شخصية الطفل انعكاس لمعاملة الأهل..
يسعى الآباء والأمهات منذ ولادة أبنائهم إلى إحاطتهم بكل الحب والسعادة إلى جانب الحزم في بعض المواقف التي تتطلب ذلك ، رغم الظروف التي قد يمرون بها تجنبا من نشوء أطفال غير أسوياء صحيا و نفسيا مما ينعكس على حياتهم لاحقا سواء بالأمراض أو السلوك الخاطئ ..
فالغضب مثلا عند الطفل يتعلق أكثر الأحيان بعد شعوره بالعزلة وحرمانه من الدفء العاطفي، وعدم إشباع حاجاته للشعور بالحب والحنان والقبول.
كما نشاهد حالات كثيرة لآباء يفرقون بين طفل وآخر بالمعاملة، ويعدون أطفالهم بعدة أشياء، ثم لا يفون بوعودهم، وهذا يؤثر على علاقة الطفل بوالديه ، أو في حالات أخرى هناك أسر تدلل أبناءها بشكل زائد.
يارا المصطفى ” مرشدة اجتماعية : قالت : هناك الكثير من سلوكيات الأهل تنتقل للأبناء فالأم المتوترة تعلّم أطفالها العصبية والأم المتسلّطة تصبح مصدراً محبطاً للطفل ، بعكس الأم المرنة الهادئة التي يحبها الطفل ويثق بها، وبالتالي يخضع لإرادتها ،وبرأيها : أن كل الانفعالات والأساليب السلوكية والعادات سواء كانت مرضية أو صحية، تتمركز حول الأهل كونهم مصدر ثقة وسلطة .. ، فعندما يكبر الطفل ينقل هذه الانفعالات والأساليب، ويعممها.
وأضافت : في المدرسة تصبح المعلمة مصدر المعلومات والبديل عن الأم لذلك فتربية التلاميذ الصغار تؤثر بسلوكهم نحو الأفضل، حيث يمكن تغيير ما تأثروا به بالمنزل.
أمجد حمزة والد لأربعة أبناء قال: الدلال وفرط الاهتمام يؤثران سلباً في شخصية الأطفال، وينميان صفة الأنانية، ويصبح الطفل دائم التمركز حول ذاته وكأنه مركز الاهتمام، فيتعلّم ضرورة تلبية طلباته دون تأجيل، ويغضب إن لم تجب رغباته ، ويشعر أن الجميع ضده، والدليل في نظره أنه لم يحقق رغباته ، فهو لم يتعلم أنه من الصعب الحصول على كل ما نريده في آن معا ..
رغبة الأهل وخوفهم
أم غيث قالت : الطفل الوحيد يكون مركز الاهتمام وينال رعاية كبيرة ومركزة تنحصر فيه طموحات الأهل الذين يتوقعون منه الكثير من الانجازات وبالتالي يقعون في خطأ الحماية المفرطة له ويدللانه دلالاً مبالغاً به، وهذا ما حصل معنا فعند ولادة ابننا شعرنا أننا لن ننجب طفلا آخر مما انعكس سلبا على شخصيته .
المرشدة الاجتماعية أوضحت أن الأهل يستجيبون لكل رغبات الولد طائعين دون رفض ، بل ويحاولون إرضائه بأي شكل ما يؤثر تأثيراً سيئاً في نمو شخصيته، فيصبح معتمداً عليهما في كل شيء ، وبالتالي لا يستطيع أن يتحمّل المسؤوليات المناسبة لعمره ، وما يزيد الأمر سوءاً هو حرمان الطفل اللعب مع أقرانه خوفاً عليه من تعرّضه للحوادث ، فيحاولان إبقاءه في المنزل وهذا السلوك يجعله يجد صعوبات كبيرة في تفاعله وتوافقه الاجتماعي مع من في سنه، لذلك يجب أن يدرك الأبوان أنه يجب تعويض الطفل الوحيد عن الإخوة بعدد مناسب من الأصدقاء ممن هم في سنه حتى ينمو اجتماعياً النمو المناسب والمعقول من خلال تفاعله معهم، ومما يفيد الطفل هنا إلحاقه مبكراً بدار حضانة جيدة ومناسبة، وكذلك شغل وقت فراغه بالهوايات الممتعة.
وتقول ميشلين : الطفل الأول يمثّل دائماً البداية الجديدة لأية أسرة ، فهو أول خبرتهم في مجال الأبوة والأمومة، ويصبح محط أنظار والديه ومركز اهتمامهما ، فيدفعانه إلى تحقيقها، ويشعر الطفل الأول أنه مركز اهتمام الأسرة، لذلك يتحول الطفل الثاني إلى عبء كبير عليه، ووجود طفل آخر يتيح المجال ويزيد فرصة العصبية عند الولد الأول ووضوح أنانيته وخاصة عند محاولة مقارنته بأقرانه الأسوياء، وهي مقارنة تنطوي على بعض الظلم، فيشعر بالنقص والدونية وخيبة الأمل، ما يزيد توتره نفسياً وعصبياً، وعلى الآباء إعادة تربيتهم تربية خاصة، ومساعدته على التوافق الاجتماعي مع الآخرين ..
غرور وثقة زائدة
وبينت المرشدة النفسية أنه حتى نحمي الأولاد من العصبية يجب عدم التدخل بأمورهم إلا بالشكل المعقول من التوجيه والإرشاد، وترك هامش حرية التصرف لهم أحيانا ، بالإضافة لعدم التفريق في المعاملة بين الأبناء ، و إشباع حاجاتهم النفسية، وعدم اللجوء للتعنيف، فعصبية الأطفال ليست وراثية، وإنما هي سلوك مكتسب ومتعلّم، لذلك يجب على الأهل التحلّي بالهدوء والاتزان والقدرة على التعامل بالشكل الصحيح مع الأبناء على اختلاف شخصياتهم وسلوكهم ..
بشرى عنقة