الحفاظ على البيئة ثقافة ومسؤولية مجتمعية .. الإجراءات المتخذة للحد من التلوث البيئي لازالت دون المأمول

ليس من باب الترف حماية البيئة والمحافظة عليها ,وهذه مسؤولية جماعية تقع على عاتق المؤسسات والأفراد لتحسين الواقع البيئي في محافظة حمص وهذا لا يتأتى إلا بتضافر الجهود لينعكس هذا التضافر على البيئة ابتداء من المنزل والحي والمدرسة وصولا إلى المحيط العام لذا على الجهات المعنية حث جهودها لتعميق الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها .. وفي توصيف الواقع البيئي لدينا نلاحظ أننا لا نزال نحبو في طريقة اهتمامنا بالبيئة وهذه نتيجة يعود سببها إلى قلة تقديرنا لموضوع البيئة سواء كان ذلك في المدينة أم في الريف فالأمر سيان علما أن الجهات الحكومية « وزارة البيئة ومديرياتها بالمحافظات تحاول تنفيذ مشاريعها لأن العمل البيئي ليس حالة مؤقتة بل دائمة و مستمرة بجهود الجميع ..

‏وخير دليل على عدم الجدية واقع بلدة قطينة التي تعاني منذ سنوات من التلوث والسؤال المطروح هنا أين هي الكشوف والزيارات الميدانية على المنشآت الصناعية بشركاتها العائدة للقطاعين العام والخاص وهل تم التأكد من مدى التزام هذه المنشآت بالقوانين والشروط المنصوص عليها ..؟!. ثم ما هي الإجراءات المتخذة للحد من التلوث البيئي في محافظة حمص ولاسيما في قطينة والقرى المجاورة لمحطة معالجة مياه الصرف الصحي قرب الدار الكبيرة, فهل هي قيد التنفيذ أم قيد انتظار إعداد الدراسات ..؟ونشير إلى وجود كوادر فنية مؤهلة لدينا, فلماذا لا يتم الاستفادة من خبراتها واقتراحاتها للحد من التلوث البيئي
..صحيح أن المواطن لمس تطورا في المجال البيئي ولكن ظل دون المستوى المأمول ربما بسبب الجراثيم الإرهابية التي فاقمت قدر استطاعتها من التلوث فكم عامل نظافة تم استهدافه وكم ..وكم ..
إن للثقافة البيئية أهمية بالغة الأثر على مجتمعنا وهي / للأسف/ شبه مفقودة لدينا فأغلبنا لا يزال يرمي أوراقه والقشور على قارعة الطريق وكأنها شيء ليس له تأثير وهذا يعكس عدم المبالاة بأهمية الحفاظ على البيئة وسبب ذلك انخفاض مستوى الثقافة البيئية بشكل عام .. إذن ما العمل لرفع هذا المستوى هل بإقامة الندوات واللقاءات وهي ليست قليلة, أم يجب ابتكار طرق أكثر فاعلية للحفاظ على بيئة نظيفة منها على سبيل المثال لا الحصر إشراك الشباب في يوم عمل وطني لتنظيف الشوارع وحتى تجميع القمامة وبشكل دوري ليدركوا أهمية البيئة وحجم الأعباء التي يقوم بها عامل النظافة …

مع المواطنين
جورج إبراهيم حدثنا قائلا : تعد البيئة اليوم من أولى مؤشرات البعد الحضاري كونها تعكس علاقة الإنسان بمحيطه، والاهتمام به يؤشر إلى مجتمع يعي جميع المخاطر التي تحيط بواقعه الحياتي .. لذا يجب الاهتمام بالموضوع البيئي أكثر مما هو قائم حاليا وعلينا جميعا ألا نكتفي بتوزيع البروشرات وإقامة الندوات الخاصة بالبيئة فهذا لا يعد علاجا حقيقيا للواقع البيئي في محافظتنا فالإكثار أو الإقلال من البروشورات لا يحل المشكلة وحلها يقتضي منا جميعا تعميق الثقافة البيئية خاصة عند جيل الشباب لحثهم على الاهتمام بالحفاظ على البيئة التي باتت تعتبر من المسؤوليات المجتمعية وهذا يتطلب ابتكار مبادرات تعزيز مفهوم المحافظة على بيئة نظيفة عبر التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية وبذل الجهود الحثيثة لزيادة الوعي وتعميق السلوكيات الإيجابية في الحفاظ على بيئة خالية من الملوثات .

مسح علمي
المحامي أيمن حمدان قال : إن الاهتمام بالوعي البيئي ليس حديث النشأة حيث بدأت معالمه تظهر منذ منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي إلا أن هذا الاهتمام مازال حتى الآن يفتقر إلى مؤشرات حقيقية لقياس مستوى الوعي البيئي لمختلف شرائح المجتمع وبالتالي معرفة ما نحن بحاجة إليه من برامج توعية وتعليم بيئي دون أن نغفل تحديات المجتمع وأولوياته البيئية, فما رأيناه خلال العقود الماضية من جهود وبرامج ومبادرات توعية وتعليم بيئي ما هي إلا ردات فعل وتوجهات واستجابات بعيداً عن أي مسح علمي مرتبط بقاعدة بيانات وخطة استراتيجية حيث يشكل قطاع التعليم ما لا يقل عن /35/ بالمائة من المجتمع السوري بشكل عام وهذه نسبة ليست قليلة لو استطعنا الوصول اليها ضمن رؤية تعليمية مستدامة .. وقد بدأت مع مطلع القرن الحالي تظهر مبادرات وخطط تهتم بالواقع البيئي أكثر من ذي قبل ومع ذلك مازالت دون المستوى المأمول وخاصة ما يتعلق بإرساء واقع بيئي أفضل وهذا لا يمكن الوصول إليه من خلال الندوات و ورشات العمل التي تعنى بالبيئة بل يجب الانطلاق من اللبنة الأساسية للمجتمع«الأسرة» بكل مكوناتها لتعميق الثقافة البيئية التي لاتزال في طورها الجنيني .

مسؤولية مجتمعية
منال البريجاني قالت : يجب الانطلاق في عملية التوعية البيئية من قاعدة المسؤولية المجتمعية ابتداء من الرؤية التربوية وصولا إلى إيجاد توازن بين البعد الاجتماعي والاقتصادي وبين التقاليد الثقافية للمجتمع واستدامة الموارد الطبيعية والبيئية من أجل حياة أفضل للفرد والمجتمع في الحاضر وللأجيال القادمة عبر تطبيق مبادئ التوعية من أجل تنمية مستدامة وهذا يتطلب الاعتماد على منهجيات ومقاربات تربوية متعددة الأغراض والأساليب لتأمين تعلم أخلاقي مدى الحياة لجميع فئات المجتمع والمناطق وتشجيع احترام الاحتياجات الإنسانية التي تتوافق مع الاستخدام المستدام والمتوازن للموارد الطبيعية والمحافظة عليها من أجل البشرية في حاضرها ومستقبلها وتغذي الحس بالمواطنة البيئية والتضامن وأنا كأم أعمل على تدريب أطفالي لحماية البيئة واحترامها والتعامل معها كأنها حاجة ضرورية لنا وللمجتمع .

نشر الثقافة البيئية
عمر المصري طالب جامعي قال : نظمت جامعة البعث أنشطة لتوعية طلاب المدارس بمنتصف الشهر الماضي تركزت حول أهمية الحفاظ على البيئة والاستفادة من التوالف البيئية بأشياء مفيدة بهدف نشر الثقافة البيئية وتوليد حس الاهتمام لدى الأطفال بأهمية الأشياء المحيطة بهم, والاستفادة ما أمكن من محاولات تدوير البقايا المنزلية وكيفية تحويل التوالف إلى مجسمات ولوحات جميلة بقليل من الجهد.
وأضاف :إن هذه الأنشطة البيئية مهمة حيث تعلم الطلاب واستفاد الطلاب كثيرا من مختلف المشاريع البيئية واكتسبوا قيماً اجتماعية مثل العمل الجماعي والقيم الموضوعية مثل تحليل المجسمات المعروضة والرسوم البيانية والعلوم النفسية بالإضافة إلى العناية بالبيئة وحمايتها والعمل الجاد والمثابرة والسعي نحو التميز.. أما على المستوى الشخصي أو العائلي فهناك العديد من الإجراءات التي يمكن للمواطن اتخاذها للمساهمة في تحقيق بيئة نظيفة سواء في المنزل أم في الشارع .. والسؤال المطروح هنا ماذا بعد؟.. وهل حققت هذه الأنشطة أهدافها أم انتهت فاعليتها بإغلاق الباب عليها ..؟.

فحص الصلاحية
هدى دانيز صيدلانية قالت : رغم إحداث وزارة ومديريات لها في كل المحافظات إلا أن جهودها الحالية لم ترتق بعد إلى المستوى المأمول ولاسيما ما يخص تلوث الهواء فأغلب السيارات والسرافيس تلوث البيئة وكأن الأمر لا يعني أحدا, ومحافظة حمص تمتاز بهوائها المستمر ولولا ذلك لكان الواقع البيئي سيء وقد شاهدت في بعض الأحيان دوريات تابعة لمديرية البيئة تعمل على فحص مدى صلاحية عدد من السيارات والتأكد من عدم تلويثها للبيئة هذا كان من سنوات تجاوزت الست سنوات والآن لم نعد نلحظ وجود تلك المشاهدات .

جولات تفتيشية
التقت العروبة المهندس طلال العلي مديرية البيئة في محافظة حمص لمعرفة الإجراءات والنشاطات التي قامت بها المديرية فيما يخص التوعية البيئية فحدثنا قائلا : في مجال التفتيش البيئي وتقييم الأثر البيئي : تم منح الموافقة البيئية لعدد من المنشآت الصناعية المزمع إقامتها خارج المدينة الصناعية بحسياء وتنوعت هذه المنشآت مابين منشآت زراعية وصناعية وخدمية ( معاصر زيتون – أعلاف –كحول طبي – بلوك آلي)
كما قامت المديرية بجولة تفتيشية على المنشآت الصناعية في المدينة الصناعية بحسياء رصدت من خلالها الواقع البيئي لهذه المنشآت وتم توجيه المنشآت بتلافي بعض الملاحظات لناحية تشغل محطات المعالجة لديها أو ضبط الانبعاثات الغازية والتعامل الصحيح مع النفايات الصلبة الناتجة عنها .
وأضاف : تم منح الموافقة البيئية على إجازات استيراد للمواد الكيميائية والطبية لعدد من المستودعات وفق المنهجية المعتمدة من قبل وزارة الإدارة المحلية والبيئة ,
و استكمال البنية التحتية لعمل المرصد البيئي المزمع الإقلاع به قبل نهاية العام بإشراف وزارة الإدارة المحلية والبيئة دائرة البحوث والدراسات البيئية والذي سيؤسس لقاعدة بيانات هامة وضخمة يكون مستقبلاً أهم أدوات العمل البيئي والمرجع الأساسي لكافة الدراسات البيئية الإستراتيجية مما يسهم بوضع الحلول الصحيحة والكاملة لمشاكل التلوث البيئي في المحافظة .
وتابع حديثه :في مجال التوعية والتربية البيئية تم وضع خطة متكاملة تشمل كافة شرائح المجتمع ( الأطفال – الشباب واليافعين – العمال ) ,كما تم تنفيذ معرض بيئي فني من قبل وحدة ( علي محمد علي غالي ) البيئية تم من خلاله عرض عدد من اللوحات البيئية إضافة إلى أعمال فنية في مجال تدوير النفايات بعد استخدامها مما يعزز السلوك البيئي الصحيح لدى الأطفال .
تشارك مديرية البيئة في البرنامج التدريبي مع مديرية التنمية الإدارية في محافظة حمص وفق توجيهات وزارة الإدارة المحلية والبيئة من خلال محاضرات للمجالس المحلية الجديدة حول قانون النظافة رقم 49 لعام 2004 والقانون البيئي رقم 12 لعام 2012
كما شاركت مديرية البيئة في اللجنة المركزية المشكلة في محافظة حمص الخاصة بتلوث نهر العاصي وبيان صلاحية مياهه للري الزراعي واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

كلمة أخيرة
إن المنهجية الأكثر فعالية والطويلة الأمد للتعليم البيئي الجيد تأتي من مشاركة مجتمع المدرسة بالكامل لأن الوعي البيئي للطلاب يأتي من تحفيز المعلمين والكادر التدريسي في المدرسة وطريقة عرض المواضيع البيئية وشموليتها في المناهج الدراسية وتوفر الأدوات والدعم المادي والمجتمعي للمبادرات والمشاريع التي تتناول القضايا البيئية الرئيسة.. فالتربية البيئية عملية مستمرة يحتاج إليها الصغار والكبار على حد سواء كونها تهدف إلى توصيل الوعي البيئي والمعارف والسلوكيات والقيم الثقافية التي تعكس الاهتمام بالبيئة إلى المستهدفين في قطاعي التعليم العام والخاص بالإضافة إلى الالتزام بالفعل والمسؤولية الأخلاقية نحو الاستخدام الأمثل للموارد من أجل تنمية سليمة وقابلة للاستمرار وهذا يعتبر جزءاً أساسياً من برامج واستراتيجيات بلدنا وخاصة بعد أن بدأ الوطن ينفض عن كاهله غبار وعفن التنظيمات الإرهابية .. فالثقافة البيئية يجب أن تتعامل بمسؤولية كبيرة مع مختلف جوانب الحياة / في البيت والمدرسة والمكتب والشارع والحديقة / بطريقة صديقة للبيئة .. فكم كان مؤلما قطع أشجار الغابات في محافظتنا وكم أثر هذا العمل على واقع بيئتنا علما أن الجهات المعنية بادرت إلى إعادة تأهيل الغابات ومع ذلك هي مطالبة ببذل المزيد من الجهد للتوسع بالغابات وحمايتها .
بسام عمران – علي عباس

المزيد...
آخر الأخبار