خشبة المسرح كانت عبارة عن مجموعة من أكياس الرمل توزعت في منتصف المسرح ويساره وصناديق ذخيرة في اليمين وبوط عسكري وخوذة ، هذه المفردات أوحت للجمهور في مسرح قصر الثقافة بحمص أن العرض سيكون عن الحرب الكونية التي تعرضت لها سورية خلال السنوات العشر الماضية لكنه مع بداية العرض يدرك الجمهور أنه وقع فريسة إيهام المخرج له وتضليله في انطباعه الأول فهذه الساحة كانت هي غرفة نوم العريسين وقد استخدم المخرج هذه الأدوات الرمزية ليقول أن غرفة النوم هذه المليئة بأكياس الرمل شبيهة بساحة حرب بين العروسين في بداية حياتهما الزوجية حيث تخضع الكثير من المفاهيم بين الطرفين للأخذ والرد ولقبول كل منهما للآخر فالرجل يشخر بالليل هذا الأمر الذي أزعج العروس لكنها قبلت به بعد ذلك بعد أن اعترفت أنها تشخر أيضاً ، كما أنها لا تتقن الطبخ وتدور النقاشات و السجالات حول من سيطبخ خلال عيشهما المشترك ، إضافة للحديث عن مصير الأبناء الذين لم يأتوا ، لكنهما يفترضان أن لهما ابناً يموت وهو في طريقه إلى الهجرة خارج البلاد حيث تقذفه الأمواج على الشاطىء، وكذلك مصير ابنتهما ” المفترضة ” التي يخطفها المسلحون وتموت ، وكذلك يكون مصير ابنهما الثالث ” المفترض “.
هذه الأحداث التي يفترضها الممثلان ليلة زفافهما هي محاكاة لواقع الحرب الكونية على سورية قدمها المخرج برؤيته مع أن النص هو لكاتب عراقي ، وربما لم يكن في ذهن الكاتب أن يتحدث عن سورية بل قدم أحداثاً متخيلة عبر نصه ، واستطاع المخرج أن يقدمه بذلك الشكل الفني الذي حول غرفة النوم لساحة حرب لم تتوقف فيها أصوات الانفجارات طيلة العرض وكذلك أصوات القذائف التي كانت تلقي بالممثلين في أجزاء مختلفة من المسرح بين أكياس الرمل والمتاريس .
ليلة لم تحدث كان عرضاً جميلاً قدم فيه الممثلان جهوداً تمثيلية رائعة ، ويمكن القول إننا كنا أمام أداء تمثيلي احترافي قل ما نجده في المهرجانات المسرحية الهاوية ..
بقي أن نقول:
إن عرض ليلة لم تحدث من تأليف عبد النبي الزيداني وإخراج هاشم غزال قدمته فرقة نقابة الفنانين في اللاذقية وجسده على المسرح الممثلان مصطفى جانودي ووفاء غزال .
عبد الحكيم مرزوق