في الحياة التي نعيشها نجد أشخاصا تميزوا عن غيرهم في كثير من القضايا الحياتية كالتعليم بكافة مستوياته ومنهم العلماء الذين يتركون بصمة في اكتشاف أو اختراع أو إيجاد علاقة رياضية أو قانون فيزيائي وبالمحصلة فالقدرة على الإبداع موهبة وعند اكتشافها يجب صقلها وتغذيتها ورفدها بعطاءات اجتماعية وفكرية واقتصادية .
وانطلاقا مما سبق يمكننا القول :إن التفكير الإبداعي هو أسلوب من أساليب التفكير الموجه الذي يسعى للكشف عن علاقات جديدة أو إيجاد حلول لمشكلات قائمة تحتاج إلى حل وتقف السمات العقلية والفكرية في طليعة مكونات الإبداع كما تأتي البيئة في المرتبة الثانية في تشكيل مكوناته البيئة بمفهومها الثلاثي الزمانية والمكانية والاجتماعية والمقصود بها البيئة المنزلية بالدرجة الأولى حيث نجد أن للأسرة دورا كبيرا في تنمية قدرات أبنائها ابتداء من اكتشاف الموهبة إلى رعايتها وتأمين مستلزمات تكونها بحيث تأتي أكلها على المستويين الشخصي والاجتماعي والموهبة تمر بمراحل عدة تبدأ من الصغر وتتصاعد في خط بياني والتفكير الإبداعي الخلاق يتخذ في سيره الخط المتتابع التالي : محرض ـ مشكلة مطروحة ـ جهد عقلي شعوري واع لفهم المشكلة وحلها .
وكما أسلفنا ففي كل مجتمع يوجد مبدعون وهم من تقع على عاتقهم إيجاد مطارح جديدة لاكتشافات واختراعات تطال جوانب الحياة المتعددة وهنا يقع على عاتق الدولة رعايتهم والاستماع إلى آرائهم وتأمين ما يلزم من تجهيزات وأدوات تجعل من إبداعاتهم شيئا ملموسا على أرض الواقع وهذا كما أسلفنا يمكن أن يكون بتطوير آلة أو اختراع آلة جديدة .
والمبدعون على مر الزمن هم من طالت اكتشافاتهم ومخترعاتهم كل مناحي الحياة والتطور بشكل عام هو حالة تصاعدية لإيجاد حلول لمشكلات يعاني الإنسان منها ففي وسائل النقل كانت الدراجة العادية ثم الدراجة النارية ثم السيارة والطائرة …الخ وفي حصاد المحاصيل الزراعية كان المنجل ثم الحصادة التي تحصد وتدرس وتفرز الحب وتضعه في أكياس والأمر ذاته ينطبق على الأسلحة فكل سلاح له مضاد يبطل مفعوله ونحن الآن نعيش مرحلة إسقاط صواريخ العدو الإسرائيلي بأيدي أبطال الجيش العربي السوري.
نحن شعب كانت علومه الأساس الذي أهرقت شمسه عصور الظلام في أوربا فكتب الفلسفة والرياضيات والكيمياء العربية هي التي أنارت الطريق لمبدعيهم للاستفادة منها والتحرر من الجهل والأمية وإتباع أساليب علمية أنارت أوروبا وجعلتها موئلا للتطور بينما نحن نغط في ليل الجهل والأمية والتفرقة والضعف .
هل التفت العرب إلى هذا الأمر وبحثوا عن المبدعين عندهم وحاولوا الاستفادة من الإمكانيات المادية الضخمة التي يجب أن يتم تخصيص جزء منها لاكتشاف المبدعين ورعايتهم والاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم .
ومما سبق يمكننا القول : إن العملية الإبداعية بسماتها ومقاييسها ومكوناتها والمراحل التي تمر بها هي جزء من العملية الحياتية الكبرى ,لا بل هي التي تبني الحياة في جانبها التطوري والدافع أبدا نحو الأمام وواضح أنه إذا ما جمدت هذه العملية أو قصرت عن أداء دورها فإن الحياة ستصبح مظلمة وتسقط في أحضان العدم والتراجع .
شلاش الضاهر