رجال الدفاع المدني السوري جنود مجهولون أثبتوا للعالم على مدار السنوات الماضية أنهم يقفون جنبا إلى جنب وفي خندق واحد مع رجال الجيش العربي السوري في معركتهم ضد الإرهاب , وتتجلى أعمالهم في دخولهم دائرة الخطر من خلال القيام بعمليات الإطفاء والإسعاف والإنقاذ حيث يطغى الجانب الإنساني على عملهم .. إنهم رجال الدفاع المدني منطلقين من واجبهم المقدس في تحقيق أهدافهم واليد التي تمتد لتكون العون في إنقاذ الأشخاص والممتلكات والحفاظ عليها …
التقينا بمدير الدفاع المدني بحمص العميد نضال محلا وبعض العناصر والمدربين لمعرفة المهام التي يقومون بها والجهود المضاعفة خلال سنوات الحرب للحفاظ على حياة المواطنين وممتلكاتهم ..
بداية قال العميد محلا معرفا الدفاع المدني بأن من مهامه حماية السكان والممتلكات والمنشآت العامة والخاصة وتوفير سلامة المواصلات والاتصالات بأنواعها وضمان سير العمل للمرافق العامة بواسطة التدابير المتخذة في السلم والحرب للوقاية من أخطار الأعمال الحربية والكوارث العامة ومواجهتها ومعالجة تأثيراتها ورفع الروح المعنوية للمواطنين , والدفاع المدني من أهم المؤسسات والأجهزة الخدمية التي تقوم بخدمة حماية الناس والمحافظة على ممتلكاتهم ..
تدابير وقائية
وأوضح أنه يتم تنفيذ مهام الدفاع المدني عبر إجراءات وتدابير وقائية تتخذ قبل وقوع الكوارث وتبدأ هذه التدابير من الأفراد لتصل إلى المنشآت والمرافق والمؤسسات الحيوية كافة بحسب الأنظمة المعمول بها بما فيها نظام الحماية الذاتية للمنشآت وهي عبارة عن تدابير تتخذ بهدف تأمين الحماية في المنشآت «للأشخاص والممتلكات » للتخفيف من الأضرار وتأمين استمرار عمل المنشأة ريثما يتم وصول الدفاع المدني.
وأضاف : كما ويتم تنفيذ المهام عبر تدابير التدخل فور وقوع الحوادث والكوارث حيث تتدخل كافة المديريات في المحافظات والتي تتبع للمديرية العامة للدفاع المدني في دمشق , موضحا أنه يوجد في في كل مديرية من مديريات الدفاع المدني فصيلة طوارئ جاهزة للتحرك فورا وتتكون من عربة إطفاء وعربة إنقاذ «سيارة إسعاف» وذلك بالاتصال على الرقم المجاني (109)..
معدات حديثة
وأشار إلى أنه يوجد في مديرية الدفاع المدني بحمص آليات ومعدات وتجهيزات حديثة ويتألف هذا العتاد من عربات إطفاء مختلفة وسلالم آلية وعربات إنارة وعربات إنقاذ مجهزة بعتاد إنقاذ من مقصات ومباعدات ومخدات رفع وأجهزة إنعاش وأجهزة إطفاء يدوية أثبتت نجاحها بالتدخل الفوري والسريع في الحوادث وإنقاذ المصابين بالتعاون مع شرطة الطرق العامة , كما هو الحال في مركز شرطة الطرق العامة في تلكلخ حيث توجد عربة إنقاذ مناوبة بشكل دائم هناك ..
وأضاف : تتم المهام في المحافظات عن طريق غرف عمليات الإدارة المدنية والدفاع المدني باستخدام وسائط الاتصال اللاسلكية , ويتم التنسيق بين مديرية الدفاع المدني بحمص ومؤسسات الدولة في المحافظة من خلال ضابط ارتباط في كل مؤسسة أو شركة مهمته تنفيذ إجراءات وتدابير الحماية الذاتية وتنظيم تدريب تشكيلات الدفاع المدني وتحفظ لديه كافة الأوراق والسجلات المتعلقة بالدفاع المدني ..
أضرار بالمعدات والمباني
وأشار مدير الدفاع المدني أن المديرية تقوم بتدريب كافة العاملين في مؤسسات الدولة «القطاع العام والخاص» على أعمال الدفاع المدني من (إطفاءوإنقاذ وإسعاف) بشكل دائم وبالتنسيق مع المحافظة يتم ترشيح عناصر من المؤسسات …
وأكد أن قيمة الأضرار التي لحقت ببعض مباني و غرف العمليات التابعة للمديرية و صفارات الإنذار و الآليات من « عربات إطفاء وسيارات إسعاف و صهاريج مياه و عربات نقل و خدمة « بلغت أكثر من 100 مليون ليرة سورية , و جميعها خرجت عن الخدمة نتيجة استهدافها بشكل مباشر من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة كما استشهد 7 عناصر من الدفاع المدني و أصيب 15 عنصراً بنيران المسلحين في أحياء بابا عمرو و القرابيص و البياضة .
و بين أن المديرية نفذت خلال سنوات الحرب بمحافظة حمص مهام أخرى من مؤازرة قوات الجيش العربي السوري في تنفيذ مهامه و إزالة آثار التفجيرات الإرهابية و إخلاء المصابين و الجرحى و تلبية طلبات الدوائر الحكومية من إفراغ الطوابق السفلية من المياه في حال حدوثها إضافة لتزويد القوات المسلحة و الحواجز العسكرية و الأمنية البعيدة عن مصادر و منابع المياه بصهاريج المياه كما في منطقة تدمر والتنف والسخنة والمحطة الثالثة بشكل يومي .
إعادة شريان الحياة
وأوضح أنه تم تنفيذ أكثر من 200 مهمة إطفاء و إسعاف و إنقاذ هذا العام , إضافة لتنفيذ مهام إضافية ساهمت في فتح الطرقات و إعادة شريان الحياة لمحافظة حمص , لافتاً إلى أنه خلال الفترة الماضية تم تنفيذ 100 عملية إنقاذ مصابين جراء حرائق نفطية في مصفاة حمص والأسمدة والمطاحن والمحالج و مواقع حراجية في مناطق الريف الغربي و مناطق بالريف الشرقي للمحافظة , عدا عن تنفيذ عدة مهام مؤازرة لمديريات الدفاع المدني بمحافظات طرطوس و حماة و اللاذقية بإخماد حرائق متعددة ضمن قطاعها الإداري, كما تم تنفيذ 30 عملية إسعاف لمصابين جراء التفجيرات الإرهابية و سقوط القذائف الصاروخية و حوادث السير و الاشتراك مع فوج إطفاء حمص بعملية انتشال جثامين ثلاثة أطفال من سد زيتا بعد غرقهم فيه , إضافة لنقل جثامين الشهداء في كل من مدينتي تدمر و القريتين بريفي حمص الشرقي و الجنوبي الشرقي, و نفذ أيضاً 7 عمليات إنقاذ و بحث عن مفقودين تحت الأنقاض نتيجة لحوادث السير و التفجيرات و الحرائق في مختلف أنحاء المحافظة ( مدينةً و ريفاً ) و شاركت عربات الإسعاف التابعة للمديرية بجميع مراسم تشييع الشهداء من عسكريين و مدنيين , إضافة لتنفيذ مهام أخرى مثل فتح طرق تلبيسة والرستن في الريف الشمالي و إزالة السواتر و المساهمة بإنارة بعض الطرقات و المعابر , و تنفيذ عدة بيانات عملية بأعمال الدفاع المدني.
دورات تدريبية
و بين أن الدفاع المدني بحمص أقام 24 دورة إسعاف أولية وبلغ عدد المتدربين فيها 580 متدربا , و12 دورة إطفاء أولية وكان عدد المتدربين فيها 209 متدرب و8 دورات إنقاذ أولي ل 87 متدربا , و9 دورات عنصر دفاع مدني ل 204 متدربين , و3 دورات ارتباط ل 97 متدربا , ودورة تثبيت معلومات «قائد تشكيل انقاذ ل 31 متدرباً , ودورة دفاع مدني عام لمدراء الشركات والمؤسسات في محافظة حمص ل 20 مديراً , ليكونوا قادرين على تقديم الإسعافات الأولية لزملائهم في العمل و إخماد الحرائق التي قد تندلع في أماكن عملهم ريثما تصل المؤازرة لهم , مشيراً إلى أنه تم تنفيذ بيانات عملية على أعمال الإسعاف و الإطفاء و الإنقاذ لكافة الدورات المنفذة , إضافة لتنفيذ عدة دورات تعليمية في مركز التدريب المهني بالمحافظة, وإعطاء محاضرات لطلاب جامعة البعث بالدفاع المدني والحماية الذاتية .
مراكز جديدة
و أشار إلى وجود دراسة لإحداث مراكز جديدة تابعة للدفاع المدني بحمص في كل من مناطق القصير و المخرم الفوقاني و تلكلخ و تدمر و الرستن نظراً لبعد المسافة عن المديرية لتلبية استغاثات و نداءات المواطنين بالسرعة القصوى في تلك المناطق , لافتاً إلى أن كافة الموافقات المطلوبة من الجهات ذات الصلة تم الحصول عليها و تم تخصيص أراض و عقارات لتلك المراكز إلا أن الظروف التي شهدتها محافظة حمص و عدم توفر الاعتمادات المالية أعاقت تنفيذ هذه المراكز , أملاً أن تبصر النور في المستقبل القريب .
نشر ثقافة الدفاع المدني
في حين أكد العقيد نوفل الحسن قائد كتيبة الدفاع المدني في حمص على ضرورة إتباع المواطنين دورات الدفاع المدني التي يتم تقديمها بشكل مجاني للجميع على اعتبارها ثقافة هامة وضرورية وتهدف هذه الدورات لإكساب الخبرات في معلومات الدفاع المدني حفاظا على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة ريثما يصل عناصر الدفاع المدني شارحا أنواع الدورات فمثلا دورة الإسعاف مدتها 15 يوماً موزعة لأسبوع في مركز الدفاع و أسبوع بالمشافي… ودورة إطفاء مدتها أسبوع ودورة إنقاذ مدتها أسبوع أيضا و دورة الغطاسين ضفادع بشرية بالإضافة لدورات قائد تشكيل تهدف لخلق مدربين في الشركات العامة لنشر ثقافة الدفاع المدني العملية والنظرية…
مع المدربين والمتدربين
بين محمود الأسعد مدرب دفاع مدني قيامهم بتنفيذ بيان عملي وهو عبارة عن عمل حقيقي ميداني يوضح آلية عمل العناصر … مثل عمل عناصر تدخل الحماية الذاتية في الشركات العامة والخاصة ,وذلك من خلال تقديم الإسعافات للمصابين ريثما يصل عناصر الدفاع المدني, بالإضافة لإطفاء الحرائق الصغيرة والكبيرة بالوسائل المتاحة لديهم …ويوضح هذا البيان دور عناصر الدفاع المدني بكيفية التصرف على خطوط الدفاع الأولى على أرض المعركة من خلال سحب الشهداء وإسعاف الجرحى إلى أقرب مركز صحي ..يضاف إلى ذلك مهارة العناصر بالكشف عن المحاصرين تحت الأنقاض بكاميرات خاصة لديهم…وسحبهم من تحت الأنقاض وتقديم الإسعافات الأولية لهم…وكذلك الأمر مع إنقاذ ضحايا الآبار أحياء أو أموات عن طريق سلالم خاصة لديهم ..
كما أوضح دور عناصر الدفاع الأساسية في إخلاء المدن الكبرى من السكان وبالتالي تأمين مراكز إيواء تتوفر فيها كافة الاحتياجات والخدمات من أغذية وأدوية وإنارة مراكز صحية .. ..الخ
نعمى الأحمد موظفة بالأحوال المدنية تحدثت عن التحاقها بدورة إسعاف في مقر الدفاع المدني عن طريق ترشيحها من قبل المديرية واكتسابها الكثير من المعلومات عن أي خطر تواجهه في المنزل..
وأوضحت منار شاهين موظفة في شركة النقل الخام عن الكم الكبير من المعلومات الذي اكتسبته عن النزوف والحروق وتركيب السيروم وزرق الحقن وغيرها من المعلومات الطبية الضرورية خصوصا للأمهات والتي حصلت عليها من إتباعها لدورة الإسعاف هذه ..
في حين شرحت سيلفا مخول موظفة في شركة الدراسات الفنية أنه لم يكن لديها أي فكرة عن هذه الدورات لولا ترشيحها من قبل الشركة لإتباع دورة إسعاف متمنية إعطاء معلومات بشكل أوسع لاكتساب الخبرة اللازمة.
وأكدت انتصار حلاق موظفة في مالية حمص استعدادها للانتساب للمزيد من دورات الدفاع المدني لأهميتها و على اعتبار أن كل مواطن يجب أن يكون عنصر دفاع مدني ..
أما بشار مصطفى موظف في مديرية الدراسات المائية عبر عن سروره لترشيحه وانتسابه لهذه الدورة لأنه لم يكن لديه أي فكرة عن الإسعافات الأولية والآن أصبح قادراً على القيام بهذه الإسعافات في حال واجهه أي خطر ناصحاً الجميع الانتساب لهذه الدورات…
و في ختام حديثهم أكد عناصر الدفاع المدني بحمص ضرورة تجديد عتاد و آليات المديرية للعمل على تنفيذ المهام الموكلة و المطلوبة بشكل أفضل و بالسرعة القصوى وضرورة وجود حوافز تشجيعية على عملهم « مزاولة أعمال خطرة» أسوة برجال الإطفاء …
بشرى عنقة – شذا الغانم – ت : رسلان الخولي