نقص الكادر البشري يعيق العمل … برنامج«رأب الفجوة » لمساعدة المرضى أصحاب المنشأ النفسي

لم تقتصر خسائر الحرب الهمجية التي شنت على سورية منذ سنوات على الأرواح البشرية والدمار والخراب بل أثرت وتركت بصماتها المدماة في نفوس البشر كباراً وصغاراً .
حيث تعرض المواطن السوري لأشد أنواع الخوف والرعب وبكت العيون حزناً وألماًً… كل هذه المشاكل لابد لها من حل وإعادة إعمار للنفوس قبل الحجارة والبيوت .. ورغم وجود (الوصمة) أو الخجل من استشارة الطبيب النفسي علما ً أننا جميعا ً معرضون لمشاكل نفسية إلا أن الأمر أصبح أكثر تقبلا ً من قبل الكثيرين وذلك لتدارك ماهو أسوأ ..

شعبة الصحة النفسية في مديرية صحة حمص تأسست عام /2007/ وقد التقينا د . إسماعيل الحسين مدير الشعبة والذي حدثنا عن المجال الذي تعمل به الشعبة والدور الذي لعبته خلال الحرب فقال:
الحياة التي يعيشها المواطن والضغوطات التي يتعرض لها يوميا ً جعلته في حالة نفسية صعبة ، و إن قلة عدد الأطباء النفسيين في مديرية صحة حمص أوجد فجوة كبيرة .
مع ازدياد عدد المرضى النفسيين ووجود طبيبين نفسيين فقط في مديرية الصحة ارتأت وزارة الصحة ومديرية الصحة النفسية وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية تدريب أطباء من كافة الاختصاصات على برنامج رأب الفجوة في الصحة النفسية .
هذا البرنامج يتضمن التدريب على أهم الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها الإنسان والهدف الأساسي هو دمج الصحة النفسية مع الرعاية الصحية الأولية وخصوصا ً مع وجود مايعرف: بـ (الوصمة) في المجتمعات العربية وهي عدم الارتياح من الذهاب إلى طبيب نفسي ..
وأصبح من المعلوم أن نسبة 1-2 % من السكان يعانون من اضطرابات نفسية شديدة في أوقات السلم وهذه النسبة ترتفع إلى 3-4 % في أوقات الحروب أما الاضطرابات المتوسطة فهي تشكل نسبة 10 % في وقت السلم وتصل إلى 15 % في فترة الحرب أما الاضطرابات الأخرى فقد تصل إلى 50 %
وأضاف : في حمص تم تدريب (128) طبيبا ً عبر دورات محلية على أهم الاضطرابات النفسية وهي اضطرابات الشدة – الاكتئاب – الذهان – الصرع -الاضطرابات السلوكية النمائية – الخرف – الانتحار- اضطرابات تعاطي الكحول والمخدرات ..وذلك من ناحية التشخيص والعلاج والمقاربة من حيث إيجاد نوع من التوعية والنصائح ..
إضافة إلى إقامة دورات في الإسعاف النفسي الأولي للعناصر الصحية والأطباء حيث بلغ مجموع المتدربين /367/ متدربا ً بحمص وهذه الدورة يمكن أن يتبعها أي شخص لمعرفة طريقة مساعدة الأشخاص الذين تعرضوا لاضطرابات نفسية كي لاتتأزم حالتهم ..
بدأنا العمل بموضوع العنف وكشف الحالات ولكن للأسف لايوجد لدينا مراكز للتعامل مع المعنفين وقد قامت شعبة الصحة النفسية في المديرية بتدريب /24/ ممرضاً وممرضة في حمص ضمن دورة مكثفة وهم من العاملين في المشافي وبعض المراكز الصحية ضمن برنامج التدريب حول العنف وبناء عليه تم تسجيل حالات وبالمقابل كيفية تقديم الإسعافات الأولية البسيطة أو الإحالة إلى طبيب نفسي أو معالج نفسي .
مشكلة
المشكلة الحقيقية التي تواجهنا هي في قلة الموارد البشرية حيث لايوجد في مديرية صحة حمص سوى معالج نفسي واحد ويتم تدارك الوضع قدر الإمكان بواسطة الأطباء الذين تدربوا في برنامج ( رأب الفجوة ) فهناك متابعة مستمرة لهم من قبل المدربين ضمن اجتماعات دورية تقام كل فترة وتتم فيها مناقشة الحالات الصعبة بهدف تطوير العلاج .
وهناك بعض الحالات وضمن معايير خاصة ومحددة تحتاج إلى إحالة لطبيب نفسي اختصاصي كالأفكار الانتحارية ..
تقارير
أكد د . الحسين أن الاكتئاب هو من أكثر الحالات انتشاراً ففي شهر كانون الأول من عام 2018 بلغ عدد مراجعي أطباء (رأب الفجوة) /773/ مراجعا ً منهم /266/ حالة اكتئاب، بينما بلغت حالات اضطرابات شدة /49/ حالة
إن أغلب حالات الاكتئاب يمكن علاجها ولذلك فالاهتمام الزائد به مهم جدا ً لأن تطور حالته وعدم معالجته يهدد حياته وقد يؤدي للانتحار وخاصة فئة الشباب من أعمار 15-29 فالانتحار بسبب الاكتئاب هو ثاني سبب للوفاة ضمن هذه الفئة. ففي عام /2017/ احتفلت منظمة الصحة العالمية بيوم الصحة العالمي في 7 نيسان وكان تحت شعار : “الاكتئاب .. دعونا نتحدث عنه” ونحن في حمص أقمنا أسبوع الصحة النفسية في 10/10/2017 حول الاكتئاب،
أما عام /2018/ فتضمن مواضيع أخرى أكثرها عن اضطرابات الشدة .
« التحدث عنه » .. أول خطوة
إن أهم نقطة بعلاج المرض النفسي هي التحدث عنه هذا ما أكده الحسين فقال: هناك تكامل بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي اللا دوائي ونمط وحياة /السلوكيات/ الشخص له دور كبير ومكمل لما سبق في العلاج .
ولذلك هناك نصائح هامة وثابتة للأصحاء تفاديا ً للوقوع في المرض النفسي وهي: ممارسة النشاط البدني وخاصة رياضة المشي 40 دقيقة 3 مرات أسبوعيا ً وتنظيم النوم، والدعم الأسري- النفسي – الاجتماعي والتواصل مع الناس فالمعالج النفسي ينظر نظرة تكاملية للشخص من الناحية الجسدية والنفسية والاجتماعية ، و إن مراجعة الطبيب النفسي والمدرب على الصحة النفسية ليس عيبا ً وهذا ليس ذنب المريض فهناك الكثير من الحالات لها حلول وتتجسد عبر العلاج الدوائي الذي يقدمه الطبيب والعلاج السلوكي المعرفي الذي يقدمه اختصاصي السلوك والدعم النفسي الاجتماعي الذي يقدمه أشخاص مدربون …
حالات
إن حالات الأمراض النفسية سرية لايمكن الحديث عنها ولكن هناك حالات مميزة تم تقديم العلاج لها وكان التحسن ملحوظا ً وكبيرا ً وهناك حالات تبقى قيد العلاج لفترات قد تطول أو تقصر بحسب شدة الحالة .. فنحن لدينا حالات تحت العلاج منذ التفجير الإرهابي الذي وقع بالقرب من مدرسة عكرمة عام /2014/
معوقات /الوصمة /
عبد السلام الفارس – منسق الصحة النفسية في مديرية صحة حمص قال : تتزايد نسبة الاضطرابات النفسية مع ظروف الحرب التي مرت بها البلاد
و لابد من اتخاذ التدابير اللازمة للكشف الفعال عن هذه الاضطرابات ولكن هناك جملة من المعوقات منها عدم توفر معظم الأدوية النفسية وكذلك عدم وجود معالجين نفسيين ، أما عن مركز الإدمان الذي كان مقره في تلكلخ فلا وجود له حاليا ً نتيجة الدمار الذي لحق به كما أنه لايوجد تقارير أو إحصائيات للمعالجة ولكن تبقى الخدمة الإسعافية النفسية من الخدمات المهمة التي يقدمها كادر الإسعاف النفسي وهي مطلوبة لكل شخص ..
منار الناعمة

 

المزيد...
آخر الأخبار