الشرود عند الأطفال .. نقص العاطفة وهروب إلى الخيال

تشتكي الكثير من الأمهات من مشكلة تتكرر باستمرار مع أطفالهن يوميا  وهي الشرود الذهني ولا يدركن أسبابها بشكل دقيق .. علما أن البعض منهن قلن أنها تظهر بعد تعرض أبنائهن لمواقف مزعجة .. وقد يلجأ إليها هؤلاء الأبناء للهروب من الواقع إلى الخيال الأجمل برأيهم والذي يحققون فيه كل ما يتمنون ..

حاولنا معرفة أسباب هذه الظاهرة المقلقة وكيفية التصرف الصحيح من الأهل لعلاجها لإعادة الطفل إلى الجو العائلي الحميم والدافئ الذي يجد فيه الأولاد الطمأنينة والراحة ..

نسرين العلي ” مرشدة نفسية “قالت : بعض الأسر تلاحظ تدني مستوى أحد أبنائها  دراسيا وابتعاده عن الآخرين وتفضيله الوحدة مع شرود الذهن  مما يثير القلق وهم لا يعلمون أن هذا الشرود له سلبياته الكثيرة وهذه المشكلة  تبدأ عندما يتعرض الطفل لموقف يشكل ضغطاً نفسياً عليه، أو موقف محزن فلا يجد الطفل ملاذاً من الواقع الصعب سوى اللجوء إلى عالم الخيال ونسج قصص تخفف عليه حدة الواقع.

ونوهت أن المشكلة تكمن في انفصال الطفل عن الواقع  تدريجيا مع ازدياد الضغط ، والشعور بالاستمتاع بالأحلام ،مما يجعله غير قادر على استكمال واجباته المدرسية  . ولا يقضي الوقت كأقرانه في مشاهدة التلفاز أو اللعب أو غيره .

وقالت: وإن كان ينظر في الكتب وكأنه يدرس أو يقرأ قصة  لكن ذهنه مغيب في عوالم أخرى تتغذى على الخيال.

الإهمال العاطفي

 ومن الأسباب الرئيسية لشرود الذهن، أوضحت العلي أن المشكلة تحدث لأسباب عديدة من أهمها «الإهمال العاطفي»، فالطفل الذي يعاني هذه الحالة يحتاج إلى العاطفة كحاجته للماء والهواء، وهي تساعده أكثر على الانتباه والتركيز بعكس الأطفال الذين يتعرضون للعنف والقسوة والضغوطات النفسية، فهم أكثر عرضة لتهديدات شرود الذهن والسرحان.

و إن عدم تمتع الأطفال بالحنان والحب من جانب الأهل يجعلهم يعانون ضعف القدرة على التركيز وقلة الانتباه فيسلكون سلوكاً غير صحيح، يتصف بالاندفاع وعدم التفكير فيقعون في الأخطاء كثيراً، ويقومون بأفعال تسبب أضراراً للمحيطين بهم دون مبالاة، ويحدث نتيجة الشعور بالخوف والقلق، فعدم شعور الطفل بالأمان في الأسرة أو المدرسة، يجعله كثير الشرود، فهو يبحث عن الأمن من خلال التخيل أو أحلام اليقظة ليبحث عن السعادة المفقودة.

وأضافت : عندما يصبح الطفل قابلاً للغضب بسهولة ولأتفه الأسباب وتزداد حدة انفعالاته، سوف يُعاني أعراض التوتر المستمر والقلق المزمن وضعف التركيز والإعياء الذهني والبدني.

ونوهت نسرين القصير ” منشطة صفية” إلى أن المشكلات الأسرية خاصة بين الوالدين هي أيضاً من أهم أسباب شرود الطفل، فهو يحاول الابتعاد عن هذه المشكلات، وكذلك البعد عن التسبب بأي مشكلة لأسرته أو البحث عن إرضاء والديه فتجده مشتت في الاستجابة للمواقف التي يتعرض لها….كما أن لألعاب الفيديو التي تحتوي على مشاهد عنف وقوة تأثير على الشرود أيضا ، وهنا على الوالدين تجنبها  لأن كثرة مشاهدتها تؤدي إلى الخوف والقلق، وبالتالي شرود الذهن المتكرر..

و توضح المرشدة النفسية العلي أن علاج الطفل من هذه المشكلة يكون بإشباع الأطفال عاطفيا من قبل الأهل  وإمدادهم بالحب والاحتضان والقبلة والمسح على الرأس، مما يجعل الطفل مطمئنا ، إضافة إلى أهمية  الحوار معه وتفريغ الشحنات العاطفية السلبية كالغضب والقلق والخوف، مع التشجيع البناء واستخدام الكلمات الإيجابية مثل  أنت ذكي، أنت جميل ومبدع ..، ومحاولة جذبهم عاطفياً أثناء التعلم وإتباع أسلوب التشويق والإثارة عند تقديم المعلومات،  وإسماع الطفل موسيقا، فهي تعمل كمثبتات عاطفية للمعلومات، ومن المهم استخدام  القصص وربطها بالمعلومات.

وختمت : من المهم الانتباه على أطفالنا في مختلف مراحل نموهم حتى ينشئ جيل قادر على تحمل المسؤولية ، ويكونوا أصحاء نفسيا..

بشرى عنقة