«البسطات» ظاهرة تغزو المدينة … إشغال للأرصفة وعرقلة لحركة المرور .. إيجاد سوق لتجمعها ضرورة ملحة بدلاً من انتشارها العشوائي
أينما تجولت في شوارع المدينة والأحياء ترى البسطات وعربات الباعة متواجدة على الأرصفة وفي الشوارع من كل حدب وصوب ،فلا يخلو شارع رئيسي في مدينتنا من انتشار الأكشاك والبسطات مما يعيق حركة المواطنين ،ويسبب كثافة مرورية عدا عن المنعكسات السلبية الأخرى وهذه المشاهد اليومية باتت تزعج المارة وأصحاب المحال التجارية ولا تعد هذه الظاهرة جديدة في مجتمعنا شأنها شأن العديد من المجتمعات ،ولكن ازدادت و برزت كأحدى مفرزات الحرب التي واجهت البلاد وازدياد عدد الوافدين إلى المدينة الذين تهجروا من قراهم و بلداتهم وتعرضوا لظروف معيشية قاسية ,مما اضطرهم للبحث عن مصدر رزق آخر عبر لجوئهم إلى البسطات ونشرها في أحياء المدينة .
إلا أن استفحال انتشار هذه الظاهرة «البسطات» في شوارع وأحياء المدينة أثارت استهجان الكثيرين لما تخلفه من مساوئ كثيرة تبدأ بالازدحام الشديد نتيجة التعدي على الأماكن المخصصة لمرور المشاة «أطفال ونساء وشيوخ» هذا عدا عن تأثيرها على المظهر الجمالي لمدينتنا .
تجولنا في العديد من الأحياء والمناطق لاحظنا انتشار البسطات العشوائية المختلفة (مواد غذائية ، ألبسة ،أحذية, أدوات كهربائية وغيرها )، مما يضيق الخناق على أصحاب المحال التجارية ويسبب الكثير من الإشكالات والازدحام المروري يوميا ….
مع المواطنين
قال أحد المواطنين : بدأنا نلاحظ مؤخرا قيام بعض المستثمرين وأصحاب الأكشاك بتغيير شكل الأكشاك إلى نمط جديد مميز والتوسع به واستغلالهم حيزا كبيرا من الأرصفة مما يتسبب بقطع الأرصفة والشوارع الرئيسية وبزحمة مرورية للسيارات و للمارة …
تشديد الرقابة
وأضاف: إن انتشار البسطات في الأسواق الشعبية والشوارع التجارية وحتى داخل الأحياء أصبحت أمرا مزعجا ليس فقط لأصحاب المحال بل أيضا لمرتادي السوق ، ولذلك لا بد من التشديد وزيادة الرقابة على بسطات المواد الغذائية نظرا لمخاطرها على صحة المستهلك , ولعدم معرفة مصدرها وطريقة اعداد الأطعمة والمشروبات المعروضة ، وعدم التهاون في تطبيق الأنظمة والتعليمات على المخالفين.
بعض المواطنين أبدوا انزعاجهم من الانتشار المتزايد للباعة الجوالين والبسطات التي تفترش الشوارع وتشغل الأرصفة في مختلف أحياء المدينة لكنهم قالوا : نحن لا نريد أن نقطع الارزاق فمن حق كل رب أسرة تأمين معيشة وقوت عائلته , وهذه البسطات بالتأكيد هي مصدر الرزق الوحيد للكثير من العائلات ولاسيما المهجرة ,ورغم ذلك هذه الظاهرة تحتاج إلى تنظيم من قبل الجهات المعنية وإيجاد أماكن مناسبة لهم .
مصدر رزق
وأشار أحد أصحاب الأكشاك والبسطات الى أن الأكشاك هي مصدر رزقهم الوحيد خلال سنوات الحرب الصعبة ، وخصوصا أن أغلبهم من ذوي الشهداء أوجرحى حرب، وكذلك الحال بالنسبة لأصحاب البسطات ممن تهجروا من قراهم وبلداتهم، وتمنوا أن يكون هناك مراعاة لظروفهم الإنسانية وتقديم التسهيلات لهم وعدم فرض شروط قاسية عليهم تجبرهم على الالتزام بمعايير معينة .
منافس حقيقي
فيما تحدث بائع إحدى البسطات إلى تعرضهم للمضايقات من أصحاب المحال التجارية المحيطة، والذين يعترضون على وجودهم أمام محالهم ويعتبرونهم منافسا حقيقيا لهم في بضاعتهم ومصدر رزقهم، (كون المُنتجات المعروضة على البسطات تباع بأسعار أقل).
الظروف لا ترحم
و تحدث أحد أصحاب البسطات قائلا: عملت فيما مضى سائق تكسي أجرة ولكن بسبب كثرة الأعطال وارتفاع أجور الصيانة والإصلاح توقفت عن العمل ,وبعد أن أغلقت الأبواب في وجهي، لجأت لهذه البسطة، كي أتمكّن من توفير احتياجات أبنائي، و دون أن أضطرّ لمدّ يديّ لطلب العون , حتى أن هذه البسطة بالكاد تكفي لتوفير الاحتياجات الأساسية لأسرتي, و حياتنا تزداد صعوبة يوماً بعد يوم …
تنظيم عملها
أحد المواطنين الذي رأيناه يقلب في بضاعة إحدى البسطات قال : هذه البسطات تمثل ملجأ للشريحة العظمى «ذوو الدخل المحدود»لأن أسعار البضاعة التي تعرضها أقل من تلك التي تُعرض داخل المحال التجارية.
لذا يترتب على الجهات المعنية تنظيم عمل هذه الشريحة ، بدلاً من القمع والمخالفات لأصحاب البسطات الذين يقتاتون مع عائلاتهم من موردها .. وبرأيي أن منعها في هذه الظروف يزيد قساوة الظروف المعيشية التي يعيشها الكثيرون …
إحدى تداعيات الحرب
إلهام شبيب مديرة شؤون الأملاك في مجلس مدينة حمص أشارت إلى أن ظاهرة انتشار الإشغالات على الأملاك العامة هي إحدى تداعيات الحرب التي مر بها بلدنا بكل نواحيها الاجتماعية و الاقتصادية .
حيث انتشرت إشغالات الأرصفة في الأحياء الآمنة سواء من أصحاب المحال أو من المهجرين من الأحياء الساخنة أو الوافدين من بقية المحافظات وبعد بدء عودة الأمن والأمان إلى المدينة نقوم بكافة الإجراءات لقمع هذه الظاهرة ،حيث تمت إزالة كافة الأكشاك من أحياء كرم الشامي والإنشاءات، الغوطة ،الحمراء، صائب العظم خلال المدة التي تم تحديدها لذلك ,مع مراعاة الحالات الإنسانية لذوي الشهداء وجرحى الحرب حيث تم إيجاد مواقع بديلة لهم في شارع معن بن أوس .
سوق تجمع
وقد تم تشكيل لجنة لإيجاد مواقع لإنشاء سوق لتجمع البسطات في منطقة السوق وعملنا مستمر وبشكل يومي من خلال القيام بجولات وتنظيم حملات يومية لقمع كافة المخالفات على الأملاك العامة ,وقد تم التنسيق مع قسم شرطة المدينة لتسيير دوريات مسائية منعاً من عودة الإشغالات التي تم قمعها أثناء الدوام صباحاً ,ويتم قمع المخالفات بكافة الطرق المنصوص عنها وفق القوانين والأنظمة الناظمة.
وبالنسبة للمواد المصادرة فإن المواد الغذائية يتم تسليمها إلى الجمعيات الخيرية بموجب إيصالات تسليم أصولية .
أما المصادرات الأخرى فتدخل إلى مستودعات مجلس المدينة تمهيداً لبيعها بالمزاد العلني وبلغ عدد ضبوط المخالفات التي تم تنظيمها لعام 2018/ 750 ضبطا مخالفا( إشغال أملاك عامة ..)
بقي أن نقول
إن الباعة المتجولين والبسطات والاكشاك باتوا يشكلون ازعاجا للمواطنين والتجار على حد سواء حيث انهم يضيقون الطرقات العامة ويشكلون منافسة للتجار الذين يقومون بدفع الرسوم والضرائب لمجلس المدينة , والمشكلة أن هؤلاء الباعة وأصحاب البسطات يتنقلون من منطقة إلى أخرى دون حسيب أو رقيب.
فهل هناك من رادع لهذه الظاهرة المستفحلة في كل مكان ؟!! لا نقصد قطع الأرزاق ولكن نتمنى ايجاد حلول جدية تعود بالفائدة على الجميع ..
هيا العلي