تحية الصباح ..رجع أيلول

لشهر أيلول ، حضور متميز ، وربما كان لكل شهر حضور متميز ، أيلول في الذاكرة ، هو شهر افتتاح المدارس ، الحدث الأبرز في بلدنا  تعود الشوارع صباحاً وظهراً ملآنة بالتلاميذ والطلبة ، ما أجمل لباس أطفالنا وهم يحملون حقائبهم على ظهورهم ويهرعون، بفرح خاص ، إلى المدرسة ، هذا اللون الأزرق للباسهم المدرسي يزرع الأمل والفرح والتفاؤل في نفسي وأنا أراقبهم زرافات يمضون إلى المدرسة أو يعودون منها .

أيام كنا في المدرسة الابتدائية كان لباسنا أسود  (مريول أسود ) كانوا يسمونه ( ملبوس الأماجد ) وأذكر جيداً أن أمي  رحمها  الله  اقتادتني بعدما جاء أبي رحمه الله بالقماش الأسود ، إلى الخياطة الوحيدة في القرية كي تخيط لي ثوباً قبل افتتاح المدرسة  بأيام  وفي الطريق إلى الخياطة ، شعرت بالتعب وطلبت منها أن تحملني ، فنهرتني وقالت:” صرت بالمدرسة .. صرت كبيراً ، امش ، كيف ستمشي إلى المدرسة ؟!)

أيقنت عندها أن ما بعد دخولي المدرسة غير ما قبلها .

واليوم أيلول وطقوس افتتاح المدارس ، لم يتغير في المشاعر والأحاسيس وإن تغير في الشكل !! اليوم  في كل حي مدرسة وأكثر لكل المراحل ، وطيب الله ثرى القائد  المؤسس

حافظ الأسد الذي طرح شعار ( في كل  قرية مدرسة ابتدائية على الأقل ) وتم تنفيذ هذا الشعار ، مهما كان عدد تلامذة القرية !! وهذا أحدث ثورة في التعليم عندنا ، لأن الأطفال كانوا يمشون مسافات ليست قريبة للوصول إلى قرية فيها مدرسة .

يقولون عن أيلول إنه شهر المونة ، إذ فيه نضع المؤونة من برغل وبصل ومكدوس وغيرها .

المكدوس بشكل خاص قبل سبعينيات القرن الماضي لم يكن أحد يعرفه أو سمع  به في قريتنا وفي القرى المجاورة   وعندما  جاء خالي عام 1972 بالباذنجان ومستلزمات المكدوس تعجّبنا من هذا الأكلة اللذيذة ، ثم عاماً بعد آخر ، دخل المكدوس بقوة قائمة  مواد المؤونة .

البرغل بعدما كنا نأتي بالقمح ونسلقه في ” حلّة” كبيرة صرنا نشتريه بالكيلو ، وهو مع الشنكليش / مسمار الركب ، كما نقول …!! وكذلك البصل والملوخية التي

دخلت قائمة  المؤونة أيضاً ، ولم نكن نهتم بها ،  قبل عقود قليلة ، نحن أهل القرى ، أو أكثرنا .

شهر أيلول شهر ” الميمات ” أي شهر المدرسة ، المكدوس ، الملوخية ، أي المؤونة.

أهلاً بالمدرسة … وهذا الصخب الجميل لأبنائنا كل أيلول وكل الناس بخير .. …

(رجع أيلول .. دهبوا الأصفر ورق أيلول..!!).

عيسى إسماعيل

 

المزيد...
آخر الأخبار