نقطة على السطر ..يوميات “متعوس” ..

النسيمات الباردة في الخارج تنبئ بمطر وبرد شديدين “فمربعانية” الشتاء اقتربت ولذلك كان متعوس يشعر أنها لحظات فاصلة بين الدفء والبرد كما كانت سنوات من عمره فاصلة ذهبت هباء، مابين عصر الرفاهية و”وصعوبة الحياة ” ، هي بضع سنوات أضاعت عمره وكأنها كابوس من كوابيس اليقظة ، كوابيس من الهواجس والقلق والأرق والتفكير بعد أن حاول انتهاج المثل القائل( على قد بساطك مد رجليك) لكن ما لبث أن تملك اليأس متعوس صاحب الراتب المحدود  كون بساطه اهترأ وتداعى وأصبح رقعة صغيرة لا يتسع لأمنياته الصغيرة حتى لو تكور جسمه وتقزم ليصبح بحجم كرة القدم، فقد عجزت كل الأفكار لإيجاد حل لواقعه المؤلم حتى صار يصارع اللقمة مع عائلته ، ليعود متعوس خائب الرجاء يدور به الزمان إلى نقطة البدء بعادات واختراعات جديدة يحاول فيها امتثال ممارسات جده الأول والذي على ذمته كان يسير مسافات طويلة بعد عمل مرير غائصا في ركام الثلج والطين المتراكم في ظلام الليل الحالك ترافقه الضباع الضارية يصارعها أحيانا ويراوغها أحيانا أخرى حتى يصل إلى بيته سالما لا يعرف المرض ولا ينال منه التعب، ولكن ضباع متعوس أصبحت مستنسخة بأشكال أخرى هي ضباع ضارية بأنياب حادة أخذت تنهش مسوغات حياته ليتمكن منه الغيظ و يأبى أن يفارقه كون الحبل انقطع به في منتصف البئر وبات غير  قادر على الرجوع خلفا إلى الماضي البعيد بجسمه الذي صار نباتيا أكثر من اللازم مكره أخاك لا بطل في معركة الوجود تظله ظروف مخيمة فوق رأسه غير آبهة بسيرورة التقدم و دوران الحياة الطبيعية المفروض أن يعيشها ، فأقصى ما يستطيع عمله هو التقتير في مصروف المازوت مستغلا أشعة الشمس حتى لو كانت باهتة ،ينظف الساحة كل يوم مع أقرانه من هموم الأمس ليبدؤوا يومهم حالمين بغد أفضل…

مناعته باتت هشة تلتقط فيها تقلبات الطقس لأسابيع طويلة يعاني من نزلات البرد وحمى التكاليف المرتفعة وصار شراء الأدوية ضرب من الخيال فهي تسابق الضوء في طيرانها، متسائلا في كل مرة لماذا رمت بنا الحياة إلى أتون هذا البلاء ، و مازلنا نفائل أنفسنا (إن بعد العسر يسرا).

 

المزيد...
آخر الأخبار