الاستثمار يلتهم حدائق حمص ..!! تجاوزات المستثمرين ينفي صفتها كـ “رئة المدينة”.. مواطنون :روائح “الأراكيل” والتجمعات والأصوات تقلق راحتنا .. 70 %من الحدائق خارج الخدمة و16 منها مستثمر و 365 مليون ليرة إيراداتها منذ بداية العام..

تعتبر الحدائق العامة متنفساً طبيعياً للمواطنين في المدن بعيداً عن صخب الحياة وضجيجها.. وهي تحتاج إلى المتابعة المستمرة من الجهات المعنية ومن الضروري أن تكون مؤهلة ومجهزة لاستقبال المواطنين من مختلف الشرائح العمرية ، ولكن للأسف واقع الحدائق في حمص يحتاج للكثير من الاهتمام من مجلس المدينة لتكون فعلياً رئة المدينة ومتنفسها الحقيقي ، خاصة وأن أكثرها تم طرحه للاستثمار الذي غيب المساحة المخصصة للمواطن تحت أعين مجلس المدينة  والذي لديه  مبرراته غير المقنعة باستمرار.

“العروبة ” وبعد أن جالت على بعض الحدائق والتقت المواطنين الذين أبدوا أسفهم  على حال أكثرية حدائق المدينة حيث تعرض قسم منها للتخريب خلال سنوات الحرب ومنها  ما هو مهمل حتى ولو كان جزء منها  مستثمراً.. كما التقت مع المعنيين في مجلس المدينة ” شؤون الأملاك والحدائق”  للاطلاع على آلية العمل والإجراءات المتخذة لتحسين واقع الحدائق  بشكل عام ..

مع المواطنين

أبدى كل من التقيناهم امتعاضهم من إهمال الحدائق وعدم العناية  بها حتى في أبسط الأمور كتبديل وصيانة المقاعد المكسرة وجز الأعشاب وتقليم الأشجار.

أحدهم قال : علمنا أنه تمت زيارة معظم الحدائق من قبل لجنة الخدمات والتي أكدت أن الحدائق ملك للأهالي ولا يجوز دخول الاستثمارات إليها ، لكن الملاحظ في حمص أن معظم الحدائق قد تم استثمارها .

وأضاف أحدهم : لم تقف المسألة على استثمار الحديقة إنما هناك تجاوزات من المستثمر على المساحات المخصصة للأهالي إضافة إلى تسويرها كأنها ملك خاص له ، وعدم الالتزام بتنظيف وتأهيل المساحات الأخرى غير المستثمرة التي تجاور المساحات التي تم استثمارها  منوها أن مدينة حمص من المدن التي فيها نسبة تلوث كبيرة تحتاج لزيادة المساحات الخضراء لتكون متنفساً للأهالي وخصوصاً الأطفال الذين يلجؤون إليها للعب.

أحد المواطنين أيضا قال : تراجعت  كثيراً المسطحات الخضراء نتيجة طرح مجلس المدينة الحدائق للاستثمار وكأنه غير قادر على إيجاد استثمارات أخرى تعود عليه بالفائدة غير الحدائق متناسياً راحة المواطنين. ، مؤكداً عدم التزام  المستثمرين بأسعار المواد المباعة  وإحداث الضجيج والتعدي أحياناً على الشوارع كما في حي عكرمة خلف شارع الحضارة حيث تنتشر روائح الأراكيل والتجمعات بشكل يزعج السكان ، كذلك في حي الزهراء وقيام أحد مستثمري الحدائق بقطع شارع رئيسي للمارة لاستخدامه كملحق للكافتريا التي تم استثمارها مما يعيق حركة السيارات خاصة مع ضيق الشوارع هناك وتساءل : لماذا لا تكون قيمة مردود الاستثمار تتناسب مع غلاء أسعار المواد المباعة في  تلك المطاعم والكافيهات وهل عجز مجلس المدينة عن إيجاد استثمارات أخرى غير الحدائق التي تشكل مكان  راحة وتنزه للأهالي ؟

أعمال اعتيادية

أوضح مدير مديرية الحدائق في مجلس المدينة المهندس وليد عطية أنه يتم تنفيذ المهام الاعتيادية باستمرار للحفاظ على الحدائق وإظهارها بالشكل اللائق حيث يتم تقليم الأشجار الخضراء والمتشابكة أغصانها مع أسلاك الشبكة الكهربائية والمهددة بالسقوط وتنفيذ ما تمت الموافقة  عليه من  طلبات المواطنين لإزالة الأشجار  نتيجة الأضرار التي تسببها والتي تمنحها مديرية الزراعة ( الأشجار الحراجية ) والتي تسبب إغلاق شبكة الصرف الصحي والتأثير على الأبنية في حال مجاورتها  بالإضافة إلى إزالة الأعشاب من الأحواض المنتشرة في كافة أنحاء المدينة والمنصفات

والحدائق غير المزروعة بالمسطحات الخضراء بالإضافة إلى حراثة الأحواض ومتابعة أعمال قص الأعشاب وسقايتها في فصل الصيف وتنظيف الحدائق والمنصفات ضمن المدينة و زيادة عدد النباتات ضمن المشاتل العائدة للمديرية (نباتات الزينة).

وأشار أنّ عدد الحدائق كان قبل الحرب ما يقارب الـ (247)حديقة من ضمنها الأحواض  والشرائط الحدائقية وحالياً (70%) منها خارج الخدمة علماً أننا  نقوم بتنظيف الحدائق الخارجة عن الخدمة و تقليم الأشجار فيها ماعدا (المسطحات)ويبلغ عدد العمال في المديرية حوالي (157)عاملاً.

وبين أنّه يتم تقليم وإزالة الأغصان اليابسة في بعض الأشجار مثل الكينا أو النخيل وفي حال تم تقديم شكاوى من المواطنين نقوم بمعالجة المشكلة فورياً بالإضافة إلى التقليم الدوري وخاصة في فصل الشتاء تفادياً للحوادث منوهاً أنه في حال وجود تشابك للأشجار مع الشبكة الكهربائية يتم التواصل مع طوارئ الكهرباء أو العكس ومعالجة الضرر تفادياً لأي خطر على حياة المواطن أو تضرر الشبكة الكهربائية.

صعوبات تعيق العمل

ويبين مدير الحدائق الصعوبات التي تعترض العمل منها النقص الحاد في الأيدي العاملة ( الشابة ) فمعظمهم كبار السن,بالإضافة إلى قلة  المحروقات ( زيت معدني – بنزين – مازوت ) خاصة في فصلي الربيع والصيف مما يؤدي إلى توقف الصهاريج  عن العمل لمدة أربع أو خمسة أيام  وبالتالي تراجع الغطاء النباتي الذي يتم سقايته عبر الصهاريج وخاصة في فصل الصيف .

ونعاني أيضاً من نقص الآليات (صهاريج – جرارات – قلابات ) وعدم توفر رافعة خاصة لمديرية الحدائق لمتابعة أعمال إزالة أوراق أشجار النخيل اليابسة والتي تكون عرضة للحرائق في فصل الصيف  إضافة لذلك ساعات التقنين الطويلة  والتي تؤثر سلباً على آلية العمل ، ونقص الاعتماد المالي المخصص للحدائق .

مخالفة المستثمر

وفيما يتعلق باستثمار الحدائق أوضحت مديرة شؤون الأملاك الهام شبيب أن عدد الحدائق المستثمرة حوالي (16) حديقة وكل عقد يتضمن شروطه الخاصة والمدروسة والمتضمنة التزامات المستثمر والإجراءات  اللازم اتخاذها في حال مخالفته لها .

منوهة أنه عند مخالفة المستثمر للشروط يتم توجيه (إخبار ) أو إنذار كمرحلة أولى  وفي بعض الحالات يتم التدخل من قبل مديرية الحدائق  للقيام بالأعمال اللازمة للمحافظة على المسطح الأخضر وتغريم المستثمر بالكلفة بعد حسابها أصولاً.

و بلغت إيرادات الحدائق المستثمرة 365 مليون ليرة منذ بداية عام 2024 وحتى تاريخه حيث ستخضع  جميعها للتوازن السعري وفق تعميم وزارة الإدارة المحلية  ويسددها  المستثمر الشاغل إضافة إلى كلف الصيانة والتأهيل الملتزم بها وفقاً لشروط التعاقد.

فسخ قرار الإشغال

وأوضحت  أن الحدائق المستثمرة موزعة  بشكل متساو بكافة  أنحاء  المدينة بحيث تخدم المجتمع المحلي على مدار السنة ، ومنها حديقة ” الملعب البلدي-الدبلان-باب هود- كرم الزيتون-العباسية والمهاجرين ” وفي حال عدم التزام المستثمر بالشروط نقوم بفسخ قرار الإشغال أو الترخيص وذلك بعد   توجيه إنذار لأكثر من مرة بقرار يصدر عن المكتب  التنفيذي لمجلس المدنية  وفق الصلاحيات الممنوحة له .

ومثال على ذلك تم فسخ عقد حديقة الدبلان سابقاً للأسباب المذكورة أعلاه وعدم الالتزام بالشروط.

حديقة الشعب

فيما يخص حديقة الشعب قالت : تبلغ مساحتها ” 320″ دونماً ممتدة من إشارة الكورنيش شارع نزار القباني حتى دوار ديك الجن سابقاً .

وقد تم إعداد دراسة لطرحها للاستثمار وخاطبنا وزارة  الإدارة  المحلية للموافقة  على طرحها للاستثمار لما تحققه من إيراد  جيد يرفد خزينة  مجلس المدينة ولاسيما بأنه يعتمد على التمويل الذاتي لتقديم الخدمات اللازمة لمدينة حمص.

وأضافت :  يسعى مجلس المدينة للحفاظ على هذه الحدائق وتأمين الخدمات الترفيهية للمواطنين ” مقاعد –  إنارة  – مناهل – ألعاب أطفال ” وفق ما تتضمنه دفاتر الشروط الخاصة بكل استثمار.

لابد من القول:

إن الممتلكات العامة ومنها الحدائق هي حق لكل المواطنين وينبغي على جميع الجهات  المحافظة على هذه الممتلكات وصيانتها والاهتمام بها .

رهف قمشري- بشرى عنقة

تصوير :إبراهيم حوراني

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار