تحية الصباح ..الماغوط .. وسنية !!   

 

لم أر خلال مطالعاتي , في الأدبين العربي والعالمي أديباً يصرح للعلن أن زوجته هي ملهمته و” مربيته ” وسنده والسبب الرئيسي في وصوله إلى ما وصل إليه من مجد أدبي , فكان بين خمسة أدباء كبار يشار إليهم خلال النصف الثاني من القرن الماضي .

أما الأديب الشاعر والمسرحي فهو محمد الماغوط وأما الزوجة فهي الشاعرة سنية صالح… قصة تشبه قصة الشاعر الفرنسي ” آراغون ” وزوجته ” ليزا ” الذي أبقاها في غرفة نومهما كما يقال عدة أيام حتى أعلن عن وفاتها .. وأبقى غرفة نومهما لأشهر كما تركتها ” ليزا ” .

الماغوط الذي التقى سنية في بيروت بدأ حينها بكتابة حياته الزوجية .

في بيروت , بدأت سنية النشر , تنشر قصائدها التي ظهرت في دواوينها فيما بعد ” ولاسيما ديوان ” حبر الإعدام ” والضجة التي أثارها النقاد حول شعرها سببها أنها قريبة من وسائل النشر والصحافة , وأن ما تكتبه جدير بالاحتفاء قبل أن ينظر إلى شعرها من منظور أنها زوجة محمد الماغوط الذي كان للتو في ستينيات القرن الماضي قد حصد شهرة واسعة وهو مع عديله أدونيس من رواد قصيدة النثر مع الشاعر بدر شاكر السياب الذي عاش في بيروت ردحاً من الزمن مع الماغوط و أدونيس .

وفي دمشق , التي اتخذها الماغوط وسنية سكناً لهما فكانت سنية الزوجة والمربية والأم , تجوب المكتبات لتأتي بالكتب للماغوط كي تشبع نهم القراءة لديه .

الماغوط , الزوج والشاعر القدوة , من أهم المكونات الثقافية والإيديولوجية لدى سنية صالح وهي أيضاً كانت ملهمته التي أهدته ابنتيه ( سلاف وشام ) . التي قال عنهما أنهما نجمتان تهديانه لقراءة ما على الأرض من ياسمين وحوادث وشعر ونبيذ و …..و …!!

انضم الماغوط إلى مجلة ( شعر ) وانسحب منها 1961 , وبرر انسحابه منها بالقول : (افترقنا لأنني شاعر أزقة ولست شاعر قصور).

شارك بقوة في تأسيس صحيفة تشرين عام 1975 وقبل ذلك كان رئيساً لتحرير ( مجلة الشرطة ) وكتب فيها وفي تشرين مقالات ساخرة لاقت شعبية كبيرة .

وفي أغلب لقاءاته الصحفية والمتلفزة كان يردد أن زوجته سنية هي ( قارئته ومعلمته الأولى في الشعر والحياة ) وأن رأيها كان أساسياً فيما يكتب .

وغني عن القول: إن الماغوط الذي ولد في بيئة فقيرة جداً استطاع أن يعيش بدمشق في منزل له من خلال مردود كتاباته في الصحف لاسيما العربية التي كانت تتسابق للفوز بمقالاته الساخرة , إضافة إلى المردود المادي لكتاباته للتلفزيون ومسرحياته مع الفنان دريد لحام .

صحيح أن سنية صالح لم تحرز شهرة كالتي حازها زوجها الماغوط لكنها أحرزت شهرة لا بأس بها على أنها من رائدات قصيدة النثر , وكانت تنفي أنها مطمورة تحت جدار الماغوط وهذا صحيح لأن أية دراسة عن الشعر الحديث أو قصيدة النثر لا يمكن إلا أن تذكر سنية صالح التي فرضت نفسها ولو بدرجة أقل بكثير من الماغوط , على الساحة الثقافية في سورية ولبنان .

كلا الماغوط وسنية أعطيا الشعر الماء والنار . الكثيرون يرون أن سنية عاشت وماتت في ظل الماغوط , لكن هذا الكلام فيه مبالغة كبيرة , إذ لربما جاء بعض شهرتها من الماغوط كزوجة له مع الاعتراف بحضورها الشعري المبدع .

أحبت سنية صالح محمد الماغوط عندما التقته في بيت شقيقتها ( خالدة ) زوجة أدونيس في بيروت في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وتزوجته وهي طالبة في كلية الآداب بجامعة دمشق .

وسنية التي رحلت عام 1985 ودفنت في دمشق , عن عمر ناهز خمسين سنة , تركت الماغوط يجتر ذكرياته وحزنه ليلحق بها عام 2006 عن عمر ناهز أثنين وسبعين سنة ليدفن في سلمية واسمه الكامل ( محمد أحمد عيسى الماغوط ) .

الماغوط طالما أكد في أحاديثه  أنه لا يخاف الرقابة أبداً وأن القائد المؤسس حافظ الأسد قال له : اكتب ما تشاء ولن يراقبك أحد .. ومنحني السيد الرئيس بشار الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة ..

عيسى إسماعيل

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار