دمشق لم تكن يوماً هناك
دمشق هنا …
هنا أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ …
هنا التاريخ في دمشق …
هنا العالم في دمشق …
هنا من فتحت أبوابها للجميع بدون مقابل…
هنا من تَصفَح .. من تسامح.. من تصالح .. من تصبر .. من تؤمن بعدالة السماء …
الحقيقة أن الذي دفعني للكتابة عن دمشق ليس فقط عشقي لها وإنما بعض المقاربات والمقارنات التي أجريتها في مخيلتي عما يجري من أحداث عدائية على أرضها وسألت نفسي لو أن بلداً شقيقاً تعرض لما تعرضت له سورية ماذا سيكون موقفها من ذلك .
حضر إلى ذاكرتي عندما تعرضت مصر الشقيقة للعدوان الثلاثي عام ١٩٥٦ وموقف الحكومة السورية والشعب السوري من هذا العدوان وسأذكر فقط عنوانين يبرهنان عمق البعد القومي والأخلاقي والإنساني لدى هذا الشعب العريق .
_ الأول : في ثالث أيام العدوان الثلاثي على مصر وبعد صلاة الجمعة قرر الرئيس المصري جمال عبد الناصر إلقاء كلمة على منبر الجامع الأزهر كل مصر كانت منتظرة خطاب الرئيس وأثنائها تعرضت هوائيات الإذاعة المصرية في منطقة( أبو زعبل ) لقصف جوي أدى إلى قطع الإرسال وهنا أعلنت إذاعة دمشق مباشرةً بصوت أحد مذيعيها ” هنا القاهرة من دمشق ” ” هنا مصر من سورية .. لبيكِ لبيكِ يامصر ” وتحولت الإذاعة السورية إلى إذاعة مصرية وتم بث خطاب الرئيس عبد الناصر من إذاعة دمشق .
الثاني : العمل البطولي الذي قام به الشهيد جول يوسف جمال بتفجير نفسه بالبارجة الفرنسية ” جان بارت “دفاعاً عن مصر الشقيقة أثناء العدوان الثلاثي عليها .
هنا أدركت تماماً لماذا قال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن سورية أنها قلب العروبة النابض وأدركت أيضاً أن العرب الذين يعيشون مكتوفي الأيدي أو يمدون الإرهاب بالمال والسلاح لقتل هذا القلب أقول لهم أن القلوب الاصطناعية التي تعيشون بها ستنتهي صلاحيتها وأن القلب الذي توجهون السهام عليه هو من عشتم به وأيقنت أكثر أن سورية تستحق العشق بل أكثر ليس لأنني من أبنائها وخلقت من ترابها وواجب عليّ خدمتها والدفاع عنها بل لأنها سورية والاسم يكفي .
مغيث إبراهيم