لا أحد ينكر دور وأهمية الآثار في إبراز شأن وعظمة الأمة ..فالآثار شاهد حي كبير على ما قام به أفراد مجتمع من بناء وعمران وصروح وما خلفه من إرث حضاري يدل على فن أمة ..ورقيها تركوه ليبقى شاهداً وإرثاً حضارياً إنسانياً للعالم كله يفخر به ويدهش.والإنسان بلا تاريخ ..إنسان بلا مستقبل ..إنها آثار بلادي سورية التي نراها سامقة شامخة كشموخ أجدادنا الذين بنوها وعمروها وما أروعها وما أغلاها ! بفن معجز أدهش العالم كله ..
أرضنا في سورية تزخر بأماكن أثرية لا مثيل لها في العالم كله منها ما اكتشف ..ومنها مازال مدفوناً تحت التراب محفوظاً يغفو منذ آلاف السنين هي مجدنا وحضارتنا وعنوان رقينا وتطورنا منذ القديم وهذا ما عبر عنه شاعرنا العربي بقوله :
هذه آثارنا تدل علينا
فانظروا من بعدنا إلى الآثار
وفي سورية مواقع أثرية كثيرة عظيمة فلا تكاد محافظة من محافظات القطر تخلو منها ..فأينما يممت وجهك تجدها منتصبة أمامك ..تستقبلك وتحييك وتقول أهلاً بالزائرين .وفي الغرب في اللاذقية (رأس شمرة )و(أوغاريت )وأول أبجدية في التاريخ وفي الشرق حضارة وآثار ما بين النهرين ..ومدينة ماري ومدينة تدمر المدينة المتكاملة التي تسحر ..وتبهر السائحين والزائرين والمنقبين والمهتمين بدراسة الآثار من بعثات عربية وأجنبية ..وفي الشمال مواقع كثيرة أيضاً ..قلعة حلب الشامخة ..وأفاميا ..وجنوباً (آثار بصرى )في درعا و(شهبا )في السويداء ..والكثير الكثير ..وسورية تفتح صدرها الرحب لكل زائر ..ولكل سائح فهي بلد الحضارة والأمان وهي الموطن لكل إنسان ..مما حدا بأحد المؤرخين الأجانب الذين زاروها ..وعشقوها أن يكتب ويقول كلماته الرائعة (لكل إنسان وطنان ..وطنه الأم وسورية )وكم كانت سورية تغص بالسائحين والزوار الذين يأتون لزيارتها ..والاستمتاع بجوها وآثارها قبل الحرب القذرة التي نعاني منها منذ أكثر من سبع سنوات والتي خطط لها لتدمير آثارنا ..وسرقتها ونهبها .. وا أسفاه أن يدمر وينهب مجد أمة ضاربة الجذور في التاريخ ..ستعود سورية ويعود زائروها إليها ليشهدوا ويروا آثار التخريب والدمار ..والنهب الذي حل بها ..وستبقى آثارها ..منارة هدي ورقي وحضارة .إنها كنوز الجدود الأكرمين التي لا تقدر بثمن فن وأصالة وعراقة وأمجاد لا تفنى .
آثارنا مجدنا وعزتنا ..وكرامتنا ..والحفاظ عليها وحمايتها واجب وطني إنساني أخلاقي فلنزرع حب الآثار ..والاهتمام بها ..ومعرفة من بناها في نفوس أبنائنا صغاراً وكباراً ولنعرفهم عليها عن طريق المناهج التربوية ..والرحلات المدرسية ..والإعلام فكثير من أبنائنا يجهلون أماكنها ولا يعرفون من بناها ..وهذه مسؤوليتنا جميعاً مؤسسات وأفراداً ..الآثار .. آثار أبنائنا ..لنحمها ..لنعشقها ..لنتعرف عليها ..فهي تحدثنا عن أجدادنا ..وهي عنوانهم ..أولئك الذين تعبوا لتزدهر أرضهم ..ويعلو شأنهم ولنتذكر قول الشاعر فيهم:
منازل قوم حدثتنا حديثهم
ولم أر أحلى من حديث المنازل
ولنعلم جميعاً أن من يصن آثار بلده ..ومجد أجداده يصن كرامته وشرفه وعرضه .
برهان الشليل