عودة الأهالي والمنشآت الصناعية إلى «جوبر» مرهون بالكهرباء…طريق رياق «شريان الحياة » للمنطقة وما حولها ..فهل يرى النور؟؟
بعد تحرير أي منطقة أو حي من رجس المجموعات الإرهابية المسلحة تبدأ الجهات الخدمية العمل لإعادة الحياة إلى تلك المنطقة أو ذاك الحي الذي دمر ..حيث تنطلق الورشات و اللجان لتقصي الواقع و تقييم الأضرار و العمل بالطاقة القصوى لتأمين الخدمات و ضمان عودة الأهالي الذين هجرهم الإرهاب من منازلهم…
لكن و الملاحظ في بلدية جوبر حالة الاستعصاء الغالبة ,وبالتالي إنفاق الكثير من الأموال بدون فائدة إما لعدم استكمال الأعمال كما هو حال الكهرباء أو لعدم جدوى هذه الأعمال كونها تفتقر للمتممات الأساسية ..
(العروبة) التقت عدداً من الأهالي و رئيس بلدية جوبر و المختار للاطلاع على الواقع عن كثب.
توسيع شريطي
أشار المهندس ياسين سفره جي رئيس البلدية إلى أن مساحة المخطط التنظيمي للبلدية مكتملة عمرانياً و اليوم المخطط بحاجة لتوسيعه ولكن بشكل شريطي على حافة منطقة البساتين ,مؤكداً أن المساحة الحالية للمخطط التنظيمي 153 هكتاراً لجوبر بالإضافة إلى 57 هكتاراً لقرية نقيرة ووصل عدد سكان جوبر لستة آلاف نسمة و في قرية نقيرة 3 آلاف نسمة حسب إحصائيات عام 2011 , وبسبب التوسع العمراني باتت الحاجة ضرورية لتوسيع المخطط التنظيمي واللجوء للبناء بشكل عمودي بهدف الحفاظ على البساتين و وضع حد للبناء بشكل عشوائي وخاصة في المنطقة الشمالية الغربية من ساقية الري التي تبعد 300 متر فقط عن المخطط (منطقة الحماية) وبالتالي نتمكن من تخديم المواطنين بالبنية التحتية اللازمة ..كالصرف الصحي والمحافظة على شبكة إرواء البساتين ضمن المحاور الموجودة , و منح رخص زراعية وفق نظام ضابطة محدد يحافظ على الأراضي الزراعية ,وبالتالي نوقف الزحف العمراني الأفقي على حساب الأراضي الزراعية مشيراً إلى أن المساحة المطلوب التوسع لتنظيمها هي 16 هكتاراً تقريباً ..
الصرف الصحي ….إلى العاصي !
وأشار إلى أن منصرفات الصرف الصحي تصب في حفرة فنية واحدة ثم إلى مجرى نهر العاصي ,وأضاف كان من المقرر قبل الحرب إجراء دراسة مصب للصرف الصحي ليسهل تخديم كل المواطنين إما بتوجيه المنصرفات لمحطة الدوير أو إلى خط إقليمي مقرر من قبل الخدمات الفنية , حيث توجد دراسة إقليمية لأخذ منصرفات قرى تل الشور وآبل و المباركية وقطينة وجوبر إلى مجمع في حديدة العاصي و يبعد بحدود 5 كم عن جوبر , ستنفذه الخدمات الفنية ..
و تحدث عدد من الأهالي عن الروائح الكريهة المنبعثة من الحفرة و المسرى و التلوث الذي تلحقه بالأراضي المحيطة …
شريان حيوي
نوه الأهالي و المختار محمد فريد وزير إلى أهمية الطريق الذي يسمى محلياً بطريق (رياق) بأنه طريق مهم وحيوي في المنطقة كونه يصل جوبر بزيتة وعرجون باتجاه قطينة و بمعمل الأسمدة و بالضاحية العمالية ,كما أنه شريان رئيسي بين جوبر و القرى المحيطة و مركز المدينة, و يصل إلى الحدود اللبنانية,وفنياً هو بحالة سيئة جداً ومليء بالحفر و في موسم الأمطار يصعب السير فيه إن لم يكن مستحيلاً ..
و أضاف رئيس البلدية : إن الطريق ضمن الحدود الإدارية لجوبر وهو بحاجة لمد قميص إسفلتي ,وفي حال ترميمه وتعبيده سيتم اختصار مسافة أكثر من 10 كم على المواطنين وسيخف الضغط عن مركز المدينة… وهوبطول 6 كم و كلفة إصلاحه التقديرية بحدود 100 مليون ليرة وهو بمثابة شريان حيوي للمنطقة يربط بين المدينة و قرى تل الشور وقطينة والضاحية العمالية والمشاهدة والفايزية والربيعة باتجاه لبنان , ونحن نحاول أن يتم لحظه بالخطة وتنفيذه على الواقع الحالي بدون تعريض إلى 24 متراً كما كان مقرراً في دراسات سابقة ,وبالتالي سيتم اختصار تكاليف البنية التحتية الجديدة, وأضاف: وجهنا كتاب لمديرية الخدمات الفنية ليصار لفتح الطريق و مده بقميص إسفلتي ,ولحظه في خطة العام المقبل..
إكسير الاستمرار
يوجد في جوبر 8 منشآت صناعية كبيرة و منها معروف على مستوى الشرق الأوسط
بالإضافة لعشرات الورش ومعامل الأجبان والمحارم والمصاعد ومعامل البلاستيك وغيرها , و ذكر سفره جي بأن ميزانية البلدية قبل الحرب كانت تتجاوز 35 مليون ليرة و الإيرادات كلها كانت من المصانع الموجودة بالمنطقة ,وإذا أخذنا بالحسبان فرق الأسعار سنجد أن رقم الإيرادات كان جيداً جداً ,لكن و بسبب ظروف الحرب توقف كل ما سبق ذكره عن العمل , وإلى اليوم لم يعد الحال كما كان لعدم عودة الكهرباء حتى تاريخه ..
وذكر المختار بأن شركة الكهرباء بدأت بأعمال الصيانة منذ اليوم الأول لعودة الأمان للحي وأنهت خط العشرين والمتوسط , و لم تستكمل إنجاز الإصلاحات للتوتر المنخفض و بالتالي حالنا كمن ليس لديه كهرباء…
و ذكر رئيس البلدية أنه يوجد تسعة خزانات تحويل تغطي جوبر كلها يتوزع منها التوتر المنخفض على المنازل و كلها مدمرة و كلفة كل خزان 5-8 مليون ليرة حسب استطاعته, وبرأيه أن التكلفة الإجمالية لاستكمال الإصلاح لا تتجاوز 100 مليون ليرة مشيرا إلى الفائدة الاقتصادية العامة التي ستعود على قطاعي الصناعة و الزراعة في المنطقة ..فبالإضافة للمنشآت الصناعية و الحرفية الصغيرة و الكبيرة يوجد 4000 دونم من الأراضي الزراعية الخصبة والتي تزرع بالكثير من المواسم المختلفة تحقق الاكتفاء الذاتي لمدينة حمص ..
ضياع فرص عمل
عبد الحميد حامو مندوب إحدى المنشآت الصناعية في جوبر قال: تضم جوبر العديد من المعامل والمنشآت الصناعية والورش الكبيرة والصغيرة , وفي حال تأمين مستلزمات العمل وأهمها الكهرباء ,ستنشط المنطقة وينتعش الاقتصاد المحلي و الوطني…وأضاف: كان يوجد في منشآتنا عدة مصانع و مجموعة صناعية كبيرة , وبسبب الأعمال الإرهابية احترق أحد الفروع ودمر وُسرق الباقي , وبالنسبة لنا فنحن مستمرون بالعمل بما تمكنا من إنقاذه من آليات في المدينة الصناعية بحسياء , مشيراً إلى أن المعمل في جوبر كان يؤمن أكثر من 1500 فرصة عمل لإداريين وعمال وفنيين , وأضاف: عندما يتم تخديم المنطقة بالكهرباء سنتمكن من العودة للعمل و بقوة أكبر و ستكون العوامل مشجعة أكثر لعودة الأهالي ..
وتحدث صاحب إحدى منشآت المعجنات بأن جوبر تضم مجموعة معامل ومنشآت حرفية للمدافىء و الكيماويات و الألبان و الأجبان ومعمل بسكويت و منشآت ضخمة وعودتها ضروري لدعم الاقتصاد الوطني ..
وأوضح رئيس البلدية بأن الأهالي حصلوا على ما يقارب 500 موافقة من الجهات المختصة للعودة ,ولكن الكهرباء لم تصل القرية حتى تاريخه مؤكداً أنه لم يرد من شركة الكهرباء أي رد رسمي موثق يبرر تأخر تخديم الأهالي و المعامل بالكهرباء ..
عشرات الأبار …رُدمت
وتحدث مواطنون بأن حلمهم كان العودة إلى منازلهم التي هجرهم منها الإرهاب و قال أكرم الأقرع و غصون الرفاعي : بعد التحرير و الحصول على الموافقات اللازمة مباشرة عدنا إلى بيوتنا التي قمنا بإصلاحها بشكل إسعافي للتخلص من عبء الإيجار و التنقل كل فترة من مكان لآخر , ولكن اليوم توجد تحديات كبيرة أمامنا أهمها عدم وجود الكهرباء التي تشكل عصب الحياة الأساسي حتى وجود الماء مرهون بها , ويوجد حالياً 30 عائلة في جوبر و 300 عائلة في نقيرة والرقم سيتضاعف إذا خدمت المنازل بالكهرباء …
و بالنسبة للمياه في البلدة يوجد بئر واحد مهدم و بئر ثان جديد وجاهز و بحاجة لمد خط بحدود1كم إضافة لمضخة ومحرك ديزل علماً أن الخزان الرئيسي سليم و يضخ لكامل جوبر و لا يمكن معرفة حالة الشبكة حتى يتم الضخ باتجاهها ..
وأضاف: الأهالي كان يوجد في جوبر لوحدها بحدود 500 بئر ارتوازي قامت العصابات الإرهابية بردم أغلبها ,وذكر رئيس البلدية بأنهم طالبوا الموارد المائية رفدهم بحفارة للتعزيل عن طريق العمل الشعبي أي أن يتحمل الأهالي جزءاً من التكاليف خاصة و أن تكلفة الحفارة للبئر الواحدة تتجاوز الخمسين ألف ليرة مؤكداً أن كل الآبار كانت مرخصة و تعرضت تجهيزاتها خلال سنوات الحرب للتخريب و السرقة مثل الغاطسات و الأكبال و بقية الملحقات ..
تسديد الذمم بدون استجرار ..!
كان هناك بحدود 1500 عائلة مشتركة بالكهرباء « قبل الحرب» وخلال السنوات السبع الماضية لم يستخدم الأهالي الكهرباء كونهم لم يكونوا في منازلهم و مع ذلك هم ملزمون بتسديد كافة الذمم المترتبة عليهم حتى تاريخه و لكن بدون كهرباء فإلى متى ؟!!
داعم أساسي
ذكر عبد الرحمن الكردي رئيس الجمعية الفلاحية بأن الأراضي الزراعية خصبة و كانت تزرع فيها مختلف أنواع المحاصيل والمنطقة رائدة بزراعة الشوندر السكري منذ الخمسينات ثم القطن و جميع أنواع الخضروات الصيفية و الشتوية و البقوليات و القمح و الشعير,مشيراً إلى أن عودة تلك الزراعات ستكون داعماً أساسياً للمدينة , وتحدث عن الخسارات التي تكبدها المزارعون الموسم الماضي نتيجة شح الأمطار وردم عشرات الآبار..
11 مليوناً لتأهيل مدرسة
وتحدث المختار عن عدم وجود مدرسة في جوبر بعد أن كان يوجد فيها ثلاث مدارس للحلقة الأولى و إعداديتان و ثانوية و كان عدد الطلاب يتجاوز 3000 و تخدم القرى المحيطة ..
وأضاف: بعد عودتنا وعدنا بتجهيز المدرسة.
وبناء عليه باشرت مديرية الخدمات الفنية بأعمال الصيانة لمدرسة البعث ح1 ونفذت خلال شهرين بتكلفة وصلت إلى 11 مليوناً , وهذا الكلام منذ أكثر من سنة ونصف ,ولكن حتى الآن المدرسة مغلقة ..
وأشارت مريم الكردي من الأهالي بأن الإعدادية تخدم جوبر و بعضا من طلاب تل الشور و عين الزرقا و حي الكرامة و هذه المناطق مأهولة بالسكان , مشيرة إلى أن الكادر التدريسي موجود, وفي حال افتتاح مدرسة البعث سيخف الضغط عن مدرسة تل الشور التي تضم كل شعبة فيها أكثر من أربعين طالباً ..
وأكد مواطنون بأن مدرسة البعث تضم 18 شعبة صفية و إذا تم استثمارها سوف تستوعب طلاب الحلقة الأولى والثانية بالإضافة لطلاب الثانوي الذين يضطرون للذهاب إلى تل الشور سيراً على الأقدام علماً أننا توجهنا بأكثر من كتاب مطالبة بهذا الشأن لمديرية التربية و آخر كتاب وجه منذ أقل من شهر…ومازلنا بالانتظار!!
لا مواصلات
لا يوجد حتى الآن أي مواصلات لجوبر و الأهالي يعتمدون في تنقلهم على السيارات العابرة أو الطلبات الخاصة التي ترهق كاهلهم و تحملهم فوق طاقتهم علماً أنهم توجهوا بعدة كتب مطالبة للجهات المعنية ليخدم خط سرافيس نقيرة بلدية جوبر..
و أشار رئيس البلدية أنه تم رفع كتاب بأرقام السرافيس الموجودة و العدد المسجل حالياً بحدود 8 سرافيس…
تشقق الطرق الزراعية
وعن حال الطرق الزراعية قال رئيس البلدية بأنه توجد مشكلة فنية ظهرت في الطرق خلال سنوات الحرب وهي تغير شكل التربة التربة و تشقق الطرق ويوجد بعض الشروخ التي تتجاوز الهبوطات فيها 5 سم في أغلب الطرق الزراعية في المحاور المختلفة ..
وأضاف : يوجد طريق بين نقيرة وجوبر يأمل الأهالي تأهيله وفتحه وبالتالي تسهيل التبادل الزراعي و حركة المواطنين و اختصار الوقت و المسافة..
وفتح الطريق الرئيسي وباقي الطرقات المغلقة لتخديم معمل السماد والضاحية العمالية وبحيرة قطينة ….
لم يبصر النور
قال الأهالي :إن المستوصف الذي كان من المقرر تدشينه قبيل الحرب هو اليوم مهدم و تعرض لسرقة بعض الأجهزة التي كانت موجودة فيه ..وتحدثوا عن أهميته بالنسبة للمنطقة …وعلى أمل أن تقوم مديرية الصحة بلحظه خلال السنة القادمة لإعادة تأهيله ..
توقف صرف التعويضات
وأشار بعض الأهالي إلى توقف صرف تعويضات الأضرار منذ ما يقارب السنتين في نقيرة و جوبر علماً أن التقييم و الدراسة انتهت بشكل إفرادي لكل عائلة من قبل لجنة البلدية ثم لجنة المحافظة بكشف ثان ,و كانوا بانتظار ما نسبته30% من قيمة الأضرار ,ولكن لم يتم صرف أي مبلغ آملين إعادة النظر بالموضوع لضرورته الملحة …
متنفس سياحي وحيد
وتحدث سفره جي عن المتنفس الوحيد في مدينة حمص وهو منتزه بحيرة قطينة و الذي تعود ملكيته للقطاع العام متسائلاً عن سبب استمرار إغلاقه وعدم استثماره وفق أحكام القانون رقم 10 للاستثمار خاصة أنه يبعد 8 كم عن مركز المدينة , وهو من الاستثمارات التي تدر أرباحاً وفيرة في حال استغلالها بالشكل الأمثل..
عبء إضافي
و عن الخبز تحدث الأهالي أنهم بحاجة لمعتمد خبز واحد على الأقل و تخصيص كمية من الدقيق لفرن كفرعايا يستجرها معتمد محدد,خاصة و أن تأمين الخبز أصبح عبئاً يومياً ثقيلاً عليهم ..
خزان ماء مهدم
الخزان العالي والوحيد في قرية نقيرة مهدم وتغذية البيوت بالمياه تتم عبر الضخ المباشر من البئر على الشبكة و بعض المنازل لا تصلها المياه,وخاصة منطقة المزارع الجنوبية والتي لا يوجد فيها تيار كهربائي حتى الآن رغم أنها ضمن منطقة الحماية للمخطط التنظيمي..
الأغنام تؤذي ما تبقى!!
وأشار الأهالي في معرض حديثهم عن مشكلة الرعي الجائر ودخول الأغنام للرعي من القرى المجاورة إلى أراضي جوبر دون حسيب أو رقيب وبالتالي تضر كثيراً بما تبقى من أشجار وأرزاق…
أخيراً
نعيش اليوم مرحلة دقيقة يجب أن تكون بعيدة كل البعد عن أنصاف الحلول وعدم استكمال الخطوات التخديمية إلى مراحلها المرجوة,وخاصة بالنسبة لموضوع الكهرباء الذي يشكل إكسير الحياة الفعلي..
تحقيق وتصوير محمد بلول