تأثيرات الانقطاع المبكر على الطلاب والعملية التعليمية ..عدم الانتهاء من الخطة الدرسية ينعكس سلباً على تحصيل الطالب

من منتصف شهر تشرين الثاني تقريبا أصبحنا نلاحظ أن طلاب المرحلة الانتقالية تحديدا صفوفهم المدرسية شبه فارغة ،إلا من بعض الطلاب ومعلم الصف ,حيث علمنا أن مجموعة من الطلاب يتفقون مع بعضهم على التغيب عن المدرسة , فيحمل الطلاب الآخرون مسؤولية غياب رفاقهم , وبالتالي وقوع الأهل في مشكلة الدروس الخصوصية ودورات التقوية ،والكادر الإداري في حيرة من أمره لا يعرف آلية للحد من هذه الظاهرة .. .‏‏

فقد اعتاد الطلبة قبل بداية الامتحان النصفي أو النهائي للمراحل الدراسية الانتقالية وطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية أن يقوموا بالانقطاع عدة أيام بهدف مراجعة ما كانوا قد تلقوه من معلومات خلال الفصل الدراسي والتركيز عليها للتقدم للامتحان بالشكل المطلوب .
علما أن وزارة التربية قد حددت مسبقاً عدة أيام تسبق أسبوع الامتحان كمدة زمنية خاصة بمراجعة ما تلقاه الطالب ….لكن ما حدث في السنوات الأخيرة أن الطلاب لم يلتزموا بعدد أيام المراجعة التي كانت الوزارة قد حددتها تحت ذرائع عديدة قد يكون الطالب فيها على حق أحياناً …..إذ أجمع الكثير من الطلاب والاختصاصيين من مدرسين وإداريين على أن الثلاثة أيام التي حددتها الوزارة في تعميمها على المدارس غير كافية لمراجعة كافة المناهج المقررة كونها كثيفة وطويلة …
ومع ذلك فإن إدارة المدرسة تعمل للحد من ظاهرة الانقطاع المبكر للطلبة وتطبيق القرار الوزاري .وذلك من خلال تنفيذ الخطة الدرسية ما أمكن وفق الجدول المعد لذلك بحرص ومن خلال إخضاع الطلاب للمذاكرة الشفهية في الأسبوع الذي يسبق أسبوع الامتحان .«هذا ما أفادنا به بعض مدراء المدارس والمدرسين» , إضافة إلى إنذار الطالب بأن ينال درجة الصفر إذا لم يحضر حتى نهاية الدوام المدرسي وفق ما هو مقرر .
أما الطلبة منهم من يأبه لهذا ويخاف ويلتزم بالدوام الرسمي المقرر لاسيما من لا إمكانية مادية له تمكنه من تأمين مدرس خصوصي أو من الالتحاق بمعهد متابعة أو مدرسة خاصة .
ولمعرفة الآثار السلبية للانقطاع المبكر عن الدوام قبل موعد الامتحان …التقينا عدداً من المرشدين النفسيين وبعض مديري مدارس إعدادية وثانوية « مدينة وريف» وطلاب من مراحل دراسية مختلفة فكانت الآراء التالية … .
إجراءات مدروسة
شمسة عبدالله –نائبة مديرة إعدادية الشهيد محمد غرة .تقول :يمكن الحد من الانقطاع المبكر الذي يلجأ إليه الطلاب في المرحلة الإعدادية بطريقة أسهل منها في الثانوية, فالطالب ما زال في عمر أصغر ويخاف نوعاً ما من فصله من المدرسة في حال الغياب عنها ولا يعرض نفسه لأية مخالفة أو قرار كأن توضع له درجة الصفر إذا لم يقدم المذاكرة الشفهية .
من جانب آخر نعمل «كما ذكرت سابقا» على تأجيل المذاكرة الشفهية للأسبوع الذي يسبق أسبوع الامتحان فيضطر الطالب للحضور كذلك في مادة السلوك والأنشطة .
وأضافت :لابد من الإشارة إلى أن الطالب المجتهد حريص جداً على الالتزام بالدوام ولا يعرض نفسه للمساءلة .
كما أن المدرس يعمل على تنفيذ الخطة الدرسية بطريقة لا يستطيع الطالب تجاهل دروسه إلا في حالات استثنائية وخاصة جداً , والطالب المنقطع يتحمل مسؤولية سلوكه …
وفي سؤال حول أن بعض الطلاب يقومون بتحريض زملائهم وحثهم على عدم الحضور والانقطاع تقول :
إن سلوك الطلاب في كل شعبة معروف لدى الإدارة …وتوجد متابعة ..ولم تحصل أن قامت شعبة صفية كاملة بالانقطاع عن الدوام بل حالات فردية من قبل البعض .وأضافت :توجد متابعة من قبل الإدارة إذ يتم الاتصال مع الأهالي في حال تغيب أحد الطلاب لمعرفة الأسباب …
محاورة الطالب
سمر إدريس مرشدة نفسية قالت:نعمل على محاورة الكثير من الطلبة الذين يرغبون بالانقطاع المبكر عن الدوام المدرسي من منطلق ضرورة أن يبقوا متابعين لدروسهم كي لا يقعوا في التقصير وعندها لا يمكنهم المتابعة بسهولة إضافة إلى أن ذلك قد يعرضهم للملل وهدر الوقت حين يكون لديهم متسع من الوقت . وبدلاً من الدراسة يلهون ويلعبون على أمل أنه يوجد متسع من الوقت للدراسة …!
فترة غير كافية
السيدة ختام الحوراني مرشدة نفسية قالت: في الواقع إن ثلاثة أيام تسبق الامتحان غير كافية لمراجعة المعلومات في المناهج كونها كثيفة ولكن هذا لا يعني أن ينقطع الطالب عن المدرسة قبل أسبوعين من بداية الامتحان … إذ لا بد من تطبيق الخطة الدرسية في إجراء المذاكرات الشفهية … من جانب آخر إن الانقطاع المبكر للطالب يدفعه إلى الملل وخلق المشاجرات مع أشقائه في المنزل أحياناً نتيجة الضجر إذ أن الطالب معتاد كل صباح الذهاب إلى المدرسة والقيام ببرنامج عمل يومي … كما أنه في هذه الحالة لا ينظم وقته بل يهدره وبدلاً من أن تكون النتائج إيجابية تنعكس وتصبح سلبية .. لذلك نعمل على إقناع الطلبة وتعريفهم بكيفية إدارة وقتهم وتنظيمه ما أمكن ..
الاعتماد على الدروس الخصوصية
لميس أحمد مرشدة نفسية في إحدى الثانويات تقول: إن الانقطاع المبكر لدى طلبة الثانويات قائم مع العلم أن الطالب وذويه على دراية كافية بالقوانين والأنظمة الداخلية لما يترتب عليه جراء الانقطاع عن الدوام . والسبب الرئيسي في ذلك خاصة لدى طلاب الشهادة الثانوية هو اعتماد الطالب على الدروس الخصوصية والمعاهد والمدارس الخاصة … وهذه الظاهرة ليست جديدة . وكثير من الطلبة اتبعها للمفاخرة والمباهاة وآخرون اعتمدها بسبب ارتفاع المعدلات .
وقد نوّه بعض المدرسين هذا العام كان الفصل الدراسي الأول قصير وخصص الوقت الأطول للفصل الدراسي الثاني مع الإشارة إلى أن الوقت الذي افتتحت المدارس فيه كان يمتاز بمناخ حار وغير مناسب للدوام لا سيما أن عدداً من الطلاب تعرض لحالات إغماء وغثيان بسبب الحر الشديد … ويتمنى البعض إعادة النظر في هذا القرار .
مع الطلاب
عدد من الطلاب لا يشجع على الانقطاع المبكر عن الدوام المدرسي ويفضل الالتزام بالدوام حتى نهاية الفصل وذلك انطلاقاً من حرصه على عدم ضياع أية معلومات هامة وعدم تعرضه لأية مساءلة …
والبعض القليل يؤكد أن ثلاثة أيام كما حددتها الوزارة غير كافية لمراجعة المنهاج المتنوع ويشيرون إلى ضرورة أن تكون حتى عشرة أيام أو أسبوع على الأقل البعض الآخر من طلبة الثانوية يقول إن الضغط النفسي كبير عليهم بسبب التغيير الواقع على المناهج كل فترة وأن المدة المحددة من قبل الوزارة لا تكفي مطلقاً لذلك يضطرون للانقطاع المبكر حتى ولو لم يكن لديهم مدرسين خصوصيين .
والبعض منهم لا يأبه في ظل متابعة دروسه في معهد خاص . ولا مشكلة لديه حتى لو طبقت عليه القوانين … فلا مشكلة !
وبدلاً من أن يدرس، يلهو ويلعب على أمل أنه يوجد متسع من الوقت للدراسة…!
وفي الريف التقينا ببعض الطلاب وتعرفنا على آرائهم ،فاتجه البعض إلى وصفها بالفترة الزمنية اللازمة والضرورية للتحضير للامتحان وذلك لكثافة المناهج وأن الدوام المدرسي مضيعة لوقت الطالب ولاسيما بعد انتهاء المنهاج ،وهذا القرار ليس خيار الطالب إنما يخضع له بتلميح من الكادر التدريسي الذي يحاول إنهاء المناهج باختصار شديد والتفرغ للدروس الخصوصية ،والتي هي في هذه الفترة الحرجة للطلاب فرصته لتوازن مالي يدعمه في حياته المعيشية ،وهناك يجيب على كل الأسئلة برحابة صدر ودون انزعاج أو تذمر ..وعن مشكلة الوقت الطويل وما يسببه من ملل يرى أصحاب هذا الرأي أن تنظيم الوقت ووضع جدول زمني مرن للمراجعة يحل المشكلة وهذا بالتأكيد يتطلب فهما وتفهما من الأسرة لطبيعة المرحلة التي يمر بها الطالب ،أما بالنسبة للدروس الخصوصية فهي واقع لا مفر منه ،وحاجة تعليمية لا تلبيها المدرسة .‏‏
عدم تعاون الأهل
حسن الجبرمدير مدرسة الشهيد يونس علي الخضري في قرية الشرقلية أشار إلى تقصير الأهل فيما يخص هذا الموضوع واضح لأنهم يصرون على المراجعة للامتحان بالبيت ومع مدرس خصوصي , منوها إلى أن ما تضعه وزارة التربية من خطط دراسية وبرامج امتحانية وما تفرضه من قوانين فيما يخص العطل لا يأت من فراغ ولا عبث وهو عن دراسة وتحليل بما يعود بالفائدة على الطالب ويضمن احترام هيبة المدرسة .‏‏
مسؤولية المدرسة
في حين يؤكد أهالي بعض الطلاب أن ضبط هذه الظاهرة مسؤولية المدرسة أيضا ويكون ذلك بخلق الدافعية للمتابعة في المدرسة حتى نهاية الدوام المدرسي المقرر بمتعة وفائدة, ومتى شعر الطلاب بذلك ينضبطون من تلقاء أنفسهم ولا نعتقد أن أغلب أولياء الأمور يوافقون ويسمحون لأبنائهم بالانقطاع المبكر وهم في أهم المراحل الدراسية ,إذا شعروا بهذا الاهتمام والمتابعة من الكادر الإداري والتدريسي ،أضف إلى ذلك مساعدة الأهل والتعاون معهم وإرشادهم للسيطرة على القلق الامتحاني ..وهي مهمة أخرى للمدرسة يجب أن تأخذها بعين الاعتبار ..
التقيد بالخطة الدرسية

تؤكد مديرية التربية من خلال جولاتها على المدارس التقيد بالخطة الدراسية السنوية الموزعة على المنهاج ،وهنا لابد من التأكيد على دور أولياء الأمور في رفض هذه الظاهرة السلبية وهم قوة ضغط على الطلاب لمنعها ،ويجب إعلام مديرية التربية بأي خلل أو تهاون من قبل الإدارة بالدوام المدرسي ،وللإعلام دور توعوي هام ومساعد في الكشف عن هذه الظاهرة وتوضيح النتائج السلبية لها .‏‏
هذا ما بدأ به الحديث وليد المرعي معاون مدير التربية للتعليم الثانوي وأضاف : :قامت مديرية التربية بإصدار تعميم بخصوص الانقطاع المبكر للطلاب عن المدرسة قبل الامتحان وعملا بالمادة 12 من النظام الداخلي لمدارس المرحلة الثانوية والاعدادية التأكيد على عدم السماح للطلاب بالانقطاع المبكر عن الدوام وضبط غيابهم وفقا لهذه المادة والالتزام بالفترة المحددة للانقطاع بثلاثة أيام قبل موعد الامتحان الفصلي الأول للعام الدراسي 2018- 2019 وذلك حرصا على سلامة سير العملية التعليمية ..
وأضاف : يجب ألا يقل دوام الطالب في المدرسة عن 75 % من أيام الدراسة الفعلية في كل فصل ويحرم من الاشتراك في الامتحان الفصلي إذا لم يحصل على النسبة المذكورة من الدوام , ويمكن تجاوز هذا الشرط في حال الغياب لأسباب قاهرة مثبتة بوثائق مصدقة أصولا يقبلها مدير المدرسة
على ولي الأمر أن يبرر غياب الطالب خلال أسبوع من دوامه بتقديم وثائق مثبتة يقبلها مدير المدرسة ويقرر فيما اذا كان هذا الغياب مبررا أو غير مبرر ويعلم الطالب والولي قراره بهذا الشأن ..
اذا بلغ عدد أيام تغيب الطالب غير المبررة مدة 16 يوما خلال السنة الدراسية يفصل من المدرسة ويعد راسبا في صفه سواء أكانت هذه المدة متصلة أو منفصلة «على أن ينذر الطالب ويبلغ وليه في حال بلوغ الغياب عشرة أيام » ..
وختم حديثه قائلا : تحرص مديرية التربية دائما على العمل على سير العملية التعليمية التعلمية بشكل جيد ووفق الخطة الموضوعة من وزارة التربية لما فيه مصلحة الطلاب بالدرجة الأولى..
أخيرا ً
يجب تعاون الأهل والمدرسة فيما يخص متابعة تعليم الطالب و تعزيز ثقته بالمدرسة وضرورة الالتزام بالدوام ومتابعة المنهاج لما فيه مصلحته بالدرجة الأولى ..
بشرى عنقة – نبيلة إبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار