افتتحت عروض احتفالية يوم المسرح العالمي فرقة اشبيلية المسرحية بعرض مسرحي حمل عنوان «اللص الشريف » من تأليف داريو فو وإخراج فهد الرحمون .
المشهد الافتتاحي الذي قدمته الفرقة يقدم مفتاح العرض المسرحي من خلال الكشف عما يحمله من إشارات ربما لا تفصح عن الكثير من المقولات لكنه ربما يشي بالواقع الذي حاول العرض تقديمه بشكل أو بآخر، حيث نكون أمام مشهد راقص على أغنية ايطالية يتبادل فيها الراقصون السيدات اللواتي يرقصن في مشهد وهذا مؤشر على وجود العلاقات المتبادلة والتي لم تكن مخفية على أحد إلا في زمن ومكان العرض المسرحيين وقدمت بشكل كوميدي وخفيف عبر قصة العرض المسرحي الذي يدخلنا إليه بعد انتهاء المشهد الغنائي الراقص حيث نكون أمام مشهد دخول لص إلى إحدى البيوت التي تبدو عليها مظاهر النعمة التي حاول العرض أن يقدمها حيث يتناول اللص علبة فيها مجوهرات يحاول أن يفرغ محتواها في كيسه القماشي الصغير الذي يحمل كل ماغلا ثمنه وخف حمله حيث يرن الهاتف في تلك اللحظة التي يحاول اللص فيها سرقة محتويات علبة المجوهرات وتكون على الطرف الآخر زوجة اللص التي يكشف الحوار معرفتها بسيناريو السرقة ويبدأ الحوار الذي يبدو بين حبيبين عبر الهاتف بشكل يظهر مفارقة كوميدية في ذلك الحوار الذي لايتم إلا في ذلك الظرف الاستثنائي « زمن السرقة» مظهرا دلع وغيرة الزوجة على زوجها ومحاولة الزوج إرضاء زوجته على الهاتف في الوقت الذي يأتي صاحب البيت مع عشيقته مستغلا غياب الزوجة فيختبىء اللص في بيت الساعة الذي يكون موقعه في عمق المسرح ليبدأ حوار بين صاحب البيت وعشيقته كاشفا ً أسلوب كوميدي عن بعض التفاصيل في العلاقة غير الشرعية بينهما وتزيد في قلق وتوتر الجو بينهما اتصال زوجة اللص التي تسأل عن زوجها حيث تفصح عن وجوده في البيت فيظن الزوج أنه مرسل من قبل زوجته لمراقبته وفضح علاقته بعشيقته حيث يزداد منسوب التوتر في الحوار حين يعلم الزوج أنه كان تحت المراقبة لمدة عشرة أيام فلا يدري ماذا يفعل وتأتي لحظة درامية في العرض حين يخرج اللص من مخبئه اثر رنين الساعة الذي يضرب على رأسه حيث يسقط على الأرض طالبا ً بعض الماء وهكذا يجد الزوج وعشيقته نفسهما في وضع حرج للخروج من ورطة كشف العلاقة حيث تتوالى الاحتمالات التي تبدأ بالتخلص منه عن طريق القتل أولا ً ومن ثم محاولة جعله يشرب حتى يصل حالة السكر وفي هذه الحالة فإن كلامه لايعتبر مسؤولا ولكن مع ذلك فإن هذا الاقتراح يسقط أمام قدوم الزوجة حيث يقنع الزوج زوجته أن عشيقته هي زوجة اللص وهكذا تتالت المشاهد بأسلوب تتعقد فيه الأمور وكلما حاول الزوج أن يخرج من ورطته التي دخل فيها فإنها تزداد تعقيدا ً إلى أن يكشف في النهاية عن سلسلة من العلاقات غير الشرعية بين شخصيات العرض المسرحي فزوجته أيضا تبدو على علاقة غير شرعية مع زوج عشيقته وعلى هذا فإن ذلك الكذب واللصوصية التي تبدو في حالة اللص تبدو مبررة وأكثر شرعية من تلك العلاقات غير الشرعية مع الأزواج الذين يكونون أمام لحظة الكشف في نهاية العرض حين دخول اللص الثاني مبررين ماحصل أنه ليس إلا سوء تفاهم.. فهل يبرر العرض المسرحي الخيانة الزوجية أم أنه يقول أنها بمستوى وربما أعلى من مستوى السرقة التي قام بها اللص الأول واللص الثاني ؟!
اللص الذي اعتبر في العرض المسرحي شريفا في سرقة المجوهرات لم يبرر تلك الخيانة الزوجية إلا عن طريق الأزواج الذين اعتبروا أن علاقاتهم هي مجرد سوء تفاهم والسرقة هي سرقة موصوفة تستوجب العقوبة .
عرض «اللص الشريف» كان عرضا يمكن القول إنه عرض شعبي وبسيط بأسلوبه ولغته المحكية التي كانت قريبة جدا من الجمهور واستطاع العرض على مدى الساعة والنصف أن يشد الجمهور عبر القصة المسرحية المفترضة والتي كانت بتفاصيلها قريبة إلى الجمهور بالأداء البسيط معتمدا على المفارقات التي قام عليها البناء المسرحي والتي سحبت الضحكة من الجمهور الحضور حيث يمكن القول إننا كنا أمام كوميديا الموقف عمقها أداء شخصيات العرض المسرحي الذي كان عفويا وبسيطا لم يحمل أي فزلكات بل كنا أمام أسلوب أداء ربما كان مغرقا
في العفوية ومبالغا فيه لم يكن تهريجا بمعنى التهريج لكن فيه بعض المبالغة وهو أسلوب الأداء الذي يطلق عليه “الفارس” .