تفاجأ الكثير من الناس ومنهم أهالي قرية قطينة بالمقال الذي نشرته أحد المواقع الالكترونية على صفحات (الفيسبوك) بتاريخ 11/2/2019 والذي تضمن تصريحين لمدير البيئة بحمص،ومدير الشركة العامة للأسمدة وهذان التصريحان يفيدان بأن نسبة الانبعاثات الغازية من معامل الأسمدة ضمن الحدود الطبيعية،والزيادة فقط كانت في بداية تشغيل المعامل،وهذا يعني أنه لا يوجد تلوث في البيئة المحيطة والداخلية .
أي أن معاناة وشكاوى الأهالي والحالات المرضية التي تصيب الأطفال خاصة من جراء كثافة و سمية الغازات المنطلقة ، غير صحيحة ، وكذلك تقارير الأطباء ومشاهداتهم للمرضى الذين يراجعونهم والتي تؤكد تأثير الغازات المنطلقة على حياتهم وصحتهم بسبب زيادة نسبتها، أيضا ً غير صحيحة !.
تحاليل وقياسات تثبت وجود التلوث
ولتبيان الحقيقة أذكر بعض ما جاء في التقرير المفصل الموجود عن وضع معامل الأسمدة بعد إجراء عدة قياسات وتحاليل على مرحلتين ،والذي أعدته مديرية البيئة بحمص عام 2011 ، وأرسلت نسخة منه إلى محافظ حمص في حينها،وهذا التقرير يتضمن في فقرة (الاستنتاجات ) تراكيز ملوثات الهواء ،ومياه الصرف الناتجة عن الشركة والتي تصب في البحيرة ومجرى نهر العاصي ، ومعظمها يفوق الحدود المسموح بها .. ومن المؤكد أن تلك التراكيز بقيت على حالها ، إن لم تكن زادت عما قبل، لأنه لم يتم اتخاذ الإجراءات المطلوبة التي تخفف من زيادة نسبة الانبعاثات الغازية والسائلة منذ ذلك التاريخ، وجاء في مقدمة التقرير: تساهم صناعة الأسمدة في تلوث البيئة بشكل كبير وتختلف نوعية الانبعاثات وكمياتها تبعا ً للعمليات الفيزيائية والكيميائية المستخدمة في عملية التصنيع وطبيعة المادة الخام ، وتنتقل الملوثات الناجمة عن هذه الصناعة إلى البيئة المجاورة، إما عن طريق سقوط الغبار والعوالق الهوائية المحملة بالملوثات على التربة والنباتات الورقية، أو عن طريق ري المزروعات بمياه ملوثة، ولوحظ أن بعض المزروعات تروى بمياه بحيرة قطينة ونهر العاصي الملوثة بالمعادن الثقيلة والنفايات الصلبة .
ولعل المشكلة الكبيرة تكمن في قسم حمض الكبريت وقسم حمض الآزوت والأعطال الفنية التي تحدث فيهما ، حيث أن تراكيز أكاسيد الكبريت والآزوت المنطلقة منهما تصل أحيانا ً إلى قيم عالية جدا ً وفي حال كان اتجاه الهواء باتجاه قرية قطينة يكون الوضع بالنسبة للأهالي وللبيئة بمكوناتها صعبا ً وخطيرا , وهذا يحدث كثيرا ً حيث تعاني القرية من دخان كثيف من الملوثات.
في مجال تلوث الهواء المحيط
تراوح تركيز العوالق الهوائية (الغبار ) pm10 اليومي مابين 18-1359 ميكروغرام /م3 وقد كان تركيز هذا الغبار متجاوزا ً المعيار اليومي المسموح به في موقع قطينة وتل الشور – تراوح تركيز غاز ثاني أوكسيد الكبريت اليومي مابين 3-667 ميكروغرام /م3 وقد تجاوز المعيار اليومي (125) ميكروغرام /م3 في معظم المواقع خلال فترة القياس وكان أعلى تركيز للمعيار في موقع قطينة حيث وصل إلى 667 ميكروغرام /م3 وفي المرحلة الثانية من القياس تبين أن التركيز اليومي لثاني أوكسيد الكبريت قد تجاوز المعيار اليومي في قطينة طيلة أيام القياس .
تراوحت القيم الساعية لغاز ثاني أوكسيد الآزوت مابين 11-1987 ميكروغرام /م3 وكان متوسط التركيز الساعي متجاوزا ً للمعيار الساعي في قطينة والسبب في ذلك هو انبعاث كمية من أكاسيد الآزوت باتجاه القرية .
تراوح التركيز الساعي لغاز أول أوكسيد الكربون مابين 67-98765 ميكروغرام /م3 وكان أعلى تركيز ساعي في قطينة .
وجاء أيضا ً .. من خلال ماورد نلاحظ أن :
-تراكيز غاز ثاني أوكسيد الكبريت تجاوزت المعيار في معظم أيام القياس.
-تراكيز الغبار pm10 تجاوزت المعيار اليومي في معظم الأيام خلال فترة القياس .
– تراكيز غاز أول أوكسيد الكربون اليومية تجاوزت المعيار في قطينة.
– تراكيز أكاسيد الآزوت تجاوزت المعيار 200 ميكروغرام /م3 في قطينة .
أما بالنسبة لتركيز المعادن الثقيلة في الهواء المحيط بالشركة فقد لوحظ وجود تلوث بالكادميوم في الهواء بقطينة وتل الشور، وقد تجاوزت نسبته الحد المسموح به ، كذلك تركيز الكروم والنيكل كان أعلى من الحد المسموح به في الهواء في قطينة وتل الشور، وهو ناتج عن معامل الشركة لأنه محمل مع جزئيات الغبار .
البيئة الداخلية ضمن حرم الشركة
تجاوز تركيز الغبار pm10 المعيار المسموح به في البيئة المحيطة 100 ميكرو غرام /م3 وكان أعلاه في قسم إنتاج السماد الفوسفاتي كذلك في مبنى غرفة التحكم بالإنتاج حيث تجاوز التركيز المعيار بـ 10 مرات ، وتجاوز تركيز الغبار المعيار أيضا ً في برج تحبيب الأمونيا واليوريا .
تراكيز ثاني أوكسيد الآزوت تجاوزت المعيار بعشرات الأضعاف في قسم حمض الآزوت حيث وصل أعلى تركيز إلى (ppm40 ) كذلك في قسم حمض الفوسفور حيث وصل أعلى تركيز إلى (ppm10 ) وهذا يؤثر على الصحة العامة ويؤدي إلى حدوث أمراض تنفسية خطيرة .
تلوث مياه الصرف
تجاوز تركيز المعلقات ( SS ) الحد المسموح به للصرف إلى النهر المعيار في جميع نقاط الدراسة وبكافة الفترات .
تركيز النترات تجاوز الحد المسموح به للصرف إلى النهر ، في مصبات الشركة في موقع تل الشور، وكذلك تركيز الأمونيا تجاوز الحد المسموح للصرف في نفس الموقع .
تراكيز الملوثات العضوية تجاوزت الحد المسموح للصرف إلى النهر في مصبات الشركة وفي فترات مختلفة .
أما تركيز الشحوم والزيوت فقد كان مرتفعا ً في جميع مصبات الشركة
دعوى قضائية
وجاء في التقرير أيضا ً في فقرة ( المقترحات) : إن جميع الحلول المقترحة لحل مشاكل الشركة العامة للأسمدة- حسب رأي مديرية البيئة بحمص- غير مجدية لأن القسم الأكبر من آلات وتجهيزات المعامل متآكلة ومهترئة .
وأن أعمال الصيانة لاتؤدي الغرض المطلوب،وبناء عليه فإن الحل الجذري هو نقل المعامل إلى مكان آخر مناسب بيئيا ً بعد إجراء الدراسات اللازمة .
وللعلم فقد تم رفع دعوى على الشركة العامة للأسمدة وفقا ً لمواد القانون 50 الخاص بحماية البيئة عام 2006 والدعوى منظورة أمام محكمة صلح جزاء ثالثة برقم أساس 38 لعام 2010 .
ختام القول:
بعد الذي ذكرناه هل يمكن لأي شخص مهما كانت طبيعة عمله ومسؤوليته أن يقول : لايوجد تلوث في الهواء والماء في البيئة المحيطة ؟
وآمال الناس حاليا ً معلقة على العقد الذي وقعته المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية مع إحدى الشركات الروسية لإعادة تأهيل وتطوير معمل السماد الفوسفاتي على أن تقدم الجهات المعنية في سورية الدراسات المطلوبة لضبط الملوثات والانبعاثات وجعلها ضمن المعايير العالمية ، كي تلتزم الشركة المتعاقدة بتنفيذها حتى لانقول «دبكة خرما» .
رفعت مثلا
المزيد...