تحية الصباح..أيلول

يلملم عباءته ويهم بالرحيل حاملا معه ذكريات في تفصيلها ما يميزه عن شهور العام جميعا , ففي شهر أيلول تفتح المدارس أبوابها ويتوجه التلاميذ والطلاب على اختلاف صفوفهم إليها وقد سبقتهم أحلامهم باجتياز عام دراسي يكون حصاده النجاح والانتقال إلى محطة جديدة تكون فيها بذور الأمل قد نمت وترعرعت من جديد أيضا ,وفي أيلول يجمع الفلاحون ماتبقى  من محاصيلهم الصيفية    ويستعدون لتسويق موسم التفاح وجني محصول الزيتون وحراثة الأرض من جديد لزراعة المواسم الشتوية التي يأتي في مقدمتها محصولي القمح والشعير والبقوليات.
في أيلول تهاجر الطيور عائدة إلى مواطنها الأصلية لبداية دورة حياة  جديدة بعد اغتراب طويل تحملت فيه مشاق السفر والغربة .
وفي أيلول تبدأ درجات الحرارة بالانخفاض ليكون شهر الاعتدال الحراري تمهيدا لاستقبال قطع الغيوم البيضاء والرياح الخريفية التي تنتزع ثياب الأشجار الموسمية فتتشابه في لون جذوعها وأغصانها مع الأرض بعد أن تكون أوراقها اليابسة قد ملأت الحقول والطرقات متناغمة مع رياح الخريف ومشكلة موسيقا لا تعزفها إلا الطبيعة وكأنها قد شاخت وأصبحت في الهزيع الأخير من العمر كل تلك اللوحة الداكنة المتشحة بحزن الرحيل والفراق لن تكون بعيدة عن لوحة داكنة أخرى ترتسم على النفوس التي أنهكها البحث الدؤوب عن أيام من العمر لا فاقة فيها ولا أوجاع إذ أن شهر أيلول هو شهر تأمين مونة فصل الشتاء فالمكدوس وأنواع المعقود تحتاج إلى مبالغ مالية باهظة وخاصة على الأسر الفقيرة وما أكثرها وما أثقلها على الموظفين الذين لا تكفيهم رواتبهم لتغطية معيشة الأسبوع الأول من الشهر هذا إذا لم يكن الراتب قد تم صرفه سلفا . ويتزامن هذا الأمر مع ذهاب التلاميذ إلى مدارسهم وإلى المعاهد والجامعات فالطلاب بحاجة إلى قرطاسية والى ثياب مدرسية أما طلاب المعاهد والجامعات فهم بحاجة أيضا إلى تأمين كتب ومحاضرات وإلى أجار سيارات خاصة بالنسبة لأبناء الريف وهذا ما يستهلك مبالغ مالية كبيرة بالنسبة للموظفين ويجعلهم في دوامة لا نهاية لها فمستقبل أولادهم مهم جدا وتأمين لقمة العيش مهمة أيضا وهذا يتطلب من الحكومة إعادة النظر في رواتب الموظفين لكي تؤمن لهم الحد الأدنى من متطلبات المعيشة . يضاف إلى ذلك أن قدوم فصل الشتاء يستدعي تأمين مادة التدفئة ( المازوت ) وثمن البرميل الواحد يعادل راتب شهر . وكلها تأتي وراء بعضها حيث يخرج الموظف من هم ليدخل في دوامة هم جديد.
ما يتطلب فعليا إيلاء المواطن ومعيشته الاهتمام الذي يستحق أن يكون في أولويات اهتمامات الحكومة خاصة أننا قد حققنا أعظم انتصار على أعداء الوطن والشعب وذلك بتلاحم القيادة الحكيمة مع الشعب والجيش حيث أن شعبنا الأبي الذي لا يقبل الضيم قدم الشهداء ليبقى الوطن عزيزا منيعا .
هو أيلول الذي نتمنى قبل رحيله أن يكون ذيله مبلولاً.

شلاش الضاهر

المزيد...
آخر الأخبار