نقطة على السطر ..حكاية معلم..

حكاية معلم كان يشعر بالتعاسة وهو يروي طريقة تقليد بعض تلامذته له خارج الصف وكأنهم ممثلون مسرحيون والباقون يستمتعون بالعرض هم الهاربون من الحصص الدرسية والمعتمدون اعتمادا كليا على المعاهد والدروس الخصوصية التي باتت موضة العصر يستوي فيها الفقير والغني ولو كان على حساب الحياة المعيشية للأهل بأرقام مادية مرعبة ،و ما يحز بنفسه أنه بعد أن أفنى عمره بالشرح وبذل عصارة ذهنه وبعد كل هذا العناء أصيب بمرض التهاب المفاصل الحاد فقد معه لياقته البدنية ولم يعد قادرا على الوقوف طويلا فأحيل في مدرسته إلى وظيفة إدارية فحرم بذلك من العلاوة التي منحت للمدرسين والمشكلة أنه ليس من العدل أن يحرم منها بعد أن أمضى أعواما طوالا في سلك التعليم وأفنى عمره بين جدران الصفوف مع محاولات يائسة في خلق حالة من التآخي مع طلابه الشباب كونه يدرك تمام الإدراك أن لكل زمان رجاله فشتان مابين حياته كطالب كان يرتجف رهبة داخل الدرس أومن لمحة يلتقي فيها بمعلمه خارجا وكان يعلم أنه وطلابه ينتميان إلى جيلين متناقضين في طريقة التعامل مع المعلم   ..

كان يتحدث مع نبرة صوت تزداد حزنا وألما يلقي خلال حديثة نظرات جذلى إلى زملاء المهنة الذين يعانون ما يعانيه ، مع حرص تام على انتقاء عباراته البعيدة عن فقدان الاحترام للمهنة كونه ينتمي إلى إحدى المهن الإنسانية التي تحمله روحا مخلصة لعمله لكنه لم يحصل لقاء خدماته سوى منحة كلمات أشبه أن تكون كلاما رومانسيا محضا.. قم للمعلم وفه التبجيلا… كاد المعلم أن يكون رسولا  ورغم ذلك وفي كل احتفالية كان يرقص العيد في قلبه إذ تنتشله تلك الأناشيد-   التي تحمل في كلماتها قوة نابضة معبرة- من التفكير بواقعه الصعب ونسيان ألمه ليشعر ولو لفترة قصيرة بالنشوة والابتهاج والفخر وهو يعبر باحة المدرسة التي تصدح بالأصوات المهللة بالمعلم في يوم عيده.

عفاف حلاس

المزيد...
آخر الأخبار