في ذكرى عيد الجلاء .. موجهون اختصاصيون: المناهج التربوية رسخت معاني الجلاء وعظمة التضحيات لتكون عبرة للأجيال القادمة …
تحتفل سورية في كل عام بذكرى عيد الجلاء …. جلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية .. معارك ضارية سطر فيها رجال وأبطال الاستقلال أروع ملاحم البطولة والعزة حيث علم العالم معنى التضحية لأجل الوطن ..وأصبحت مرجعا هاما وثّقه التاريخ إلى يومنا هذا ..
وعن أهمية هذه المناسبة وكيف تناولتها المناهج الدراسية تاريخيا حدثتنا منى كنجو الموجهة الاختصاصية ومنسقة مادة التاريخ في مديرية تربية حمص قائلة :
واكبت المناهج المطورة تاريخ سورية القديم والحديث والمعاصر وتحدثت عن الأحداث التي مرت بها بلدنا عبر تاريخها العريق والثوابت والقيم التي تمسك بها المجتمع السوري من شجاعة وبطولة وتضحيات وإرادة صلبة في مواجهة الغزاة الطامعين بها ، كما تناولت المناهج تاريخ سورية الحديث من خلال تفسير وتحليل الأحداث التاريخية وتحدثت عن مرحلة النضال الوطني ضد المستعمر الفرنسي بدءا من رفض الشعب السوري بنود إنذار غورو 1920 وتصديه للقوات الفرنسية في معركة ميسلون بقيادة يوسف العظمة وزير الحربية آنذاك ، فسطر السوريون أجمل معاني الشهادة في سبيل الدفاع عن الوطن ..
وأضافت : كما تناولت عدة قضايا تاريخية عن مقاومة سورية الاحتلال الفرنسي حتى نيلها الاستقلال وكيف وقف الشعب السوري صفاً واحداً ضد الاحتلال الفرنسي وسياسته الاستعمارية وصولا إلى الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش 1925 والتي كانت نقطة تحول في تاريخ سورية وأبرزت دور الإعلام في تطور الأحداث السياسية فكانت ثمرة النضال توقيع معاهدة 1936 والتي كانت بداية مرحلة طويلة من مراحل الكفاح الوطني في سبيل الاستقلال لأنها لم تضمن مطلق الحرية في السياسة الخارجية وشؤون الدفاع وبقيت هذه المعاهدة مشروعا لعدم رغبة فرنسا بإنهاء الانتداب على سورية.
وأضافت : استطاعت سورية بفضل نضال أبنائها وتضحياتهم استرداد الكثير من حقوقها مابين (1943_1945) بينما ظل المستعمر الفرنسي يمانع تشكيل جيش وطني وجلاء قواته عن سورية مطالبا بامتيازات ثقافية واقتصادية وعسكرية لكن الشعب والحكومة رفضا إعطاء هذه الامتيازات فكان الرد الفرنسي عدوان 29 أيار 1945 الغاشم على دمشق والذي أثار ردود فعل سوريّة وعربية ودولية وصوت مجلس الأمن على قرار جلاء قوات الاحتلال الفرنسي عن سورية .. واحتفل بالجلاء يوم 17 نيسان 1946 وبدء مرحلة جديدة من تاريخ سورية ..
كما زودت المناهج المطورة بمجموعة من الوثائق التاريخية والصور لتزويد طلابنا بمعلومات عن قيم ومعاني تضحيات أبناء الوطن الأبطال الذين قدموا دماءهم الزكية في سبيل عزة ومنعة كل ذرة تراب من أرض الوطن وسطروا ملاحم من البطولات التي خلدها التاريخ ورسخت المناهج معاني الجلاء وعظمة التضحيات التي تبذل للدفاع عن الوطن وأساسا متينا للوحدة الوطنية وأبرزت تحديات الماضي وبناء الحاضر ودور سورية الوطني والقومي .
أحمد عراجي الموجه الاختصاصي للغة العربية في تربية حمص قال : المناهج الدراسية هي مجموعة من المعارف والمهارات والقيم التي تعبر عن الحياة في مجتمع ما، فالقيم الايجابية التي تغرس في نفوس أبنائنا الطلاب منذ المراحل الدراسية الأولى وتتحول تلك القيم إلى انتماء وفكر , والمناهج تحاكي الواقع الاجتماعي والسياسي والفكري للبلاد وانعكاس للتطور فتأخذ من الماضي ما فيه من انجازات وطنية وقومية وتحولها إلى معارف وقيم في سياق المناهج الدراسية ، فكان الجلاء والمقاومة البطولية السورية وتلك المعارك المشرفة التي خاضها السوريون للدفاع عن وطنهم ضد الاحتلال الفرنسي ،حيث كانت معارك دامية غير متكافئة ولكن الحق والصمود والمقاومة الوطنية كانت أكبر دليل على قوة هذا الشعب ،وكان الجلاء عام ستة وأربعين وتسعمائة وألف في السابع عشر من نيسان ..
وأضاف : عبرت المناهج في موادها المختلفة عن هذا الانجاز المهم منها اللغة العربية بالذات فلا تخلو مرحلة أو صف من الحديث والتعريف بالانتصارات ومعارك المواجهة للدفاع عن الوطن وتخليصه من براثن العدو المحتل وكان للقضايا الوطنية والقومية محورا واحدا وكاملا في الصف التاسع الأساسي والثالث الثانوي بفرعيه حيث بدأت وحدة القضايا الوطنية بقصيدة (ملحمة ميسلون ) للزركلي التي سطرت أسمى معاني البطولة في وجه الاحتلال الفرنسي حيث يقول فيها:
(غلت المراجل فاستشاطت أمة عربية ،غضبا وثار رقود )
تلتها قصيدة (اليوم الأغر)للشاعر محمد البزم حيث تغنى بجلاء المحتل الفرنسي وصور الفرح بالنصر قائلا :
حلق بجوك واخفق أيها العلم فالأفق طلق ووجه الدهر يبتسم
وفي كتاب الثالث الثانوي قصيدة (عرس المجد)للشاعر عمر أبو ريشة فصور خروج الشعب السوري على الاحتلال الفرنسي مفجرا الثورات في كل مكان إلى أن سطر بدمائه يوم الجلاء العظيم في السابع عشر من نيسان عام ستة وأربعين وتسعمائة وألف مصورا فرحة الانتصار وممجدا تضحيات الشهداء العظيمة قائلا :
يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشهب
مبينا أن ذكر هذه التضحيات والبطولات حافز للأجيال على التصدي لكل عدو يريد النيل من أرض الوطن .. وتنمي الشعور الوطني والانتماء إلى سيادة الوطن ليبقى حرا ومستقلا مهما كلف الثمن من تضحيات في سبيل إعلاء رايته ..
ونوه إلى تخصيص حصص درسية في كل عام للحديث عن المناسبة وتكليف الطلاب بكتابة مواضيع تعبير وحلقات بحث عن التاريخ السوري والمنجزات التي حصلت وتنمية الحس الوطني القومي والمقاوم لأي احتلال أجنبي حيث يضمن الدعم لحركات التحرر الوطني في كل زمان ومكان فكان استقلال سورية بداية تاريخ جديد ومستقبل مشرق للأجيال في وطننا الحبيب .
هيا العلي