و استثمار للزمن ولقدرات المرء ذاته عبر دُربة يجسدها إتقان فتكون الجودة مرجعية كل عمل و أصالة كل جهد .
إن التوجيه للتركيز بالورقة هو في نهاية المطاف تأكيد على أهمية إنتاج المرء لما يقدر عليه وعمق ما يمكنه استثماره من سَعى إلى ذلك من غير أن يحتاج إلى اتكاء على عكاز هنا أو استقواء هناك وهذا يعمق دفء المرء أمام نفسه عبر وقدة من ثقة تتجدد عبر نجاحات , دفء جمراتها ينسرب بين الحنايا والضلوع سعادة عصامية في نجاحات هي نتاج المرء على دروب كل جهد فيتراءى الطموح مشروع نبوغ على مطلول آمال يتمناها : من جد وجد على خلاف من درجت به الحياة وقد أخذت الظروف تهزج له  حظوظاً من غير كثير من كد أو تعب فتراه يبحث عن امتلاء عبر اتكاءات , وقد أغراه جشع , قد يفضي إلى مأربه , لكن لن يكون في وعي مؤشرات المنطق وحدود الرزانة في دسم التفكير مقارباً لجمالية طموح في دسم مَن  أنتجته متاعب السنين وإن أفلح في مغانم جشع على خواء من جهد لكأنه مرّ مجانباً متاعب السنين .
إن أوهام النجاحات على ركام من ظروف هي تطلع إلى علو لكن في مقاربة سؤال يختزن خبرة الحياة مهارات وخبرات وعلوماً فغالباً قد يكون السفح  له مدرجاً صوب وادٍ من ضعف . لكن عصامية الكد في حقول الزمن تشرف بصاحبها صوب آفاق مداها كل الآفاق .
لا فرح يُسعد المرء أكثر من أن يكون كينونة وجد في رهافة إحساس ورقّة مشاعر  في مرآة الذات صدق ترابط قول على عمل ومكامن ألمية العقول الحصيفة الطافحة رقياً لضمائر تشرق بنبل عافية كل مجد تتهادى عبر أنفاس في وجدان و ألمعية فكر وقاد يتنضر في بهاء فِطَن يقرؤها الصباح سردية يوم وليلة في ترادف الأيام وتعاقب السنين وما امتدت الذكريات في مطالع الضمير الصاحي حكاية قيمة وقامة ما درجت في العمر استهلاكاً و إنما بعصاميتها أشرقت بنائية ذات قوتها في تواضعها , وتواضعها في سعة سطوعها , لها الحروف  ما بين تأمل وهمسات وجدان وغنائية ألف سؤال وسؤال هي رحلة الجمال المعرفي ما بين دمعة وابتسامة .

نزار بدّور
المزيد...
آخر الأخبار