«الجمالية» قرية مهملة خدمياً وتفتقر لوجود شبكتي الصرف الصحي والمياه .. الشوارع ترابية والمنصرفات تسيل فيها مسببة الروائح الكريهة

قرية اجتمع أهلها  على حب الخير  والإيثار ومد  يد العون والمساعدة  للجار واقتسام  رغيف الخبز ونقطة الماء .. مع أن الوضع المادي لديهم ليس  باليسير ولكنهم  يتعاونون فيما يتوفر رغم كثرة المتطلبات الحياتية  اليومية ..
تقع قرية الجمالية في الريف الشرقي لمدينة حمص وتبعد عنها حوالي 30 كم بواقع  عدد سكان لا يتجاوز  500 نسمة , وفي الواقع  إن الخدمات الموجودة فيها متواضعة جدا وخاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية للقرية , ولا نبالغ إن وصفناها بالقرية المعزولة  عن العالم …

 زارت العروبة القرية وتجولت في شوارعها الترابية والتقت عددا ً من الأهالي ومختارها حسن عبدو الجمال  ورئيس الجمعية الفلاحية  سويد الجمال  ورئيس بريد بلدية  الحراكي  قحطان الخضور لاسيما أن  الجمالية تتبع إداريا ًلها .
حين سؤال الأهالي عن الصعوبات والمقترحات  لمعالجتها  تملكتهم الدهشة والاستغراب وتساءلوا هل انتبهت الجهات المعنية لحال القرية ولكثرة الخدمات التي تنقص أهلها؟!! .. ومن هنا كانت البداية …   
قساطل المياه  قديمة ومهترئة
أكد الأهالي أن القرية تستجر مياه الشرب كل نصف شهر مرة واحدة فقط  من بئر شرقي  قرية الحراكي في قرية الصالحية التي تبعد عن الجمالية مسافة 10 كم  إذ أن  هذا البئر يغذي كل من أهالي  قرى الرزوقية وتل شنان  أيضا ً .
والمشكلة الحقيقية  تكمن في أن قساطل مياه الشرب  قديمة جدا ً , فقد تم وضعها  بالخدمة في قرية الجمالية عام 1985 ولم يطرأ عليها أي استبدال ,و تعرضت للكسور وتم معالجتها منذ حوالي عشر سنوات ,واليوم عادت المشكلة  ذاتها ولكن دون معالجة من قبل الجهات المعنية ..  
 وأضافوا: إن قساطل المياه  مصنوعة من مادة الأترنيك الإسمنتية وقد تعرضت  للكسر ,كما أن البئر المذكور قد تهدم منذ عام وكان يعمل على الديزل , وحاليا  يعمل بشكل جزئي  بحيث لا يفي  حاجة  أهل القرية فهو  لا يغطي  سوى حاجة 20 %  منهم  فقط  خاصة  القاطنين في الحي الفوقاني جراء ارتفاعه واليوم أهل القرية يشربون من بئر الحراكي  بشكل مؤقت .
مياه  غير  صالحة
كما أكد رئيس البلدية  أن المياه المستجرة غير صحية  كونها  تجري في القساطل المكسورة والمكشوفة إذ أصبحت  عرضة للتلوث .مشيرا إلى أنه تم تقديم العديد من الكتب الرسمية بهذا الخصوص إلى المعنيين لحل هذه المشكلة ولكن دون جدوى حتى الآن .
رغم كل الكتب المقدمة لكافة الجهات مثل : كتاب  تم تقديمه للمحافظة لمعالجة التسرب الحاصل من الأنابيب المتكسرة برقم 12903/ ط . فنية تاريخ 9/10/2013 كما تقدمت الجمعية الفلاحية بالقرية بطلب  ذات الرقم 12166 /د لمؤسسة المياه تاريخ 2/11/2017 وتمت مخاطبة إدارة المنطقة وشعبة الحزب لتزويد القرية بالمياه وطرح  هذا الموضوع في مؤتمر الفلاحين السنوي المنعقد بتاريخ 26/3/2018 ولكن للأسف … لا مجيب ولا حياة لمن تنادي !
حفر بئر  
يقول  رئيس البلدية  : إنه  يمكن معالجة واقع مياه الشرب من خلال  حفر بئر مياه  جوفية بالقرية بمكان  قريب من مكان  شبكة الكهرباء لاسيما انه تم  إعداد  مخطط تنظيمي للقرية ..
 ونوه في معرض  حديثه إلى أن تمت مراجعة رئيس الوحدة الاقتصادية للمياه  بالمخرم   حيث أكد : أنه وحسب الإستراتيجية الجديدة لمؤسسة المياه   سيتم تنفيذ قساطل مياه الشرب بمحاذاة الطرق الرئيسية .
لا صرف  صحي
 لا يوجد شبكة  صرف صحي في الجمالية ، لذلك قام أهالي القرية باستخدام  الحفر الفنية , وأثناء جولتنا في شوارع القرية, كانت الروائح المنتشرة كريهة وقوية  جراء سيلان  مياه الصرف الصحي من المنازل إلى الشوارع  مباشرة  ، عدا عن الأذى الذي يلحق بالصحة العامة.. ناهيك عن التسبب في تلوث البيئة وتكاثر الحشرات القارصة وانعدام  حالة النظافة العامة .
وقد أكد بعض الأهالي وجود إصابات عديدة بأمراض  جلدية  جراء الحشرات القارصة في فصل الصيف وانتشار الروائح المزعجة كون سواقي  مياه الصرف  تسيل في الشوارع عشوائيا ً وبكثرة .
محاولة  يائسة
أشار رئيس البلدية  أنه تم  إجراء  دراسة فنية لإنشاء محطة معالجة عام 2011 وبناء  على  تلك الدراسة قام  الأهالي بعمل شعبي  وتبرعوا بالمال لقاء شراء  قطعة أرض خصصت لهذه الغاية  ولكن للأسف .. توقف المشروع ! لأنه يتطلب أن تمد القساطل في أراضي  خاصة للمالكين وقد اعترضوا على ذلك ,مع الإشارة إلى أنه يوجد في القرية 60 منزلا ً بواقع 40 عائلة .
الخبز مقبول
لا يوجد مخبز خبز خاص بالقرية وتستجر مادة الخبز من مخبز  قرية الشتاية ، كما أنه لا يوجد  معتمد خاص بالقرية  والكمية  المخصصة كافية كما أن الرغيف جيد ومقبول من حيث الجودة والنضج  .
لا وسيلة نقل
تساءل  أهالي القرية  لماذا يعلق الجميع أخطاءه وتقصيره على شماعة الحرب ؟؟!! , وأضافوا :  قبل بداية  الحرب  على سورية كان يعمل على خط حمص – تل شنان  – الجمالية – الحراكي  18 سرفيسا ً وهي مسجلة أصولا ً عليه ,  إذ كان النقل مؤمنا ً لأهالي القرى المذكورة آنفا ً ، و اليوم لا يوجد  حتى سرفيس  واحد يعمل على الخط .. فأين هي ؟!
و يضطر أهل القرية  للذهاب  سيرا ً إلى قرية الحراكي التي تبعد حوالي  5 كم  عن قريتهم ومنها يستقلون السرافيس  باتجاه المدينة .. ويعقب  رئيس البلدية قائلا: نحاول اليوم تسيير  باص نقل داخلي  يخدم القرى الواقعة على  خط السير المذكور ليخدم الأهالي كافة  .. ومازلنا نحاول علنا نوفق في ذلك ..!
مدرسة وحيدة
من يزور القرية يظن أن الزمن في سبعينيات القرن الماضي   … فلا ماء ولاهاتف .. ولانقل وطرق ترابية  و رائحة   قاذورات الصرف الصحي تملأ المكان وابتدائية  وحيدة  بواقع 45 تلميذا ً وتلميذة وثلاث شعب صفية  خضعت   هي الأخرى للدمج  لعدم وجود  كادر تعليمي  كاف .. والمتواجد  إما  وكيل من سكان القرية أو طالب  يكمل  تحصيله التعليمي العالي ..
  وهنا يقول المختار: لو لم يكن المعلم  من أهل القرية لبقي الأطفال  دون تعليم ، كون القرية  لايصلها سرفيس  وأجرة النقل مرتفعة  جدا  .. كما يؤكد أهالي التلاميذ أن  المدرسة  تفتقر إلى مياه الشرب  وإلى الصرف الصحي معا ً ، ويقول  أحدهم : بعض  أهل القرية اضطروا إلى هجرها والانتقال إلى المدينة واستأجروا منازل كي يكملوا   تعليم أبنائهم.
  كما أن مستوى التعليم غير مقبول لعدم وجود  كوادر تدريسية اختصاصية .. وفيما يخص التعليم للمرحلتين  الإعدادية والثانوية يلجأ الطلاب  إلى مدارس قرية تل شنان التي تبعد  5 كم  عن القرية .
مهام متعددة
ويشتكي أهالي الطلاب كونهم  يضطرون لدفع مبلغ  قدره 3000 ل.س لقاء نقل أبنائهم إلى مدارس القرية المجاورة ,ويتم ذلك  في سيارة «سوزوكي» لعدم وجود وسيلة مواصلات أخرى , ويستعان بها أيضا لاستجرار الخبز للأهالي.
ويتم إحضار أحد المعلمين من القرية المجاورة صباحا , والعودة بالطلاب إلى قرية تل شنان ..وبذلك فإن السائق  مضطر لأن ينظم العمل  بما يتوافق وتوقيت إحضار  كل من الخبز والمعلم قدوما ً  للقرية والطلاب  ذهابا ً وإياباً للقرية المجاورة ..
 طرق ترابية
كافة  شوارع  القرية ترابية باستثناء الطريق العام الوحيد   وشتاء تصبح  موحلة وهي غير منظمة على الإطلاق وإنما  وزعت  عشوائيا وامتلأت بالكثير من الحفر التي تتجمع مياه الأمطار والصرف الصحي فيها ,مما يعيق حركة مرور الأهالي, وقد أصبحت  تلك الحفر مسطحات  مائية  يسبح فيها الإوز .
يقول  رئيس البلدية :أنه لا يمكن  شق أي طريق ولا تعبيده  ما لم يتم الانتهاء من أعمال البنى التحتية « مد شبكة صرف صحي وشبكة مياه  حديثة وشبكة  هاتف أرضية» .. وعندما  يحدث  ذلك  فإن النقل سيتم  تأمينه  ..
مرة واحدة  
لا يمكن  الحديث عن النظافة في قرية تفتقر إلى أهم مقومات النظافة ..   فلا صرف  صحي ولامياه والشوارع  ترابية  تمتلىء بسواقي المنصرفات و بروائح كريهة ومزعجة.
ويذكر  رئيس البلدية أنه تم تخصيص  يوم  واحد  لترحيل القمامة  إلى مكب أم العمد ومن  ثم ترحيلها  ثانية إلى  مطمر الفرقلس  بواسطة  جرار زراعي .
سيارة لترحيل القمامة
رئيس البلدية  تساءل حول السبب في نقل القمامة  إلى مكب  قرية أم العمد ثم نقلها  ثانية  إلى مطمر الفرقلس مشيرا ً إلى أن  ذلك يضاعف  المسافة ويزيد من استهلاك البنزين ومن عدد ساعات  عمل الآليات الخاصة والتي هي بدورها  نصف معطلة في الوقت الذي لا يوجد  فيه  مخصصات تكفي  ربع الحاجة الفعلية ..؟!
 واقترح الإبقاء حاليا ً على مسألة  ترحيل القمامة  من الجمالية إلى مكب الحراكي  فقط ومنه يتم نقلها إلى مطمر الفرقلس  دون نقلها إلى مكب أم العمد …. لاسيما أن مكب الحراكي  يقع  في منتصف المسافة الكائنة  بين أم العمد والفرقلس.
 و تمنى زيادة مخصصات البلدية المادية  لصيانة الآليات وتزويدها  بسيارة  هيدروليك لترحيل  القمامة  من كل القرى التابعة للبلدية  وتخدم المواطنين البالغ عددهم 11 ألفاً .
نقطة طبية  
لايوجد في القرية نقطة طبية ولا حتى طبيب أو صيدلية .. ويلجأ الأهالي عند الحاجة  إلى  مستوصف  تل شنان .
 زيادة المخصصات
القرية تفتقر لوجود معتمد لتوزيع مادة الغاز ويقوم الأهالي باستجرارها من المؤسسة الاستهلاكية  في قرية الحراكي في فصل الصيف, أما  في فصل الشتاء  فاستهلاك الأهالي للمادة كبير نتيجة حاجتهم لها في تصنيع الألبان والأجبان كونها مصدر رزقهم فهم يعملون برعي  الأغنام  وبيع الحليب ومشتقاته  من الألبان والأجبان ويذكر أنه خصص للقرية 30 اسطوانة  غاز فقط وتباع بالسعر المحدد.
المادة متوفرة
يقول مختار القرية  : تم تشكيل  لجنة تضم  رئيس الجمعية الفلاحية والمختار وعضو  مجلس بلدي لتوزيع مادة المازوت على المواطنين .
وقد تم توزيع دفعة واحدة بمعدل 100 ليتر لكل عائلة العام الماضي , وتستجر المادة من محطة الشوكتلية  ، كما تم توزيع ما كميته 30 % لمرة واحدة من مادة المازوت للمكننة الزراعية ، ويعقب  رئيس البلدية  أن جزءاً  من مادة  المازوت المخصص للتدفئة المنزلية  خصص  للمكننة الزراعية إذ يوجد  بالقرية 10 جرارات , والكمية المخصصة لها غير كافية , لذلك  نتمنى زيادة  مخصصات المكننة الزراعية من مادة المازوت .
الكهرباء مقبولة
تم مد الشبكة الكهربائية عام 1983 , واستبدال المحولة في 2016 والتيار الكهربائي  جيد ولا يوجد أي استجرار عشوائي .
الكبل مسروق
القرية مزودة بشبكة  الهاتف الأرضي منذ عام 2005 وهي هوائية مما جعلها عرضة للأحوال الجوية السيئة وهي بمسافة 1 كم تقريبا ً وتتبع إداريا ً لمقسم  تل شنان .
 ويشير الأهالي إلى أنه تمت سرقة  الكبل الهوائي الخاص بالهاتف الأرضي , ويوجد في القرية  60 مشتركا ً مع الإشارة إلى أن قرية الجمالية الوحيدة المزودة بكبل هوائي للهاتف  دون القرى المجاورة  التي حظيت بشبكة أرضية .
أخيرا  
 يقوم أهل القرية   بزراعة القمح والشعير وزراعات بعلية  أخرى ولكن  المواسم  ليست  كما يجب بسبب الجفاف وقلة المياه وسوء الأحوال  الجوية أما فيما يخص الجمعية الفلاحية  فتضم  70 عضوا ً تعاونيا ً وقد تم  في عام 2016 توزيع مبالغ مالية كتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمواسم .
  كما يربي أهل القرية الأغنام والبالغ عددها  حوالي 200 رأس إضافة إلى الماعز أيضا  والبالغ عددها تقريبا ً 225 رأسا ً .
 تحقيق وتصوير: نبيلة إبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار