في قطـار العمـر محطـات كثيـرة غيـر أن هـذه المحطــة تبقى راسـخة في ذاكرتي ما حييت ,لقد لبيت دعوة إحدى معارفي لحضور اجتماع نسائي للتسـلية كل يـوم في بيت واحدة من المجموعة ، كان عليّ أن أنتظر عطلة طويلة من العمل حتى أتشــرف بهذا اللقاء وكان ذلك ارتديت لباساً لائقاً وخرجت مع صديقتي ، اســتقبلتنا صاحبـــة الدعوة بالتأهيل والعتاب لطول الغياب ثم رافقتنا إلى صـالون كبير لننضم إلى بقية الســـيدات ، صافحناهن جميعاً وبعد ذلك بدأ التعارف على من لا نعرفهن مع بــدء فنجان قهوة أهلاً وسهلاً . ، أبهرني تبرج كل الحاضرات وأناقتهن وزينتهن . بعد ذلك جاءت المعجنات مع التبولة , تذوقناها بشـهية شاكرين تعب صاحبة المنزل التي أكدت أنها لم تعدّ شيئاً من هذه الضيافة ، بل اشتراها زوجها جاهزة وقبل أن يأتي النوع الآخر من الضيافـة بدأت سـيدات مجتمعنا بالتحدث عن الموضة والجواهر و انتقاد الغائبات عن الجلســة بعدم مواكبتهن للموضــة … ثم انتقلن للحديث عن أزواجهن بتأفف شديد من الغياب الطويل في أعمالهم … كنت أنا وصديقتي واجمتين مندهشتين لا نستطيع المشاركة في أحاديثهن لأن حياتنا مختلفة تماما , فنحن نتعب ونشقى وهن يستضفن كل يوم بعضهن البعض هذا الجو المكفهر بكل أساليب التباهي دفع صديقتي لسؤال إحداهن عن يومها كيف تقضيه فأجابتها بشيء من الملل :يوقظني زوجي لأشرب القهوة معه ويكون الأولاد قد خرجوا للجامعة و المدرســـة . أما أنا فأعود للنوم ثم ألتحق بصديقاتي في جلساتهن الصباحية المحببة إلى قلبي ، وبعد الغداء أخرج مع زوجي للنزهة ، فالترويح عن النفس يؤدي لنوم هنيء كما يقول زوجي.
ثم أنهت حديثها بسؤال صديقتي عن قضاء يومها. فأجابتها بسبب الالحاح بالسؤال: أستيقظ باكراً لأعد القهوة لزوجي والافطار لأولادي .. ثم أرتب منزلي بما يسمح لي الوقت ، لأرتدي ملابسي بسرعة البرق وأذهب لوظيفتي أما بعد عودتي من الوظيفـــة إلى البيت أكمل ما أهملتــه في الصبــاح وأعد الطعام ثم ألتفت إلى أولادي ، لم تكترث السائلة بالإجابة وكأنها سألت لمجرد السؤال فهي لاتركز إلا على جديد صديقاتها من حلي …انسحبت من الجلسة وانا ألوم نفسي على تلبيتي الدعوة ولكن لا بأس.. لا تسقط موظفة في حفرة البطالة مرتين فكانت تلك الزيارة هي الأولى والأخيرة .
خديجة بدور
المزيد...