يقول مثل انكليزي ” الشعر يؤرخ الحياة في جمال الكلام ” وهذا المثل ينطبق على الشعر والشعراء في كل بلاد الدنيا والشعر كفن كلامي جميل ، وصور باذخة في الخيال ، له حضوره ، عندنا وعند غيرنا من الشعوب.
والشعراء لسبب ما أو لآخر هم ضحايا القلق والأرق والحسد ، والقول إن قصيدة شعرية واحدة تفعل مثل طائرة أو كتيبة عسكرية ، أوقات الحروب ، قول أثبتت وقائع التاريخ صحته في الكثير من الحروب وهذا يجعل الشاعر أحياناً هدفاً للموت بأيد آثمة ليسكتوا صوته .
أبدأ من الشاعر العربي الكبير أحمد بن الحسين المتنبي الذي كان مالئ الدنيا وشاغل الناس ، وله حضوره الباذخ في الشعر العربي حتى اليوم . مدح سيف الدولة ، ومدح كافوراً الإخشيدي ثم انقلب عليه وهجاه .
أرّخ لانتصارات سيف الدولة ، وكان إذا ألقى قصيدة اليوم فإنها في اليوم التالي تكون قد انتشرت على الألسن وتناقلها الرواة …وكثر حاسدو الرجل فكمن له جماعة كان قد هجاهم ولم يكن معه سوى غلامه …
وعندما أراد الفرار قال له الغلام ( كيف تهرب وأنت القائل ) :
-الخيل والليل والبيداء تعرفني
والسيف والرمح والقرطاس والقلم
فنظر إلى الغلام وقال له ( قتلك الله .. لقد قتلتني ) وكرّ على أعدائه وكانوا عدة أشخاص وواجههم حتى قتل …!!. مات الرجل في ساحة الدفاع عن نفسه ، وموته كان مثل حياته ، أسطورة .
وأما الشاعر الراحل الكبير أيضاً , محمد مهدي الجواهري فبعدما أُبعِدَ عن العراق في بداية ثمانينات القرن الماضي اختار ” براغ ” سكناً له وكان يتردد عليها وصادف أن دعي مع زوجته للسهرة عند أحد الأصدقاء العراقيين , وفي هذه الأثناء ألقيت قنبلة داخل شقته فدمرتها قبل أن يصلها بعد منتصف الليل بقليل .. في اليوم التالي كان خبر محاولة الاغتيال قد انتشر وعلم به القائد المؤسس حافظ الأسد فوجه للجواهري الدعوة للإقامة في دمشق وهذا ما حصل .. وتوفي فيها عام 1997 ودفن في مقبرة السيدة زينب عن عمر ناهز الثامنة والتسعين .
شاعران من شعرائنا جمعتهما القافية الخالدة وحب الوطن وكتبا أسماءهما على جدار الشعر العربي مخلدين فيه قصائدهم ..!!
عيسى إسماعيل