العروبة – حلم شدود
التعلل بموانع أو ظروف تحول دون شراء اللباس المدرسي الموحد لإبنهم الطالب هو ما يمنع بعض الأهالي من إرسال ولدهم إلى المدرسة باللباس المدرسي… وبنظرة خاطفة إلى طلبة المدارس في الأيام الأولى لافتتاح العام الدراسي تشاهد العجب العجاب تشعر وكأن هؤلاء الطلبة ضمن أجواء حفل عرض أزياء أوعرس حيث أحدث الموديلات من بنطلون جينز ممزق بطريقة «رعاة البقر » وقميص مفتوح الأزرار على الصدر وكنزة « سترتش » مشدودة على جسم الفتاة … وتتساءل في سرك أهؤلاء طلبة علم جاؤوا لتلقي المعرفة ولعرض القدرات والكفاءات أم لعرض الأزياء؟!!… بالطبع هناك البعض ممن لم تسعفه ظروف أهله في شراء ما تيسر له من حاجيات تظهره بمظهر يوازي أو يقارب رفاقه فانخرط ضمن المناخ العام بثياب عادية لكن ليست مدرسية …
حيال هكذا أجواء غير لائقة بصرح تعليمي نقول إن المعنيين لديهم كل الحق بإلزام الطلبة باللباس المدرسي الموحد ، فالطالب قصد مدرسته من أجل هدف وهو تلقي العلم ضمن مؤسسة تربوية والالتزام علامة في صالح الطالب تحاكي سلوكياته وحضوره ، ومن غير المقبول – أيضاً – إظهار الفوارق الاجتماعية والمادية ضمن حرم مدرسي ، فهذه ثيابها « ماركة » وغالية الثمن وأخرى تشعر بالغبن والحرمان كونها بالكاد استطاع أهلها توفير ثمن بنطلون جينز وكنزة لتبدو بمظهر لائق أمام رفيقاتها ،… وأذكر أني صادفت إحدى السيدات برفقة ابنتها الطالبة التي أعيتها بالبحث عن بنطلون جينز ممزق على الركبة يشبه بنطلون رفيقتها وكنزة «موديل» تشبه كنزتها وكانت الأم تمتعض وتقول « الله يعينا على هالجيل الجهلان » …، والجهلان « وفق المعجم » مشتق من الجهل وهو خلاف العلم وضده ونقيضه ، وجهل الشخص : جفا وتسافه وحمق وأظهر الطيش ، و« لا يستوي عالم وجهول »، ونسمع المطرب ملحم زين يغني أغنية «قلبي الجهلان » فيقول : وعيتي قلبي الجهلان وذكرتيني بمواجعه ….!!
فالحرب لم تترك وجهاً من وجوه الحياة إلا ولامسته ، والفقر الذي ساد هو ما ساهم في تفشي حالة عدم الالتزم باللباس المدرسي ، وهذا قاد بشكل أو بآخر إلى الافتقار للالتزام باللباس المدرسي والذي تحول إلى سلوك عجز المربون عن اتخاذ إجراء مناسب حياله في وقت لم يكن الظرف مناسباً لكن ما زاد الطين بلة هو « الاعتياد »على هكذا ظاهرة لم تعد لائقة فاللباس الموحد تدريب على الانضباط والالتزام واللباس المدرسي « هوية» الطالب ودليل احترام للمؤسسة التعليمية وأخيراً .. من المهم أن يتأمل الطالب صورته في المرآة قبل ذهابه إلى مدرسته ، والأهم أن يتأمله أهله كذلك … وفهمكم كفاية …