تحية الصباح ..صباح الخير .. أيتها البهية !!

عندما بدأت أعد خطواتك الأولى القليلة قبل أن تتعثري و ترتمي على الأرض ، كنت أشجعك وكنت أشعر بالبهجة وأنا أسمع جدتك تقول ( ما شاء الله .. عمرها سنة وبدأت تمشي ..!!) وتغمز لمن حولها مشيرة إليّ ( سنة ونصف .. حتى بدأ يخطو …!!).
كنت كل يوم أراقبك وأنت الطفلة المدللة الضاحكة .. التي بدأت تلفظ كلمات قليلة هي ( ماما .. بابا …تيتا ) . أحدق بوجهك الطفولي وتشدني عيناك وبراءة الأطفال في عينيك .

كبرت وكبرنا ، وكبرت أحلامنا وأمانينا .
سريرك الصغير ، الذي طالما هززته ، أضحى مركوناً لسنين عديدة في ( سقيفة ) البيت أضع كلمة ( سقيفة ) بين قوسين ولا أعرف لماذا أكره هذه الكلمة ألأنها تحوي كل ما لا نحتاجه إلا ما ندر .

صار لك غرفة  صرت صبية ، وطالبة جامعية  وفرضت على المنزل نظاماً أنت اخترته ، وقبلنا به ، كرمى لعينيك  وذات صيف ، غادرت المنزل وتركت لنا عطرك وخزانة ملابسك الفارغة ، وبعد سنين من مغادرتك إلى بيتك الزوجي وعطرك أنيسنا وصورك معلقة على جدار القلب وطيفك نسيم جميل يوقظ أرواحنا ويهز قلوبنا …

بالأمس كنت في الجامعة ، وعبثاً فتشت عنك بين الطلبة لم أرك وكأنني توقعت أن أراك  وعندما عدت إلى الواقع .. قلت في نفسي كم أنا ….!!.
تأتينا وولداك أشعر أن الحياة تبتسم لي ، وأنا في كهولتي الضاغطة وتقولين ( الكهولة أعلى مراحل الشباب ) وأقول لك ( عندما نريد للزمن أن يتمهل فهو يسرع ، وعندما نريد أن يسرع فإنه يتمهل الأيام الجميلة في حياتنا تمر بسرعة والأيام الرمادية – حتى لا أقول السوداء – تتمهل) لكنك وأنت المثقفة ، القارئة لكل ما تقع عليه عيناك من كتب ، تقولين:

( الزمن يسير ، بانتظام ) مشاعرنا هي التي توحي إلينا أنه يسرع أو يتمهل) وأنا أعرف هذا لكنني أستمع جيداً لك .

مولع أنا بأبنائك ، أحفادي ترى هل كل الأجداد مثلي ؟!! وعندما أحكي لهم الحكايات  حكايات زماننا الذي مضى ، يتعجبون كيف لم يكن في زماننا السالف انترنت وفيسبوك وهاتف محمول ، ولا سيارة ، ولا دراجة ويتعجبون أكثر عندما أقول لهم كنا نشتري عشر حبات من السكاكر بعشرة قروش  ويتساءلون ما هو القرش وما هو الفرنك وما هي الليرة الواحدة ؟!!.
ياه .. كأن حياتنا حلم تمضي بنا السنون ، وكم كان الشاعر مصيباً عندما قال :

/ ومضت تلك السنون وأهلها

فكأنها وكأنهم أحلام /

لا أعرف لماذا تحتلين مساحة كبيرة بل الأكبر من قلبي ، وتختصرين كل الأحبة أنت وأبناؤك أيتها البهية دائماً ،سيأتي وقت نقول فيه :

كنت وكانت وكنا وكانوا .. وفي “كان” وأخواتها تنطمر أحلى لحظات العمر …!!

عيسى إسماعيل
 

 

                                                                                                            

 

 

المزيد...
آخر الأخبار