التسول …حاجة أم مهنة؟؟

التسول يعني أن يمد أناس أيديهم للآخرين بداعي الحاجة،وقد اتخذ أشكالاً متعددة خلال سنوات الحرب،وأصبحت مهنة من لا مهنة له مؤخراً, فمرة عدم توفر أجرة الطريق لمكان سكنه،ومرة بداعي عملية جراحية لا يمتلك طالب المساعدة تكاليفها،هناك من يضعون علبة بسكويت أمامهم كي يتخلصون من (كبسة) الشؤون الاجتماعية المسؤولة عن المتابعة، ومنهم من يحتل زاوية أو ركناً معيناً يجعله حكراً عليه ولا يسمح لأحد غيره الاقتراب إلى مملكته.

أطفال يلوحون بعلب المحارم للسائقين على إشارات المرور،ويتسابقون من سيارة إلى أخرى،وكأنهم في حالة منافسة من يكسب أكثر،وكأننا نتذكر (فيلم الحرافيش) الذي أدى بطولته الفنان الكبير عادل إمام،في أحد الشوارع المزدحمة تقف امرأة والسيجارة لا تفارق شفتيها موحية للمارة أنها تتسول من أجل أن تدخن، و امرأة أخرى تقف على إشارات المرور،صامتة حاملة لوحة مكتوبة بالخط العريض استجداء المواطنين.

نحن لا نشكك أن كل من يفعلون ذلك إنما يمارسون الاحتيال،هناك أناس فعلاً بحاجة للمساعدة،و بعضهم من فقد معيلهم،وهناك من هم دون عمل أو مورد رزق،وبالمقابل هناك من يحاولون التحايل من خلال استخدام الأطفال فيما يشبه الشركة الصغيرة،ومن هؤلاء الأطفال من يشترط المبلغ الذي يريده كتسعيرة محددة،وإذا لم يحصل عليها قد يتعرض للشتائم.

الحديث في هذا الموضوع ذو شجون،والمهنة بحد ذاتها ذات طابع سلبي من حيث انعكاساتها ومدلولاتها،ومن الصعب التفريق بين المحتاج والمحتال،وهل أصبحت المسألة حاجة أم مهنة…؟؟

ما نحن على يقين منه أن الكثير من المحتاجين لا يمدون أيديهم حتى لو بقي أطفالهم دون طعام،وحالات كثيرة تصدى لها المجتمع المحلي الذي يوجد فيها المحتاجون، وتمت مساعدتهم دون المساس بكرامتهم،هؤلاء يتقبلون المساعدة دون إحراج ،لأنهم على يقين تام أن مساعدة المجتمع تتم وتقدم للمحتاجين من أبناء الحي الواحد أو القرية وغيرها،هو نوع من التكافل الاجتماعي،الجار أولى بالجار،والجار هو الأكثر معرفة بحال جاره.

واليوم هناك جمعيات خيرية، ومنظمة الهلال الأحمر،تقوم بواجبها وعملها الإنساني،كما توجد  جمعيات تقدم ما هو أكثر من مجرد تقديم الطعام والشراب،هناك منح دراسية في الجامعات السورية الحكومية والخاصة،ومنها ما يقدم الأدوات والمعدات للأسر الأكثر فقراً بهدف توفير فرص عمل لها تؤمن خلالها رزقها دون الحاجة لمد اليد طلباً للحاجة من هذا أو ذاك ويستغنون عما يمكن أن يسمعوه من أولئك الذين لا يساعدونهم،ومع ذلك تزداد أعداد من يمدون أيديهم،فهل أصبحت المسألة مهنة كبيرة وسريعة الدخل دون تعب أو بذل أي جهد؟؟؟

عادل الأحمد

 

 

المزيد...
آخر الأخبار