الطريق الواصل بين طريق باب الدريب ويبدأ من أمام مدرسة المثنى بن حارثة باتجاه قلعة حمص وصولاً إلى طريق حمص دمشق والإشارة الضوئية المسماة ” إشارة القلعة ” هذا الطريق في سبعينيات القرن الماضي كان ضيقاً وباتجاه واحد وهو اليوم باتجاهين .. كنت اقطعه مشياً في الذهاب إلى ثانوية الفارابي – مكان ثانوية خالد بن الوليد حالياً – وفي الإياب … ففي تلك الأيام لم يكن في قريتنا ثانوية ولم يكن في ثانوية القبو فرع أدبي ، فاضطررت مع بعض أبناء عمومتي لاستئجار غرفة إلى الشرق من مدرسة المثنى وبمبلغ عشرين أو ثلاثين ليرة لم أعد أذكر بالضبط .
هذا الطريق إلى اليوم لا يزال قلبي يدق عندما أسلكه ، يعيدني إلى زمن مضى وإلى أيام لن تعود وإلى رفاق بعضهم صار في ذمة الله وبعضهم ينتظر .
كنت أتلذذ بالمشي إلى المدرسة لمسافة كيلومترين وأنا شارد الذهن أفكر متى سأنال الشهادة وأدرس في الجامعة ..؟!!.
كانت ثانوية الفارابي مؤلفة من قسمين كبيرين كل منهما يشكل عدة غرف وبينهما باحة واسعة جداً .
وكان القسمان مبنيين من الحجارة وأعتقد أنها كانت مستأجرة.
مدير الثانوية مصطفى مصطفى توفي إثر حادث سير أليم وخلفه لعدة أشهر الأستاذ منذر حمودي ( أمد الله عمره ) ثم تسلّم الإدارة الأستاذ خضر الناعم وبعدما تخرجنا منها انتقل مقرها إلى حيّ النزهة وذلك بداية العام الدراسي 1977.
لا يزال صوت الأستاذ راغب الأخرس في ذهني وهو يؤكد على أهمية روايات نجيب محفوظ وأن حنا مينه الروائي السوري الأول ولا تزال صورة مدرس اللغة الإنكليزية الشهير نجدت الحاج محمد أمامي ، وهو يجتهد في شرح كلمات هذه اللغة ويحفزني أن أدرس اللغة الإنكليزية في الجامعة في حين يصر الأستاذ أسبر باسيل أن أدرس اللغة العربية… وإلى اليوم أتساءل هل أخطأت في اختيار دراستي الجامعية ؟! أكان عليّ أن أدرس اللغة العربية ؟!. وبعض الناس يظنون أنني أحمل الإجازة باللغة العربية بسبب كتاباتي ..!!. و إتقانها فرض عين على كل عربي .
تغيرت الدنيا عما كانت عليه قبل نصف قرن .
كم أحن إلى الدروب التي كنت أسلكها .. إلى قاعات المركز الثقافي حيث العمل في المواضيع الأدبية التي تحتاج إلى مراجع وحيث المتنبي وأبي تمام والبحتري والجاحظ وغيرهم .
كم أحن إلى وجوه الرفاق في المدرسة ، وإلى مدرسينا الأفاضل وإلى جدتي التي كانت تسألني كل أسبوع في أثناء زيارتي للقرية ( هل نجحت يا عيسى ؟!) وكنت أشرح لها أن النجاح يكون بعد أشهر من الدراسة.
أيام مضت صارت ذكريات، تعيدنا إلى زمن نراه اليوم جميلاً.
أبث شوقي وتحياتي هنا لرفاقي في المدرسة وأساتذتي .
ليتني أراهم وأحدثهم .. لكن ما باليد حيلة … تلك الأيام في البال .
عيسى إسماعيل