في عيد الشجرة الخامس والستين …. تساهم في التخفيف من حدة الظواهر البيئية الخطيرة

للشجرة أهمية كبرى في الحياة، فهي أساس التوازن البيئي، وهي التي تلطّف الأجواء وتقلّل من نسبة التلوث، وتساعد في زيادة نسبة أكسجين الهواء الجوي، فحتى عند تصنيعها لغذائها فإنها تسهم في تقليل نسبة الغازات الضارة في الهواء، خصوصاً غاز ثاني أكسيد الكربون، لذلك تعدّ الشجرة بمثابة منقي طبيعي للبيئة، وملطفة للأجواء، بالإضافة إلى تقليلها لنسبة الملوثات، وهذا كله لا يقلل من كونها مصدراً للغذاء والتدفئة وصناعة المشغولات الخشبية، بالإضافة إلى تجميلها للبيئة والمكان الذي تكون فيه، وقدرتها على نشر الظلال ليرتاح فيها الإنسان.

تسهم الشجرة في التخفيف من حدة العديد من الظواهر البيئية الخطيرة، فظاهرة الاحترار العالمي زادت في الأساس؛ نتيجة قطع الأشجار والتقليل من وجود الغابات، كما أن تفكك التربة وانجرافها وتغيّر خصائصها يحدث أيضاً بسبب قطع الأشجار، لذلك فإن الاهتمام بالشجرة يعدّ اهتماماً بالبيئة بشكلٍ خاص، فهي صديقة للبيئة وجزء لا يتجزأ من استقرارها وتوازنها…
أولت بلدنا أهمية كبيرة للشجرة والتشجير فأصدرت المرسوم رقم 18 في عام 1953 الخاص بتحديد الخميس الأخير من كل عام عيداً للشجرة واعتبر ذلك العام عام الحراج بسبب صدور قانون الحراج المعدل وقانون الضابطة الحراجية ,وبعد ذلك أصدر القائد المؤسس حافظ الأسد القرار رقم 108 الذي أحدث بمقتضاه اللجنة العليا للتشجير ونتيجة لهذه الاهتمامات فقد حصلت سورية على دبلوم من هيئة الأمم المتحدة تقديراً للجهود التي قدمتها في مجال التشجير الحراجي.
اهتمام واضح
وللحديث عن الشجرة وأهميتها ,وعن مساحات التحريج الطبيعي والاصطناعي في المحافظة التقينا المهندس زياد فندي رئيس دائرة الحراج في مديرية الزراعة. فقال:
للشجرة أهمية وفوائد عظيمة ومن هذا المنطلق أولت الحكومة اهتماماً واضحاً للشجرة وشجعت على التشجير ومن هذا المنطلق يشارك في حملات التشجير التطوعية جميع الفعاليات والمنظمات الشعبية والجمعيات الأهلية.
وأوضح بأن مساحة محافظة حمص 4093986 هكتارا وتبلغ مساحة الحراج الطبيعي في محافظة حمص 18116 هكتاراً وتتوزع هذه المساحة في كافة مناطق الاستقرار , وتشمل مواقع التحريج الطبيعي ومواقع التحريج الاصطناعي , وأكثر مناطق الحراج الطبيعي في القصير وتلكلخ والناصرة بالإضافة إلى محميات أكوم وجبل أبو رجمين في تدمر …
وأضاف : بالنسبة للتحريج الاصطناعي تبلغ مساحته  3600 هكتار خرج منها مساحة تصل إلى  1000 هكتار في موقع عسيلة الرستن تم  قطعها وحوالي 2000 هكتار في موقع القائد الخالد …
التحريج الصناعي
وأشار إلى أن مناطق التحريج الاصطناعي  موزعة على مناطق متعددة في مواقع ضهر القصير و الناصرة و الشومرية و طريق طرطوس  , وطريق دمشق وطريق الفوسفات , وكفرنان و عسيلة و موقع القائد الخالد , حيث تمت زراعتها بالأنواع الحراجية المناسبة منذ ثمانينات القرن الماضي  واعتنت دائرة الحراج  بالغراس من سقاية وتقليم وتربية حتى وصلت إلى العمر والحجم المناسبين…
وعن خطة التحريج الاصطناعي لعام 2017-2018  فقد بلغت 60 هكتاراً تم تنفيذها بالكامل  في موقعي الناصرة  و المخرم و الغراس بحالة جيدة , أما الخطة 2018-2019 تصل إلى 61 هكتاراً ستتم زراعتها من بداية الموسم القادم..
وبلغت خطة القش والترميم لموسم 2017 مساحة – قدرها 565 كم موزعة على مواقع الناصرة  والمشرفة المستورة  وضهر القصير وطريق طرطوس و طريق دمشق و طريق الفوسفات والشومرية, نفذ منها 410 كم من إجمالي الخطة لتكون نسبة التنفيذ  71,77% أما باقي الخطة لم ينفذ في موقعي طريق دمشق والفوسفات بسبب تعطل التركس العامل في المنطقة ..
 وفي عام 2018 بلغت خطة القش والترميم 565 كم نفذ منها حوالي 60% فقط…
تحضيرات مسبقة
وأضاف :بدأت مديرية الزراعة في حمص بالتحضير لعيد الشجرة منذ حوالي شهر تقريباً حيث يتم التنسيق مع محافظة حمص للاحتفالية ,و سيتم زراعة الكثير من الأشجار الحراجية والتنسيقية وإعادة تأهيلها وذلك بالتنسيق مع مديرية الحدائق في مجلس مدينة حمص ومديرية الخدمات الفنية ,وإن آليات مديرية الزراعة عملت على تسوية الأرض وتحضيرها وباتت جاهزة للغرس ,كما وستتم غرس وزراعة مساحات في مواقع فرعية  مختلفة…
مشيراً إلى أنه تمت دعوة كافة المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات للمشاركة في الاحتفالية.
ندوات توعية
ورداً على سؤالنا المتعلق بالنشاطات التي تقوم بها دائرة الحراج للتشجيع على غرس الشجرة وزراعتها ومحاربة الاحتطاب وقطع الأشجار وبخاصة في الأعوام الأخيرة لما في ذلك من ضرر على البيئة وبالتالي على صحة الإنسان قال :إن مديرية الزراعة ممثلة بدائرة الحراج تقوم بعدة إجراءات بهدف توعية الأهالي عن أهمية الشجرة وفوائدها وذلك من خلال إقامة الندوات والمحاضرات واللقاءات في الوحدات الإرشادية,وكذلك توعية التلاميذ والطلاب في المدارس ,ونشر لافتات على الطرقات تشير إلى أهمية الشجرة ,بالإضافة إلى المراكز الزراعية في المناطق لتوعية الفلاحين علماً أن مديرية الزراعة تقوم بتقديم الشفايات (أي الأغصان الرقيقة الناتجة عن أعمال تقليم الأشجار لأهالي القرى المجاورة للمواقع الحراجية مجاناً)…
وأضاف : بناء على قرارات وزارة الزراعة يتم بيع بعض العائلات جزء من الحطب وفق البطاقة العائلية بطريقة البيع المباشر ويبلغ عدد الأسر التي استفادت حوالي مئة أسرة بمعدل 500 كغ لكل عائلة وبلغت الكمية المباعة 60 طنا ,مما يساهم في الحد من الاحتطاب والقطع الجائر.
وأشار إلى أن خطة التربية والتنمية لعام 2017 وصلت الى 850 هكتارا تم تنفيذها بالكامل , وبلغت خطة التربية والتنمية للموسم الماضي 750 هكتارا تم تنفيذ 464 هكتارا منها .. ووصلت كمية الأحطاب الصناعية إلى 113,5 طن أما أحطاب الوقيد وصلت كميتها إلى 21,15 طنا
وعن عمليات القش والترميم والتعزيل لخطوط النار قال : تتم بشكل دوري ومنظم بهدف منع انتشار الحرائق ووصولها إلى مساحات كبيرة , ومن أجل تلافي الخسائر الكبيرة , وفي كل عام تتم إزالة الأعشاب الجديدة نتيجة الهطولات المطرية , وتم إدراج هذا البند في خطة الحراج على مستوى الوزارة لقشه بشكل سطحي لضمان عدم حدوث أضرار في التربة ….
جولات وضبوط
أما عن  الإجراءات المتخذة من قبل الدائرة للحفاظ على الثروة الحراجية وعلى غاباتنا فقال: يقوم عناصر شعبة الحماية والضابطة الحراجية بجولات مكثفة على مناطق التحريج الصناعي والطبيعي لمنع الاحتطاب الجائر من قبل المواطنين , ويبلغ عدد الخفراء الحراجيين 37 خفيرا وضابط مراقبة بالإضافة إلى 132 حارسا حراجيا , مشيرا أن جميع مخافر الحراج تقوم بعملها , ما عدا مخفر حراج تدمر فهو خارج الخدمة ..
ونتيجة لهذه الجولات تم تنظيم حوالي 380 ضبطاً حراجياً في عام 2017 و 328 ضبطا لهذا العام  ,مشيراً إلى أن عدد هذه الضبوط أقل مما كانت عليه في العام الماضي وهذا إن دل على شيء إنما  يدل على أن الاحتطاب الجائر والتعدي على الغابات كان أقل …ونأمل أن يكون ذلك نتيجة لإدراك المواطنين ووعيهم بأهمية الثروة الحراجية والضرر الكبير الذي يلحق بالجميع في حال استمر الاحتطاب دون وعي …
فوائد متعددة
لا يمكن إغفال  الفوائد الاقتصادية للشجرة كونها  تساعد في الحصول على الأخشاب في الصناعة  و تعدّ مصدراً للكثير من الأدوية كما أنها تعتبر مصدرا مهما للرّعي، وتساعد أيضاً في إنتاج الحطب.
كل ذلك جعل الجهات المعنية والمجتمع المحلي والأهلي يهتم  بالشجرة ويوليها جل اهتمامه ,وقد حرصت وزارة التربية على تركيز بعض البحوث عن الشجرة في مناهجها لكي تغرس
 في ذهن التلاميذ والطلاب أهميتها وضرورة المحافظة عليها.
كما خصص آخر خميس من كل عام للاحتفال بعيد الشجرة حيث يتم تشجيع المواطنين وحثهم على زراعتها والاعتناء بها…. ويعتبر هذا اليوم يوم الشجرة العالمي يحتفل فيه بزراعة وحماية الغطاء النباتي في أغلب دول العالم، ويهدف إلى زيادة رقعة المساحات الخضراء، وترميم الغابات الطبيعية بزرع غابات اصطناعية، مع إعطاء المزيد من الاهتمام بالأشجار وحمايتها وترميم المساحات المزروعة وزرع مساحات خضراء جديدة، بالإضافة إلى حماية الغابات الطبيعية من التعديات.
أخيراً :
تعتبر الحياة من دون الأشجار مستحيلة وذلك لأنها تنتج الأكسجين الذي نتنفسه؛ فعشرة أشجارٍ ورقية بالغة تنتج في الفصل الواحد ما يكفي عشرة أشخاص للتنفس لمدة عامٍ كامل، وتعمل أيضاً كمنقٍ ينظف الهواء، فالشجرة التي نزرعها اليوم تسهم في الحفاظ على البيئة في الغد، وتقلل من خطر أي تلوثٍ سيحصل سواء في الحاضر أم في المستقبل، ولهذا يجب اعتبار تقطيع الشجرة بمثابة جريمة، وأن يتم حساب ومعاقبة من يقطعون الأشجار لأنّه يمثل اعتداءً صريحاً على البيئة، فالشجرة التي تُعطي الثمار والفوائد التي لا تعدّ، يجب أن تكون ذات أولوية في الرعاية والعناية، فالمكان الذي تتواجد فيه الشجرة هو بمثابة مكانٍ ممتلئ بالجمال والطاقة والحيوية, فالعيش بالقرب من الأشجار تخفف من القلق، والضغط النفسي، والاكتئاب بنسبةٍ تصل إلى عشرة بالمئة عن أولئك الذي يعيشون في مناطق لا يوجد فيها أشجار بحسب إحدى الدراسات , بالإضافة إلى ذلك يسهم العيش بالقرب من الأشجار في التسريع من عملية الشفاء من الأمراض…
بشرى عنقة – محمد بلول

المزيد...
آخر الأخبار