مشفى الوليد بعد ثلاثة أشهر من الإقلاع …. عدم وجود تدفئة مركزية في غرف العمليات ونقص علب الأدوات الجراحية وأفلام تصوير الأشعة

تعرضت سورية خلال ثماني سنوات لحرب ظالمة وجائرة ، كانت حرباً غير مسبوقة، حربٌ شملت البشر والحجر وكل قطاعات الدولة, والقطاع الصحي كباقي القطاعات الأخرى تأثّر بشكل كبير من خلال تلك الحرب التي عانى فيها المواطن أينما وجد على امتداد الجغرافيا السورية , والكادر البشري الموجود في هذا القطاع لم يسلم من الأذى أيضا …
كذلك بالنسبة للأدوية، فإن سورية كانت تصدّر الأدوية إلى معظم دول العالم، وكان صنع الأدوية يتركز في مناطق الشمال السوري، فقامت المجموعات الإرهابية وبشكل ممنهج بالاعتداء على معامل الأدوية ورغم كل ذلك مازالت 90 بالمئة من الأدوية التي تحتاجها سورية، تؤخذ من السوق المحلية.

وتعرضت الكثير من المنشآت للأعمال الإرهابية وتم تدمير الكثير منها وخرجت عن الخدمة، ما أدى إلى نقص شكّل نقطة ضعف، أما عن كيفية تغلب هذا القطاع وصموده في وجه المجموعات الإرهابية , فقد تم توسيع المنشآت الموجودة في المناطق الآمنة، و إعادة تأهيل الكثير منها بعد تحرير المناطق من رجس الإرهاب، فاستطاع تقديم الخدمة الضرورية ضمن الإمكانيات الموجودة و مواجهة التحديات الكبيرة جراء التدمير الذي طال المرافق العامة والمستشفيات ووضع الخطط البديلة للتخفيف من حدة المشكلة … رغم أنه دفع فاتورة باهظة جراء الحرب والعقوبات الدولية لكنه تمكن من الحد من أضرارها باستثناء أدوية الأمراض المستعصية التي كانت تستورد من أوروبا..
مشفى الوليد بدأ العمل منذ حوالي ثلاثة أشهر كمشفى عام بعد أن كان مشفى «نسائية وتوليد» في حي الوعر وبإمكانيات جيدة يخدم محافظة حمص»ريفا ومدينة» .. زرنا المشفى للإطلاع على واقع العمل والصعوبات التي تواجه الكادر خاصة أنه مازال في مرحلة الإقلاع ويحتاج إلى المزيد من الدعم ليصل إلى مرحلة تقديم الخدمة الصحية اللائقة للمرضى …
مع المراجعين والمرضى
إيمان قيسون :عَبرّت إحدى مراجعات قسم الإسعاف عن شكرها للكادر الطبي والتمريضي على الإسعافات و الخدمات التي قدموها لابنها عند تعرضه لكسر في قدمه خصوصا أن الحادث وقع يوم عطلة حيث قام الكادر المختص بتصوير الأشعة لقدمه وتركيب الجبيرة اللازمة ..
في حين أشارت أم كامل :إلى عدم توفر أدوية الالتهاب وخافضات الحرارة في صيدلية المشفى خصوصا في هذا الوقت من السنة لكثرة أمراض الزكام والتهاب القصبات خصوصا عند الأطفال..
أما أم درويش ذكرت: أنها من المراجعات الدائمات للمشفى حيث حصلت على كافة الفحوصات اللازمة ضمن حملة الكشف المبكر لسرطان الثدي..
وأكدت نجوى قيامها بمراجعة قسم الإسعاف بشكل مستمر لتقديم جلسات الرذاذ لابنها الذي يعاني من التهاب قصبات حاد .
منى :تراجع قسم الإسعاف عند مرض أحد أطفالها ليتم إعطائه حقن الالتهاب اللازمة وأخذ الأدوية وخافضات الحرارة في حال توفرها ..
مالك: يقوم بقياس ضغطه بشكل مستمر في المشفى كونه يعاني من ارتفاع ضغط الدم وبحاجة للمراقبة بشكل مستمر…
حركة سير معدومة
تحدثنا بداية مع عدنان صطوف رئيس التمريض العام عن الكادر التمريضي الموجود والصعوبات التي تواجههم أثناء العمل فقال : الكادر التمريضي مكون من 175 ممرضاً وممرضة موزعين على العيادات (إسعاف-عمليات-عناية مشددة-نسائية-جراحة-حواضن-أطفال-داخلية-لقاحات) يتناوبون على ثلاثة مراحل وهي دوام إداري صباحي ونظام مناوبة 16 ساعة ونظام 24 ساعة وذلك حسب أماكن سكنهم مؤكدا أن مشفى بهذه الضخامة يتسع ل119 سريرا بالإضافة ل30 حاضنة هذا العدد من الممرضين لا يكفيه.
وأوضح أن تسعين بالمئة من الكادر التمريضي من القرى وأغلبهم يعاني من توقف حركة السير فترة ما بعد الظهر مشيرا إلى أن الحل يكمن بإلزام سرافيس القرى بالعمل للساعة الخامسة مساء من وإلى المدينة بالإضافة لضرورة تغيير خط سير سرفيس الوعر,ونوه إلى أن مديرية صحة حمص خصصت باصاً يقوم بإيصال الكوادر إلى الطرق الرئيسية وصولا للكراج فقط.
مجهزة بشكل كامل
بين الممرض محمد صالح المسؤول عن العيادات الخارجية أن هذه العيادات مجهزة بشكل كامل بالكادر الطبي والتمريضي بمعدل طبيب وممرضة لكل عيادة ,وبما يلزمها أيضا من أجهزة ومعدات لتقديم الخدمات الطبية اللازمة وهذه العيادات هي(العيادة الأذنية-العيادة القلبية-العيادة الصدرية-عيادة أمراض الدم-العيادة الجلدية- الجراحة العامة- جراحة الأوعية- الجراحة التجميلية- العيادة العظمية-وعيادة إيكو دوبلرقلب) ويضاف إليها العيادات الخارجية التابعة للإسعاف وهي (العصبية – الأطفال), ويبدأ دوام العيادات الساعة التاسعة صباحا وينتهي الساعة الثانية ظهرا.
وشرح أن العمل حاليا قائم لإشادة بناء خارجي ليتم نقل العيادات الخارجية إليه مما يخفف الازدحام عن المشفى وينظم عمله أكثر , وذكر أن عدد مراجعي العيادات الخارجية خلال الشهر الأول فقط من هذا العام بلغ 1399 مريض إسعاف شامل..
غادة حلاق ممرضة في قسم الاسعاف قالت : إنهم يستقبلون كل حالات الجروح والكسور والرضوض بالإضافة لتقديم خدمات المستوصف من زرق حقن وتغيير ضماد بالإضافة لتقديم خدمات الإسعاف لحالات نقص التروية والاحتشاءات القلبية وإسعافات الأطفال بأنواعها .
ونوهت إلى الأجهزة الموجودة في قسم الإسعاف هي جهاز التعقيم وأدوات الضماد والأوكسجين وجهاز الضغط وجهاز للرذاذ بالإضافة لجهاز تخطيط القلب..
كما أشار الطبيب المقيم يحيى الشيخ زين إلى تقديمهم إسعافات التوليد والنسائية بكافة حالاتها من نزوف وولادات قيصرية وطبيعية …
أطباء اختصاصيون
الدكتور فيصل بريجاوي «اختصاص جراحة بولية » نائب مدير المشفى قال : هناك بعض الصعوبات التي تعيق العمل الطبي في المشفى منها أن المشفى تم استثماره وتدشينه قبل انتهاء أعمال الترميم , مما شكل صعوبة أثناء العمل نظرا لترافق العمل الطبي مع أعمال الترميم , ومبرر ذلك السرعة في تقديم الخدمة الطبية للمواطن , علما أنه يتم متابعة الأعمال لتجهيز ما تبقى من أعمال الترميم والتجهيزات الطبية ..
وأشار إلى النقص في عدد عناصر الكادر الطبي والتمريضي , منوها بأن عدد عناصر التمريض المتواجد حاليا يعادل ثلث عدد العناصر المطلوب حتى يغطي حاجة المشفى لتقديم الخدمات الطبية لجميع المرضى
إضافة إلى نقص عدد الأطباء الاختصاصيين مثل النسائية والتوليد , والجراحة البولية , ووجود طبيب أوعية واحد و آخر جراحة عصبية فقط.. منوها إلى ضرورة دعم المشفى بالكادر والأجهزة كونه أصبح مشفى عاماً يقدم الخدمات الطبية لجميع أهالي محافظة حمص والقادمين من المحافظات الأخرى ..
التدفئة المركزية
وأشار إلى النقص في علب الأدوات الجراحية «للجراحة العصبية والجراحة الوعائية و الأذنية والعظمية , وأن هذه الإختصاصات تعمل بشكل جزئي نتيجة هذا النقص .
كما تحدث عن أعطال المولدة الكهربائية الوحيدة المستمر , وحاجة المشفى لوجود مولدة ثانية , خاصة مع ازدياد عدد ساعات التقنين الكهربائي وعدم انتظام مواعيد الانقطاع , وإلى معاناة قسم الأشعة من نقص الأفلام , إضافة إلى عدم وجود التدفئة في غرف العمليات , أما المخبر فيقدم كافة التحاليل ما عدا التحاليل الهرمونية فيتم الاستعانة بمخبر مديرية الصحة وهي مجانية ..
مشيرا إلى أن قسم الأطفال والحواضن من الأقسام الهامة في المشفى ويقدم الكثير من الخدمات , ويوجد 29 حاضنة وغواصة .
و كان لا بد من لقاء الدكتور سميح شربك «مدير المشفى» للحديث عن الخدمات المقدمة والصعوبات التي تواجههم خلال العمل إضافة إلى قيمة التكلفة الإنشائية للمشفى , قال : التكلفة الإنشائية مع ملحقات العقود والأعمال الإضافية ستكون حوالي المليار ونصف.
وأضاف : سيتم حاليا استلام المصاعد خلال فترة زمنية وجيزة , كما سيتم استلام شبكة الغازات الطبية , حيث تم استلام شبكة الأوكسجين , وفي حال بدأت شبكة الغازات بالعمل سيتم دخول جميع المنافس في الخدمة ..
ولدينا (5) أجهزة غسيل كلية جاهزة للعمل بانتظار إنهاء تركيب محطة التحلية , والتي إن جهزت سيتم استقبال مرضى غسيل الكلية مباشرة .
ويتم حاليا صيانة كاملة للقبو مع التجهيزات الموجودة فيه , والمباشرة بأعمال العيادات الخارجية خارج المشفى , حتى يراجعها المريض دون أن يضطر للدخول إلى مبنى المشفى ,ونوه إلى بدء العمل على جهاز التنظير الهضمي منذ حوالي أسبوعين حيث يتم إجراء (4-5 ) عمليات تنظير يومياً ,كما تم رفد المشفى بطبيب تنظير هضمي آخر , وبجهاز «تفتيت الحصى» وهو قيد التركيب , ووضع جهاز قياس وظائف الرئة في الخدمة ..
منوها بأن المشفى يستقبل المرضى من جميع الاختصاصات الطبية في العيادات الخارجية في قسم الإسعاف , وإجراء غالبية العمليات الجراحية باستثناء عمليات الجراحة العظمية والعصبية الكبيرة التي يتم حاليا تجهيز علبها الجراحية لإجراء العمليات الكبرى .
أجهزة حديثة
وأضاف : يوجد (5) أجهزة ايكو متطورة منها جهاز متطور يحوي (9 بروبات) مختلفة لإمكانية تصوير كل ما يتعلق بالدوبلر القلبي ودوبلر الأوعية , و»البروبات السطحية» الخاصة بتصوير الثديين والغدة الدرقية وتصويرالأطفال, إضافة إلى «بروب رباعي الأبعاد» لدراسة وضع الحوامل , وهناك جهاز «ماموغراف» ..
وأضاف : المشفى يشارك بحملات اللقاح الإضافية التي تقوم بها مديرية الصحة ..
كما تم تفعيل عيادة الإرشاد النفسي بإشراف أختصاصية الإرشاد النفسي , إضافة إلى أعمال المخبر, وأقسام العناية المشددة والحواضن التي أصبح استيعابها حاليا استيعابا كاملا .. إضافة إلى أقسام الإقامة المختلفة «الداخلية – الجراحية – الأطفال – وأقسام النسائية والتوليد والجلدية .. الخ
ونوه إلى أن هناك توجهاً من قبل مديرية الصحة نظرا لنسبة الإشغال العالية في المشفى برفدها بأسرة جديدة سواء للإقامة أو للعناية حيث يمكن للمشفى استيعاب حوالي 270 سريرا .. وهناك إمكانية لتضاعف عدد أسرة العناية المشددة (16) سريراً حالياً .
أما العمليات التي تم إجراؤها خلال ثلاثة الأشهر الماضية» منذ اقلاع المشفى» فبلغت : 108 عمليات مختلفة, وعدد التحاليل المنجزة 21981 تحليلاً , و730 صورة ايكو , و 133 دوبلر قلب , أما دوبلر نسائية 26 , وتم إجراء 3 عمليات تنظير . أما مرضى العيادات فكان العدد 2566 مريضا والإسعاف 10550
جهاز طبقي محوري
تحدث الدكتور شربك عن صعوبات العمل أيضا وعن نقص العناصر الفنية والمقيمين إضافة للكادر الطبي والتمريضي , وإلى عدم وجود المستخدمين , علما أن مديرية الصحة تعاقدت مع ورشة خارجية للقيام بأعمال النظافة ولكن حتى الآن لم تباشر عملها .
مشيرا إلى المعاناة من عدم وجود سيارات الخدمة والإسعاف علماً أنه في الحالات الاضطرارية يتم إعلام مرآب مديرية الصحة أو منظومة الإسعاف السريع لرفد المشفى بسيارة
وأشار إلى الحاجة الملحة لوجود جهاز طبقي محوري , خاصة للحالات الإسعافية الملحة «العصبية»
كما نوه إلى النقص في الفرش الفندقي للمشفى , وفي الحواسيب حيث لا يوجد أي حاسوب حاليا , وهناك وعود من المنظمات المانحة ومديرية الصحة بتأمين هذه المستلزمات .
أخيرا
يقدم مشفى الوليد رغم الإمكانيات الموجودة حاليا الخدمة الطبية الجيدة للمرضى , وهو بحاجة الى المزيد من الدعم سواء بالتجهيزات أو بالكادر الاختصاصي ليتمكن من تقديم الخدمة الصحية لأبناء محافظة حمص بالشكل اللائق ..
بشرى عنقة – شذا الغانم

المزيد...
آخر الأخبار